النسخة
En Es
شبكة الميادين
  • الأخبار
  • الفيديو
  • الشاشة
  • إنفوغراف
  • اقرأ
  • رياضة
  • ثقافة وفنون
  • بودكاست
  • وظائف
  • المزيد
    • مجتمع
    • بيئة
    • علوم وتكنولوجيا
    • صحة
    • أخبار منوعة
  • • مباشر
أخبار
  • الأخبار العاجلة
  • سياسة
  • اقتصاد
الفيديو
  • الميادين GO
  • تقارير أونلاين
  • فقرات
  • وثائقي الويب
  • ومضات
الشاشة
  • آخر الحلقات
  • قريباً
  • نشرات الأخبار
  • البرامج
  • تقارير إخبارية
  • وثائقيات
اقرأ
  • مقالات
  • الكلمة الأسيرة
  • رأي
  • تحليل
  • متابعات
  • صحافة
  • المدونة
إنفوغراف
رياضة
  • أخبار رياضية
ثقافة وفنون
  • أخبار ثقافية
  • أخبار فنية
  • فضاءات
  • تحقيقات
المزيد
  • مجتمع
  • بيئة
  • صحة
  • علوم وتكنولوجيا
  • أخبار منوعة
مباشر
  • التغطيات
  • ترددات البث
بودكاست
  • اقرأ
  • مقالات
  • رأي
  • تحليل
  • صحافة
  • متابعات
  • المدونة
  • الكلمة الأسيرة
  • اكتب معنا
  1. الرئيسية
  2. عبد الخالق فاروق
  3. متابعات
  4. كيف يفكر الاستعمار الأنكلوسكسوني في سيناء (1-2)

كيف يفكر الاستعمار الأنكلوسكسوني في سيناء (1-2)

  • عبد الخالق فاروقعبد الخالق فاروق
  • 29 تشرين ثاني 2022 10:06

إشراف سيناء على الجزر الإستراتيجية المتحكمة بالطريق بين مصر ومملكة الحجاز وفلسطين -وأهمها جزر تيران وصنافير وشدوان -يجعلها ذات أهمية إستراتيجية لا تقارن بغيرها من المناطق التي تشهد نزاعات أو صراعات متعددة الطرف.

  • كيف يفكر الاستعمار الأنكلوسكسوني في سيناء (1-2)
    كيف يفكر الاستعمار الأنكلوسكسوني في سيناء (1-2)

مخططات الاستعمار البريطاني –ومن بعده الاستعمار الأميركي– لفصل شبه جزيرة سيناء عن مصر قديمة ومستمرة، ولم تتوقف قط، يحكمها منظور صهيوني بالجوهر والعمق يرتبط بزرع الكيان الإسرائيلي في فلسطين من ناحية، وفصل شرقي المنطقة العربية عن غربيها من ناحية أخرى.

وتأتي أهمية إعادة فتح هذا الملف الآن، وتوعية الشعوب العربية بها، نظراً إلى ما يجري حالياً في سيناء، سواء فيما يسمّى الحرب على الإرهاب والمجموعات المسلحة، أم في توريط مصر في مشروع "نيوم" السعودي، وإدخال سيناء في هذا المشروع الغامض والحافل بكثير من الشكوك والمخاطر.

وحتى نتعرّف أهمية هذه المنطقة الصحراوية تعالوا نتعرّف بعض خصائصها. 

تبلغ مساحة شبه جزيرة سيناء نحو 60 ألف كيلومتر مربع، أي ما يعادل 6 أضعاف مساحة لبنان، وتقع إلى الشمال الشرق من دلتا نهر النيل ومجرى قناة السويس. وعلى الرغم من طابعها الصحراوي المنبسط وبعض الجبال في منطقة الوسط والممرات الحاكمة والمتحكمة في الانتقال من شرقها إلى غربها مثل ممرات متلا والجدي، هي غنية بكنوز من المعادن المختلفة والنفط، إضافة إلى شواطئها الشمالية على البحر المتوسط، والغربية على البحر الأحمر وقناة السويس وشاطئها الشرقية على خليج العقبة؛ وهي بهذا الموقع تتوسط الطريق بين مصر وفلسطين ومملكة الحجاز، وما بات يعرف بعد عام 1922 بمملكة الأردن. 

إضافة إلى ذلك، فإن سيطرتها وإشرافها على الجزر الإستراتيجية المتحكمة بالطريق بين مصر ومملكة الحجاز وفلسطين، وأهمها جزر تيران وصنافير وشدوان، يجعلانها ذات أهمية إستراتيجية لا تقارن بغيرها من المناطق التي تشهد نزاعات أو صراعات متعددة الطرف. 

ومن هنا جاءت أهميتها لدى أصحاب المشروعات الاستعمارية الكبرى، خصوصاً بريطانيا، وتكشف الوثائق البريطانية عن هذا المخطط المبكر، فيما يعرف بمؤتمر كامبل بنرمان، وهو مؤتمر عقد في لندن عام 1905، واستمرت جلساته حتى 1907، بدعوة سرية من حزب المحافظين البريطاني بهدف إيجاد آلية تحافظ على تفوق الدول الاستعمارية ومكاسبها أطول مدى ممكن، وخرج المؤتمر بوثيقة سرية سمّاها "وثيقة كامبل"، نسبة إلى رئيس مجلس الوزراء البريطاني آنذاك هنري كامبل بانرمان.

واستعرض المؤتمر الأخطار التي يمكن أن تنطلق من تلك المستعمرات؛ فاستبعد قيام مثل تلك الأخطار في الهند والشرق الأقصى وأفريقيا والمحيطين الأطلسي والمحيط الهادئ؛ نظراً إلى انهماكها بالمشكلات الدينية والعنصرية والطائفية، وبُعدها تالياً عن العالم المتمدّن، ورأى أن مصدر الخطر الحقيقي على الدول الاستعمارية، إنما يكمن في المناطق العربية من الدولة العثمانية، لا سيما بعد أن أظهرت شعوبها يقظة سياسية ووعياً قومياً ضد التدخل الأجنبي، ورأى المؤتمر ضرورة العمل لاستمرار وضع المنطقة العربية متأخرة، وإيجاد التفكك والتجزئة والانقسام، وإنشاء دويلات مصطنعة تابعة للدول الأوروبية وخاضعة لسيطرتها؛ لذا عناهم فصل الجزء الأفريقي من المنطقة العربية عن جزئها الآسيوي، وضرورة إقامة الدولة العازلة، معاديةً لشعوب المنطقة وصديقة للدول الأوروبية؛ وهكذا قامت "إسرائيل".

وقد قدم المؤتمر توصياته إلى حكومة الأحرار التي كان يرأسها هنري كامبل بانرمان، بعد سقوط حكومة المحافظين التي كان يرأسها أرثر بلفور عام 1905، لإقناع رئيس  الوزراء الجديد بالعمل لتشكيل جبهة استعمارية لمواجهة التوسع الاستعماري الألماني، وأسّست هذه اللجنة العليا، واجتمعت في لندن عام 1907، وكانت تضم ممثلين عن الدول الاستعمارية الأوروبية وهي إنكلترا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال وبلجيكا وهولندا، إلى جانب علماء كبار في التاريخ والاجتماع والاقتصاد والزراعة والجغرافيا والنفط.

وهكذا توصلوا إلى نتيجة مفادها "أن البحر الأبيض المتوسط هو الشريان الحيوي الذي يصل الشرق بالغرب، والممر الطبيعي إلى القارتين الآسيوية والأفريقية، وملتقى طرق العالم"، والإشكالية في هذا الشريان -كما ذكر في الوثيقة-"أن شواطئه الجنوبية والشرقية يعيش فيها شعب واحد تتوافر له وحدة التاريخ والدين واللسان".

وأبرز ما جاء في توصيات هذا المؤتمر:

1- إبقاء شعوب هذه المنطقة مفككة وجاهلة ومتأخرة، وعلى هذا الأساس قسموا دول العالم ثلاث فئات:

الفئة الأولى: دول الحضارة الغربية المسيحية (دول أوروبا وأميركا الشمالية وأستراليا)، والواجب تجاهها هو دعم هذه الدول مادياً وتقنياً لتصل إلى مستوى متقدم.

الفئة الثانية: دول لا تقع ضمن الحضارة الغربية المسيحية، ولكن لا تصادم حضارياً معها، ولا تشكل تهديداً (دول أميركا الجنوبية واليابان وكوريا)، والواجب تجاه هذه الدول احتواؤها ودعمها بالقدر الذي لا يشكل تهديداً ولا يسمح بتفوّقها.

الفئة الثالثة: دول لا تقع ضمن الحضارة الغربية المسيحية، والغرب على تصادم حضاري معها، وتشكل تهديداً لتفوقه (الدول العربية خصوصاً والإسلامية عموماً)، والواجب تجاه تلك الدول حرمانها الدعم والعلوم والمعارف التقنية، ومحاربة أي اتجاه لديها لامتلاك العلوم التقنية.

2- محاربة أي توجه وحدوي فيها، ولتحقيق ذلك دعا المؤتمر إلى إقامة دولة في فلسطين تكون بمثابة حاجز بشري قوي وغريب ومعادي، يفصل الجزء الأفريقي من هذه المنطقة عن القسم الآسيوي، بما يحول دون تحقيق وحدة هذه الشعوب، ألا وهي دولة لليهود في فلسطين، واعتبارها قوة صديقة للتدخل الأجنبي، وأداة معادية لسكان المنطقة. ودعا إلى فصل عرب آسيا عن عرب أفريقيا، ليس فقط فصلاً مادياً عبر "الدولة الإسرائيلية"، وإنما اقتصادياً وسياسياً وثقافياً؛ ما يبقى العرب في حال من الضعف.

هكذا كانت النظرة الإستراتيجية لدى الدول الاستعمارية، وفي مقدمها بريطانيا، في مطلع القرن العشرين تجاه شبه جزيرة سيناء كمنطقة عازلة [YAT1] بين هذا الكيان الغريب المستهدف غرسه "إسرائيل"، وجوارها الجنوبي الأكبر والأخطر، وهو مصر، ومن ورائها المغرب العربي.

فهل تغيّرت هذه النظرة بعد أن تحررت مصر وبقية الدول العربية من نير الاستعمار الأنكلو – فرنسي؟ الإجابة.. بالقطع لا. 

وفقاً للوثائق البريطانية التي توصلت إليها مجموعة من الباحثين والصحافيين الاستقصائيين في جريدة الأهرام المصرية، وذلك بعد ثمانية أشهر من البحث، والاستفادة من رفع السرية عن بعض الوثائق البريطانية بمقتضى قانون حرية المعلومات في بريطانيا، ونشرت نتائجها في ثلاث حلقات في موقع بوابة الأهرام في 28 نيسان/أبريل 2020، وهي خلاصة مئات الوثائق، استعرضت الأهرام محاولات انتزاع سيناء من السيادة المصرية أو التشكيك فيها. 

كيف بدأت القصة الجديدة؟

لم يكد غبار العدوان الثلاثي (الإسرائيلي والبريطاني والفرنسي) على مصر، في الفترة ما بين 29 تشرين الأول/أكتوبر و11 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1956  يهدأ، حتى بدأت في الدوائر البرلمانية والسياسية والإعلامية في بريطانيا حملة للتشكيك في سيادة وملكية مصر لسيناء، وسعى ناشطون في هذه الحملة إلى تبني الحكومة البريطانية مشروعات من شأنها اقتطاع جزء من سيناء أو تدويله لخدمة مصالح "إسرائيل" والغرب.

ففي 12 كانون الأول/ديسمبر عام 1956، أثير الموضوع في مجلس اللوردات، رداً على سؤال بشأن موقف الحكومة البريطانية منه، قال اللورد ريدنغ ممثلاً للحكومة:

"ليست هناك فرصة حقيقية للتشكيك في سيادة مصر على سيناء في ضوء الحقوق الإلزامية التي حصلت عليها عن طريق احتلالها المستمر بلا نزاع منذ عام 1922".
ثم هدأت الحملة بضعة أسابيع، قبل أن يثيرها مرة أخرى اللورد سولبيري المؤيد لـ"إسرائيل" والصهيونية في مقال بعنوان "الأراضي المحتلة.. مستقبل شبه جزيرة سيناء"، نشرته صحيفة "التايمز" في 6 شباط/فبراير عام 1957، وكرر اللورد مزاعم من قبيل: "ليس لمصر حق في سيناء، فلم تكن قط أراضي مصرية، كانت جزءاً من فلسطين، وقبل أن تكون جزءاً من فلسطين كانت بالطبع، جزءاً من تركيا، ليس من حق مصر أن تطلب إلى إسرائيل الانسحاب من سيناء خلال حرب 1956، لأن إسرائيل لم تحتل أرضاً مصرية".

وأضاف المقال: "في عام 1892، عندما عيّن السلطان التركي الخديوي الجديد عباس حلمي، وافق الأتراك على أن تبقى إدارة شبه جزيرة سيناء تحت حكمه، كما كانت تحت حكم سابقيه، وهذا الترتيب تأكد في عام 1906، وكل المفاوضات التي جرت في ذلك العام تميز بوضوح بين الإدارة والسيادة التي تبقى لتركيا، ولم يأت أي ذكر لحدود مصر، سواء في إعلان الحماية البريطانية على مصر عام 1914، أو في الانتداب على فلسطين بعد الحرب، وهذا أمر مهم".

واستكمل اللورد سولبيري القول "لهذا؛ يبدو أنه يترتب على ما سبق أن لمصر حقاً مستقراً منذ فترة طويلة في إدارة شبه جزيرة سيناء، ولكن ليس لها حق شرعي في السيادة عليها".

وخلص المقال إلى القول بأنه "بينما حمت الإدارة المصرية منطقة القناة، وساعدت في الحفاظ على سلام الشرق الأوسط، فإنه من الطبيعي أن تساندها بريطانيا، ولكن المنطقة حُوّلت الآن إلى منطلق لهجمات على إسرائيل وترسانة للأسلحة الشيوعية".

وبناء على ذلك، دافع اللورد بأنه "من المؤكد أنه يمكن لمنظمة الأمم المتحدة أن تقدّم خدمة لا تقدّر بثمن للعالم بتوليها السيطرة الإدارية على هذه المنطقة المتفجرة، وفعل ذلك لن يشكّل أي خرق لسيادة لم تملكها مصر أبداً".

هذا التشكيك في سيادة مصر على سيناء استند، كما تكشف الوثائق - إلى محاولة تعود إلى النصف الثاني من عام 1947 للترويج بأن مصر لا تملك أي شبر من شبه الجزيرة الإستراتيجية، وكان من رواد الترويج لهذه الأكذوبة الرائد الإنكليزي جيننجز بريملي، الذي عمل لدى حكومة الخديوي عباس حلمي الثاني في مطلع القرن العشرين، وطُرد من مصر في مطلع عام 1957.

كانت عينا الضابط على المنطقة المعروفة في التاريخ القديم باسم "البتراء" أو المقاطعة العربية التي تشمل الآن سيناء كلها وأجزاءً من الأردن والسعودية وسوريا وفلسطين، وسعى "جيننجز" في ذلك الوقت للترويج لملكية المملكة المتحدة للمنطقة..! مدعياً أن لبلاده حق السيادة على هذه المنطقة بعد انتصار اللورد اللنبي عام 1917.

وفي خطاب أرسله إلى أكثر من جهة بريطانية -منها أعضاء في مجلس اللوردات -روّج الضابط السابق للأكاذيب التالية: "لنا -نحن البريطانيين-حق مطلق في السيادة على البتراء العربية، التي فتحها لورد اللنبي عندما حاولت تركيا، عن طريق الحرب عام 1914، غزو مصر، التي كانت في ذلك الوقت تحت حمايتنا. كانت تركيا في ذلك الوقت هي مالكة البتراء العربية وأخذناها منها، ولم يتم إعطاؤها لأي قوة أخرى، بناء على هذا الحق، دعونا نحتل فوراً دولة هي ملكنا، ليس لأي دولة أخرى حق في التدخل".

وفي خطابه المفصّل، الذي جاء في ثلاث صفحات حسبما تكشف الوثائق، انتهى الضابط السابق إلى أنه: "إذا تمكنّا من إتمام هذا العمل فسوف تترسخ مكانتنا في الشرق الأوسط، وإن لم نتخذ هذا الإجراء فسوف نُعدّ جبناء من جانب الشعب المصري؛ إذ إنهم (المصريين) يعلمون أن لنا حقاً في البتراء العربية إن امتلكنا الشجاعة لأخذ ما يخصّنا".

وتقول الوثائق إنه بعد شهور، اتصل جيننجز بعدد من أعضاء مجلس اللوردات - وبعضهم مسؤول في الحكومة البريطانية - من أجل إقناعهم بفكرته، مستنداً إلى ما عدّها دراسات تاريخية وقانونية وحقائق تشكك في حق مصر في السيادة على جنوب سيناء.

وفي أحد هذه الخطابات، حرّض جيننجز اللوردات على تقديم استجوابات للحكومة بشأن السيادة على سيناء. 

وصل الخطاب إلى لورد كوزفورد، وزير الدولة في وزارة الخارجية، والذي ردّ بأنه أياً تكن الدفوع والدعاوى التاريخية التي تعود إلى فترة الاستعمار البريطاني والوجود العثماني في المنطقة، فإن سيادة مصر على سيناء راسخة بالقانون، وحذر من أن إثارة هذا الموضوع "سوف تسيئ إلى بريطانيا في العالم ولن تضر بمصر".

وفي رسالته إلى الرائد السابق، قال اللورد: "الحقوق الملزمة التي حصلت عليها مصر فترة طويلة من الوقت لا تدع أي مجال لجدل بشأن أي تشكيك يتعلق بالسيادة. لدى مصر ادعاء بالسيادة على سيناء، وسيكون من المؤكد أنه سيلقى تأييداً في أي محكمة دولية، أياً تكن الحجة بشأن مصدر هذه السيادة".

وقال اللورد:" الجدير بالذكر أن اتفاق مصر وإسرائيل بشأن الهدنة عام 1949 ينص على أن قوات الطرفين لن تنتهك الحدود الدولية، وهذا لا بد أنه يشير إلى الحدود القائمة سابقاً بين فلسطين ومصر، والتي كانت -في الحقيقة -هي الخط المثبت في عام 1906 لأغراض إدارية. والملحق الثاني لاتفاق الهدنة يشير بالتحديد إلى حدود مصر-فلسطين في تحديد الجبهة الشرقية، وكلما زعمت الحكومة التركية في الماضي -على سبيل المثال في عام 1892 ثم مرة أخرى في عام 1906-أن الحدود يجب أن تسير من العريش إلى السويس، عارضنا -يقصد بريطانيا -هذا التعديل".

واختتم اللورد رسالته بتقرير عن الموقف البريطاني الرسمي قائلاً: "في ظل هذه الملابسات، وفي ضوء موقفنا السابق من المزاعم التركية، وبياناتنا العامة المسجلة سنة 1951، وفي شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي -يقصد سنة 1956-فإن أي محاولة من جانبنا لإثارة الموضوع الآن ستبدو كيدية انتقامية خالصة، ومن المرجح أن ترتد علينا سلبياً في العالم من دون إلحاق أي ضرر بمصر". 

ويعكس هذا الموقف بوضوح خوفاً من أنه إذا تجاهلت بريطانيا كل الأدلة على حق مصر في السيادة على سيناء كاملة وحاولت التشكيك في هذا الحق، فإن دول العالم سوف تربط ذلك بالخلاف المصري- البريطاني بشأن ملف التعويضات الذي فتح بعد انتهاء العدوان الثلاثي على مصر، والذي أعقب تأميم الرئيس جمال عبد الناصر شركة قناة السويس في 26 تموز/يوليو عام1956. 

فبعد التأميم سعت لندن للحصول على تعويضات عن نصيبها في الشركة، كما طلبت القاهرة تعويضات عن الأضرار التي لحقت بها جراء العدوان. ويشير موقف اللورد إلى الحرص على تجنب الإقدام على أي سلوك، بشأن سيناء، يبدو أنه رد مكايدة أو انتقام من مصر.

وقالت وزارة الخارجية البريطانية في برقية إلى مروّجي فكرة الطعن في سيادة مصر على سيناء: "لقد تم فحص المشروع المقترح فحصاً عميقاً، غير أنه بعد الدراسة الدقيقة للجوانب القانونية والتاريخية للموضوع؛ توصلنا إلى نتيجة مدروسة بأن مصر لديها الآن ادعاء بالسيادة على سيناء، وهو ادعاء من المؤكد أنه سيتم تأكيده في أي محكمة دولية، أياً تكن الفرصة التي ربما تكون متاحة لطرح أي حجة بشأن مصدر تلك السيادة.

علاوة على ذلك، فإن هناك صعوبة عملية هائلة تتمثل في أننا نتمسك - وهذا مدوّن بداية من عام 1892 وما تلاه - برأي محدد في الموضوع، ولذلك فإننا لسنا الآن في موقف يسمح لنا بتبني وجهة نظر معاكسة تماماً ليس لها أي أمل حقيقي في النجاح، وبدون أن نضع أنفسنا في موقف نبدو فيه إما أغبياء أو انتقاميين أو الاثنين معاً".

في مطلع عام 1957، طرح عدد من السياسيين والباحثين في بريطانيا فكرة أن تشتري الأمم المتحدة سيناء من مصر، وأيّد بعض أعضاء مجلس العموم الفكرة وسعوا لطرحها للنقاش في المجلس ولكنهم لم ينجحوا.

غير أن الفكرة تجددت في أواسط العام، ففي 19 تموز/يوليو 1957، قدّم دنكن دي ليندزي، من جامعة أبردين، المقترح إلى الحكومة البريطانية، وقال إنه سوف يحلّ مشكلة الشرق الأوسط حلاً شاملاً، ويخفف الصراعات بين القوتين العظميين على النفوذ في المنطقة.

واقترح ليندزي أن تتبنى المملكة المتحدة مشروعاً في الأمم المتحدة، يقضي بأن تشتري المنظمة العالمية سيناء، وجزءاً من منطقة قناة السويس، وقطاع غزة أو جزءاً منه.

ويتضمن المشروع، الذي جاء في 5 صفحات أن تتحوّل المنطقة المشتراة إلى قاعدة دائمة لقوات حفظ السلام الدولية، تتجمع فيها الخيرات أيضاً لاستصلاح المنطقة كلها وتنميتها. أما الأموال فيتم جمعها من الدول الأصغر من القوى الكبرى. 

أما عن المنافع التي توقّع صاحب المقترح أنها سوف تغري مصر بقبول بيعها فتشمل: 

مالياً: الحصول على مبلغ يعادل أرباح 50 عاماً من تشغيل القناة، إضافة إلى تعويض لأي خسائر أخرى سوف تتكبّدها مصر من بيع أصولها في المنطقة المحيطة، ولن تكون هناك إمكانية لأن تلغي مصر-من جانب واحد -البيع في أي وقت في المستقبل (4).

استراتيجياً: سوف تأمن مصر من أي هجوم من الشرق، وتتمتع بمنطقة عازلة بينها وبين "إسرائيل".

ماذا تستفيد "إسرائيل"؟

حسب المقترح، فإنها لن تعود تشعر بأنها مطوّقة بدول عربية معادية.

وحسب ليندزي، فإن تلك فرصة لبريطانيا لاستعادة جزء من موقعها المفقود في الشؤون الدولية، كما ستقود الأمم في وضع سياسة إيجابية تستهدف تحقيق حل دائم لمشكلة السويس، وتسوية مهمة لمشكلة الشرق الأوسط كله، ثم إرساء أسس لتحقيق سلام عالمي دائم.

ونصح ليندزي الحكومة البريطانية بأن تحاول الحصول على موافقة مصر بطرق بالغة السلمية، وأصر على أنه لا معنى لأي تكهن بشأن احتمال استعداد مصر من عدمه لبيع المناطق المقترحة، لحين عرض الأمر عليها. لم يتجاهل مكتب أنتوني إيدن، رئيس الوزراء، المقترح وطلب نصيحة وزارة الخارجية بشأن كيفية الرد عليه.

ردت الخارجية على طلب النصيحة المرسل إليها موقعاً باسم سكرتير رئيس الوزراء مقترحة الرد التالي على ليندزي: "ليس هناك الكثير يقال عن الفكرة القائلة بأن تشتري الأمم المتحدة منطقة عازلة - ربما تشمل القناة - بين مصر وإسرائيل، غير أن الصعوبات العملية في إقناع الأمم المتحدة بأعضائها الـ81 - وبعض منهم اهتمامه قليل أو لا يهتم بالموضوع-  بأن تأخذ هذه الخطوة - بما في ذلك جمع الأموال الضرورية - هي صعوبات هائلة للغاية بالفعل، كما أنه لا توجد في رأينا أي فرصة على الإطلاق أن تقبل الحكومة المصرية الفكرة، فالإصرار المصري على الحفاظ على ما تدعوها حقوقها في السيادة الكاملة لن يجعلها تنظر في الخطة، إذن لا جدوى من أن ترعى حكومة جلالة الملكة في الأمم المتحدة مشروعاً - بالرغم من أنه مرغوب من الناحية النظرية - تعتقد أنه محكوم عليه بالفشل الأكيد".

لم تتوقف المحاولات، وتكشف الوثائق عن أن بريطانيا درست مقترحاً باقتطاع شريط من سيناء وجزء من قطاع غزة والأردن لإنشاء منطقة باسم "يونوآرابيا". وتضمن المقترح الذي أعطي اسم "خطة من أجل سيناء" إنشاء أرض تديرها الأمم المتحدة، بعمق نحو 8 كيلومترات في سيناء، تمتد من ميناء غزة بين حدود "إسرائيل" ومصر إلى حدود "إسرائيل" والأردن، وروّجت الجهات التي أيّدت الخطة لما قالوا إنها فوائد هائلة، منها:

1- إنشاء منطقة عازلة على الحدود المضطربة بين مصر والأردن و"إسرائيل".

2- توطين نحو 600 ألف لاجئ فلسطيني، سوف تنظم حملة دعائية لإقناعهم بأن الحياة في "الأرض الجديدة" ستكون أفضل من كل النواحي من العودة إلى ديارهم في فلسطين المحتلة.

3- ربط الأردن بالبحر الأبيض عن طريق إنشاء خط سكة حديد يمر عبر المنطقة المقترحة، ما يغنيه عن الاعتماد على ميناء حيفا في "إسرائيل".

4- الخط نفسه يعطي "إسرائيل" إمكانية الوصول إلى البحر الأحمر.

5- يمكن أن يمتد الخط لاحقاً ليصل إلى العراق، ما يتيح له نقل بتروله عبره إلى البحر المتوسط؛ ليختصر الوقت الذي يستغرقه نقله إلى البصرة، ثم إلى الخليج ومنه إلى قناة السويس.

6- إطلاق مشروع لإنشاء ممرات مائية ومنشآت مشتركة بين مصر والأردن و"إسرائيل"-فضلاً عن المنطقة الدولية نفسها -للري والاتصالات في منطقة الشرق الأدنى والأوسط!

7- قد يمتد المشروع ليشمل قناة السويس أو جزءاً منها وسدّ أسوان وغيرهما من المشروعات المماثلة في المنطقة.

والسؤال الآن: هل توقف المشروع الاستعماري هذا عند هذه الحدود؟ وكيف يمكن أن نقرأ ونفهم ما يجري حالياً من حولنا في جرائم التطويع (وليس التطبيع) الإسرائيلي لكثير من أنظمة الحكم العربية بما فيها مصر؟ 

نقرأها في المقال القادم

 

المصادر والهوامش

(1) Ronald (1968)، Ronald (المحرر)، Elgin and Churchill at the Colonial Office 1905–1908: The Watershed of the Empire-Commonwealth (باللغة الإنكليزية)، London: Palgrave Macmillan UK، ص. 317–345، doi:10.1007/978-1-349-00213-9_10، ISBN 978-1-349-00213-9، مؤرشف من الأصل في 18 يونيو 2018.نقلاً من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة 

(2) صالح محسن، "وثيقة كامبل بنرمان.. حقيقية أم مزيفة؟!"، www.aljazeera.net، مؤرشف من الأصل في 15 نوفمبر 2020، اطلع عليه بتاريخ 22 فبراير 2021..نقلاً من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة 

(3) "كمال أبو طالب: الوعي أداة التغيير.. مؤتمر كامبل 1907 وواقع اليوم 2020"، رأي اليوم (باللغة الإنكليزية)، مؤرشف من الأصل في 18 ديسمبر 2020، اطلع عليه بتاريخ 22 فبراير 2021.وانظر كذلك : مؤتمر كامبل بنرمان. وكذلك وثيقة كامبل. مدونة محمد بشير. وكذلك: حزب البعث الاشتراكي العربي مؤتمر كامبل بونرمان. من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
(4) مروان سلطان، بوابة الأهرام 28/4/ 2020

  • الاستعمار البريطاني
  • بريطانيا
  • مصر
  • سيناء
  • فرنسا
عبد الخالق فاروق

عبد الخالق فاروق

خبير اقتصادي مصري

إقرأ للكاتب

متابعات

مشروع نيوم والإرهاب والمخاطر المحتملة على سيناء (2-2)

لعل أولى ضحايا وتأثيرات مشروع "نيوم" هم الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية تماماً وبصورة نهائية،...

  • 31 كانون الثاني 22:58
مقالات

النموذج الإستراتيجي عند الشهيد قاسم سليماني.. من مقاومة الاحتلال إلى تقويض الهيمنة

جمع الفريق قاسم سليماني بين وضوح الرؤية السياسية والاستراتيجية والقيادة الميدانية، وكان همّه...

  • 24 كانون الثاني 14:57
متابعات

المخاطر الاستراتيجية لقانون إنشاء صندوق لقناة السويس

يأتي هذا القانون ليلزم الهيئة بنسبة من فوائضه، ولن يكون في مستطاع أي رئيس للهيئة أن يعترض أو...

  • 24 كانون الأول 2022 09:00
متابعات

الدلالات الإستراتيجية لقمم الرياض الثلاث

من الصعب فهم ما جرى في القمم الثلاث التي نظمتها السعودية وأسباب ودوافع تنظيمها، من دون ربطها...

  • 16 كانون الأول 2022 10:51
متابعات

في مصر معمل أبحاث بيولوجي أميركي!

ما زال مركز أبحاث البحرية الأميركية (نيمرو 3) يعمل بانتظام وبهدوء في مصر، لم يقترب منه أحد من...

  • 8 تشرين ثاني 2022 13:03
متابعات

محاذير حول الدراسات المستقبلية الغربية والأميركية في مجال الطاقة

ينبغي التمييز بين مفهوم الحرص أو الحذر في التعامل مع نتائج التقديرات والدراسات الغربية في مجال...

  • 13 تشرين اول 2022 16:19

مواضيع متعلقة

أخبار

شبح الإضرابات يلاحق فرنسا وبريطانيا.. وأوكرانيا القشّة التي قصمت ظهريهما

فيما تشهد فرنسا موجة إضرابات واحتجاجات عارمة ضدّ إصلاح نظام التقاعد، تترقب بريطانيا غداً تظاهرات...

  • سمية رقة
أخبار

فرنسا وبريطانيا تترقبان أيّاماً عاصفة.. إضرابات تشلّ مفاصل الحياة

فيما تستعدّ فرنسا لموجة من الإضرابات العمالية غداً إحتجاجاً على رفع سن التقاعد.. تترقب بريطانيا...

متابعات

مشروع نيوم والإرهاب والمخاطر المحتملة على سيناء (2-2)

لعل أولى ضحايا وتأثيرات مشروع "نيوم" هم الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية تماماً وبصورة نهائية،...

  • عبد الخالق فاروقعبد الخالق فاروق
  • يقرأون الآن
  • الأكثر قراءة
سوريا: تركيا تخلي إحدى قواعدها العسكرية جنوب طريق الـ"أم 4" في إدلب
أخبار

تركيا تُخلي إحدى قواعدها العسكرية في...

  • 2 شباط 20:45
  • 1644 مشاهدات
آلية أوكرانية من نوع "كيربي" مدمرة في منطقة سوليدار
أخبار

القوات الروسية تقطع طرق الإمداد عن...

  • 2 شباط 22:48
  • 1446 مشاهدات
السبت القادم.. الميادين أونلاين يحاور الناطق العسكري باسم سرايا القدس
أخبار

عند التاسعة.. الميادين أونلاين ينشر...

  • 2 شباط 21:34
  • 653 مشاهدات
"فايننشال تايمز": بروكسل تحدث على كبح جماح آمال أوكرانيا "غير الواقعية"
أخبار

دول أوروبية تحث على كبح آمال...

  • 1 شباط 16:56
  • 342 مشاهدات
القس البريطاني ستيفن سايزر
أخبار

لانتقاده "إسرائيل".. كنيسة إنكلترا...

  • 2 شباط 23:48
  • 285 مشاهدات
من مكان عملية القدس النوعية اليوم

عملية فدائية في القدس المحتلة: 7 قتلى إسرائيليين وجرحى ميؤوس...

  • 27 كانون الثاني 20:50
  • 11093 مشاهدات
لاتأكلوا هذه الفواكه ولا تخزنوها معاً !

لا تأكلوا هذه الفواكه ولا تخزنوها معاً

  • 27 كانون الثاني 08:14
  • 7116 مشاهدات
إعلام الإسرائيلي عن عملية القدس المحتلة:

إعلام إسرائيلي: هذا ما كنا نخشاه.. عملية القدس فظيعة ومؤلمة

  • 27 كانون الثاني 21:49
  • 6500 مشاهدات
نحو 10 إصابات قاتلة بمسدس.. ما تبعات عملية القدس الفدائية على أمن الاحتلال؟

نحو 10 إصابات قاتلة بمسدس.. ما تبعات عملية القدس الفدائية على...

  • 28 كانون الثاني 01:07
  • 4540 مشاهدات
مصدر إيراني: لا قتلى في عدوان البوكمال.. وسترى "إسرائيل" نتيجته قريباً

مصدر إيراني: لا قتلى في عدوان البوكمال.. وسترى "إسرائيل"...

  • 30 كانون الثاني 19:42
  • 4228 مشاهدات
شبكة الميادين

شبكة الميادين الإعلامية قناة فضائية عربية إخبارية مستقلة انطلقت في الحادي عشر من حزيران من العام 2012 واتخذت من العاصمة بيروت مقرا لها.

  • الرئيسية
  • الأخبار
  • آخر الأخبار
  • المقالات
  • الفيديو
  • الفيديو
  • البث المباشر
  • آخر الحلقات
  • البرامج
  • وثائقي الميادين
  • منوعات
  • إنفوغراف
  • من نحن؟
  • ترددات الميادين
  • اتصل بنا
  • الميادين بالإسبانية
  • الميادين بالإنكليزية
  • الكتّاب
Android
iOS

جميع الحقوق محفوظة