"يديعوت أحرونوت": حملة تجنيد أميركا لحربٍ ضد إيران انتهت!
في موضوعٍ واحد، حاسم لوجود "إسرائيل"، الخلاف حقيقي جداً ومشحون جداً: "النووي الإيراني". الخلاف يتركّز في الماضي ويبسط ذراعيه على الحاضر والمستقبل. نتنياهو يروي قصة، أمّا بينيت فيروي قصة معاكسة.
-
بينيت يزعم أنه عندما عُيّن رئيساً للحكومة اكتشف أن نتنياهو لم يفعل شيئاً
نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" مقالاً للصحفي ناحوم برنياع يقول فيها إنّه "بعد إقناعه بالانسحاب من الاتفاق النووي، ووثوقه من فوزه في الانتخابات، مراهنة نتنياهو فشلت بعد أن كان يؤمل أن يشن ترامب حرباً على إيران".
ويشير برنياع في مقاله إلى أنّ "حملة تجنيد أميركا لحربٍ ضد إيران انتهت من دون إيران ومن دون أميركا!"
وفيما يلي نص المقال منقول إلى العربية:
الكلام القاسي الذي يتبادله نتنياهو وبينيت، من على منبر الكنيست وعلى الشبكة الاجتماعية، غير مناسب بأغلبه للطباعة، كلاهما يضخّمان خلافات غير موجودة، بمفاهيم كثيرة، حكومة بينيت هي حكومة استمرارية لحكومة نتنياهو. هذا بالتأكيد صحيح فيما خص سياسة الخارجية والأمن.
في موضوعٍ واحد، حاسم لوجود "إسرائيل"، الخلاف حقيقي جداً ومشحون جداً: "النووي الإيراني." الخلاف يتركّز في الماضي ويبسط ذراعيه على الحاضر والمستقبل. نتنياهو يروي قصة، بينيت يروي قصة معاكسة. قصة نتنياهو بطولية: هو، بمؤهلاته، بعلاقاته، باستعداده للقتال وليكن ما يكن، نجح في دفع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى الانسحاب من الاتفاق النووي وفرض عقوبات بعيدة المدى على النظام الإيراني.
كان هذا إنجازاً سياسياً ضخماً. بينيت، في المقابل، بسطحيته، بجبنه، بركاكة أفعاله، يدع الإدارة الأميركية تعود إلى الاتفاق النووي. بسببه إيران ستكون نووية.
القصة التاريخية لبينيت أقل بطولية: صحيح، نتنياهو أقنع إدارة ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي. كان واثقاً من أن ترامب سيفوز في الانتخابات، سيقود سياسة أقصى ضغط على إيران، وعندها إمّا يكسر النظام الإيراني ويفرض عليه التخلّي عن المشروع النووي، أو يشن حرباً ضد إيران. لم تكن هنا بطولة، يزعم بينيت. كانت هنا مقامرة مجنونة، مقامرة فشلت. أشخاص في محيط بينيت نقّبوا في الوثائق كي يتبينوا ما إذا كانت هناك خطة بديلة لنتنياهو. لم يجدوا خطة كهذه.
وزير خارجية ترامب، مايك بومبيو، كان في هذا الأسبوع في "إسرائيل". بومبيو ينوي المنافسة في الانتخابات الرئاسية في سنة 2024، إذا وعندما يسحب ترامب ترشّحه. بومبيو قال في محادثاته في "إسرائيل" إنه لو كان ترامب اليوم رئيس الولايات المتحدة فهذا ما كان سيفعله: أقصى ضغط واستعداد لعملية عسكرية. هذا لا يعني أن ترامب كان سيتصرف هكذا. بحسب ما قاله ترامب منذ مدة قصيرة، لم ينوِ بأي حال المبادرة إلى عملية عسكرية ضد إيران.
أيًا يكن، الناخب الأميركي قال كلمته. المراهنة على ترامب فشلت. متحررة من الاتفاق النووي، إيران واصلت دفع المشروع النووي قُدماً.
ثلاثة كانوا شركاء في مقامرة نتنياهو: رئيس الموساد يوسي كوهِن، رئيس هيئة الأمن القومي مئير بن شابات، والسفير في واشنطن رون ديرمر. كوهِن تجنّد في هذا الأسبوع لتخفيف الانتقاد على القرار في سنة 2018 (أي انسحاب ترامب من الاتفاق النووي). إيران ليست أقرب اليوم إلى النووي مما كانت عليه في الماضي، قال كوهِن. كان هذا كلاماً غريباً، من كافة النواحي: في أواخر ولايته في الموساد، سافر كوهِن إلى واشنطن واجتمع بالرئيس بايدن. لقد مارس كل سحره على الرئيس، لكن بايدن بقي فيما هو عليه: إذا أرادت إيران، أميركا تعود إلى الاتفاق النووي. حملة تجنيد أميركا لحربٍ ضد إيران انتهت من دون إيران ومن دون أميركا.
بينيت يزعم أنه عندما عُيّن رئيساً للحكومة، اكتشف أن نتنياهو لم يفعل شيئاً من أجل الاستعداد عسكرياً حيال إيران نووية. في الواقع، وضع كل بيضه في سلة ترامب. بينيت، بخلاف نتنياهو، قرر الاستثمار في تسلّح واستعداد الجيش الإسرائيلي: الحديث عن مليارات. ليس أن أحداً ما يقدّر أن الإيرانيين سيُسقطون قنبلة ذرية على تل أبيب، لكن يجب على "إسرائيل" الاستعداد لهذه الإمكانية أيضاً.
بمفهومٍ معين، الإيرانيون ماضون في مشروعهم النووي في أعقاب "إسرائيل": مشروعهم النووي هو إعلانٌ سياسي لا أقل من كونه سلاحاً استراتيجياً.
في العدد الجديد من مجلة "مجتمع، جيش وأمن قومي"، الذي يصدر في الأسبوع القادم، يحاول البروفيسور أفنير كوهِن، الباحث رقم 1 في النووي الإسرائيلي، الرد على سؤال من الذي يقرر حقيقةً في المواضيع النووية لـ"إسرائيل". المقالة سمحت الرقابة العسكرية بنشرها. جوابه مفاجئ: بن غوريون، يزعم كوهِن، اهتم بأن يُبعد الجيش الإسرائيلي عن المشروع النووي. لقد خشي من خلافٍ في الميزانية. وفي الأساس كان قلقًا من الضباط الألوية الذين عارضوا ديمونا. وقرر، الجيش الإسرائيلي سيقاتل بأسلحة تقليدية. الأصول النووية سيُديرها مدنيون – لا جنرالات ولا سياسيين بل اختصاصيين. المشروع النووي هدف لأن يكون بطاقة تأمين ليومٍ زمهرير. إدارته تتطلب حذرًا. الأصول النووية ستبقى دائمًا "على مسافة معينة من وضعٍ تكون فيه جاهزة للاستخدام".
العقيدة الأميركية تقول إن الرئيس يمكنه أن يضغط على الزر الأحمر لوحده. بحسب كوهِن، "إسرائيل" تصرفت بصورة مغايرة، بأسلوب المفتاح المزدوج: رئيس الحكومة يمكنه أن يتخذ قرارات في مواضيع استراتيجية فقط بموافقة وزير الأمن. إذا كان رئيس الحكومة هو وزير الأمن، يجب عليه اختيار وزيرٍ آخر. رابين اختار بايغا شوحاط في ولايته الثانية؛ بيرس اختار إيهود باراك؛ باراك اختار دافيد ليفي. أتكهن بأن بينيت تصرف كأسلافه: القرارات في موضوع النووي يتشاركها مع بيني غانتس.
يتبين أن الإيرانيين لديهم ما يتعلّموه منّا، في الطريق إلى قنبلة.