"هآرتس": انتظار المستوطنين بتوتر أسوأ من الانفجارات

صحيفة "هآرتس" تنشر تقريراً يستطلع الأوضاع في مستوطنات غلاف غزة قبيل العدوان الإسرائيلي ورد المقاومة.

  • في مستوطنات الغلاف يُجملون العملية:
    في مستوطنات غلاف غزة عاش المستوطنون حالة من الخوف بسبب انتظار ما سيحدث

الكاتب ناتي يافت ينقل عن مستوطنين ما حدث معهم خلال العدوان الإسرائيلي على غزة وما قبله أي خلال  في "مرحلة إغلاق الطرقات".

وفيما يلي النص المنقول للعربية:

في يوم الخميس الماضي، بعد ثلاثة أيام من قيود الحركة في غلاف غزة وإغلاق شبه كامل في مستوطنة كيرم شالوم، وقف العشرات من سكانها قرب بوابتها.

بعضهم انتظر باصاً يُخليهم إلى فندقٍ في القدس، وآخرون انتظروا موافقة للخروج بسياراتهم. خلال ذلك اليوم، أُجّلت الرحلة عدة مرات، والسكان اكتشفوا، لشديد خيبتهم، أن الموافقة لم تأتِ مرة أخرى. شاهد عيان على ما جرى روى: "الأجواء كانت أجواء طنجرة ضغط". فقط بعد مرور ساعتين ونصف، قرابة منتصف الليل، تلقّوا الموافقة المأمولة. 

التوتر في المستوطنة بُني بالتدريج. في اليوم الأول من القيود، ردود فعل السكان كانت هادئة، رغم أنهم لم يفهموا مصدرها. في اليوم الثاني تغيّرت الأجواء وبدأ الإحباط يعتمل. شخص كان مطلعاً على ما يجري قال: "الناس تساءلوا: ماذا يفعلون بنا؟ يلعبون بنا على مستوى أخذ حياة المستوطنة ووقفها في لحظة واحدة. هذا حدث على أساس مصاعب جولات سابقة، لكن الجديد كان انتزاع حرية الحركة. فجأة يقف حارس على البوابة ولا يسمح بالدخول والخروج، من دون أن يشرح أحد السبب". 

نعمي كمين، مديرة جهاز العلاج في مركز المِنعة في مجلس إشكول الإقليمي، تروي أنه في "مرحلة إغلاق الطرقات"، في الأيام التي سبقت العملية، سُجّل ارتفاع مهم في طلبات الحصول على علاج: "كان هناك ارتفاع عام في شعور الخوف، الذي رأيناه أيضاً لدى أشخاص كانوا قيد العلاج. الناس الذين شعروا بانخفاض مستويات الخوف، شعروا بتراجع وكانوا أكثر أهبة، ضغط وخوف أشد وصعوبة أكثر في أداء الوظائف".

بحسب قولها، الميزة الفريدة التي يختبرها سكان الغلاف الذين يعانون مما بعد الصدمة هو التكرار: "تقريباً لا يوجد مجال آخر من علاج الصدمة الذي يختبر فيه المصابون سببها في كل مرة من جديد".

لهذا السبب، اتصل معالِجو المركز بنحو 400 معالَج وفحصوا ما إذا كانوا قد اختبروا ضائقة مستجدة وما إذا كانوا بحاجة لمساعدة. 

وتشير كمين إلى أنّ "هذه الجولة كانت صعبة بوجهٍ خاص لأنّ أيام القيود الثلاثة التي سبقتها كانت شيئاً غير معروف، العدو الأكبر للنفس الإنسانية هو شعور عدم اليقين، الذي يرافقه عجز".

ووفق قولها: "لحظة تبدأ الجولة، نعتاد، لكننا لم نكن مستعدين لانتظارٍ يُنهك الأعصاب. بعد فرض القيود بدأنا نتلقى معلومات عن أن الناس غير هادئين. هذا حدث في كل المستوطنات، لكن في كيرم شالوم هذا كان بارزاً أكثر، لأنهم كانوا محاصرين إلى حد أنه لم يكن بالإمكان إدخال طعام إلى المستوطنة".

وقالت كمين إنّه في هذه الأيام تم تلقّي طلبات من راشدين أكثر مما كان في الماضي، وأوضحت: "الأطفال يستجيبون في الأساس لما يحدث فعلياً، الانفجارات والمناظر، في حين أن الكبار فهموا أن شيئاً ما ليس على ما يرام عندما كان لا يزال هناك هدوء وشعروا بضائقة". 

كذلك أورلي فتال أهارون، موجّهة أهل من مستوطنة غفرعام وتدير مجموعة الفايسبوك "أمهات الغلاف"، تروي أن آثار عدم اليقين لوحظت لدى أهل ترددوا إلى عيادتها: "ما سمعته في الأساس هو أهل لا يعلمون كيف يخططون لما هو آت، ماذا سيحدث، هل يُعدّون الأولاد أم لا لأنه في الحقيقة لا يحدث شيء. أنت تبدأ جولة القتال قبل ان تكون فيها". 

المشاعر الرئيسية التي تصفها فتال هي "عدم يقين وتوتر لا يُحتمل. ظاهرياً لا يحدث شيء وليس لديك شرعية لتتجمد، ومن جهة أخرى أنت متجمد لأن الوضع يؤثر. انتظار اليوم [صوت انفجار] أسوأ من اليوم [الانفجار] نفسه، لأن الانفجارات نعرفها واعتدنا عليها – هذا يحدث". لكن بخلاف ذلك، "الانتظار بهدوءٍ متوتر أسوأ بكثير على النفس". 

فتال تعجبت من مشاهد التقارير عن مدة القتال القصيرة: "في كل مرة أرى فيها العنوان "ثلاثة أيام عملية" أقول لنفسي يا لهذا الهراء، أي ثلاثة أيام؟ هذا يصغّر كثيراً ما عشناه هنا". هي تقول ان هذا التوتر، بما في ذلك الأيام التي سبقت القتال، "بدا كأنه ثلاثة أسابيع وليس ثلاثة أو ستة أيام".