ما هي صورة الميادين في يوم القدس العالمي؟

الميادين والساحات العربية والعالمية المناصرة للقدس والقضية الفلسطينية، لم تكن بهذا الزخم الذي ظهرت عليه هذا اليوم منذ انفجار تفتيت المنطقة العربية ومحاولة القضاء على محور المقاومة بالغزو العسكري والحروب التكفيرية بالوكالة. لكن هذا الزخم ربما يدل على أن انتصارات محور المقاومة التي واكبتها شبكة "الميادين" بكفاءة مهنية ومسؤولية إعلامية عالية، تجعل الاستسلام للسيطرة الأميركية والاسرائيلية وراء ظهر القضية الفلسطينية والقدس.

عودة الروح إلى مواجهة الاحتلال والحلف الثلاثي الجديد، تواكبه شبكة "الميادين" في عمل إعلامي دؤوب

مسيرة العودة المليونية في يوم القدس هذه السنة تنبىء أن الفلسطينيين تجاوزوا خلافات القيادة والفصائل وأخذوا مصيرهم بأياديهم. ففي مسيرات العودة التي بلغت 11 مسيرة بأسماء مختلفة، لم يرهن الفلسطينيون تحرّكهم بانتظار المصالحة الموعودة ولا بمواقف سياسية من هذا الطرف أو ذاك في فلسطين وفي الدول العربية، إنما تسلّحوا بعزيمتهم واعتمادهم على وسائل بدائية للمواجهة كاختراع استخدام الطائرات الورقية التي ترهق المستوطنين واسرائيل، واستخدام عربات الجرّ لنقل المصابين حين تتعرّض سيارات الاسعاف للرصاص الاسرائيلي.

لعل نقل السفارة الأميركية إلى القدس وتطويبها عاصمة لإسرائيل، لم يكشف أمام الفلسطينيين هول الدعم الاميركي للاحتلال الإسرائيلي فحسب، إنما كشف حجم انخراط السعودية و"دول الاعتدال العربي" في دعم الاحتلال وتصفية القضية الفلسطينية وفق ما يعرف بصفقة القرن. ولم يعد ما يحجب عن الفلسطينيين رؤية الخيط الأسود من الخيط الأبيض، بين محور المقاومة والمحور الأميركي الآخر الذي زرع الضبابية في فلسطين والمنطقة بذرائع مذهبية وعرقية ضد إيران ومحور المقاومة.

مسيرات يوم القدس الحاشدة في صنعاء وصعدة والحديدة، تحت القصف وفي خضم حرب التدمير والتجويع والحصار والقتل، ربما تدل على أن اليمن يتعرّض لما يتعرّض له الفلسطينيون وأن اليمنيين يواجهون أميركا واسرائيل والسعودية كما يواجه الفلسطينيون وأن اليمن يضع نفسه في معركة واحدة ضد أعداء مشتركين.

إيران التي تتصدّر محور المقاومة على مستوى المنطقة العربية والإسلامية، كانت قد أطلقت الدعوة إلى يوم القدس العالمي في آخر جمعة من شهر رمضان مع انبلاج الثورة الإسلامية في مواجهة أميركا وإسرائيل. لكن إحياء يوم القدس العالمي في إيران ربما يتصف بأبعاد أخرى يحملها التحالف الثلاثي الجديد بين أميركا والسعودية وإسرائيل. هذا الحلف نفسه الذي يسعى للقضاء على القضية الفلسطينية ولتدمير اليمن، يسعى إلى الحرب مع إيران وتجويع شعبها بالعقوبات بذريعة الملف النووي والصواريخ البالستية ودعم المقاومة في لبنان وفلسطين.

سوريا التي باتت مخاطر الجماعات المسلّحة وراءها بانتصار الجيش والدولة على مشروع اسقاط النظام، تتنفس الصعداء في مسيرات إحياء يوم القدس إعراباً عن هوية محور المقاومة وعامود خيمتها في دمشق. وفي بغداد أيضاً تخرج المسيرات الحاشدة لإحياء يوم القدس العالمي بعد الانتهاء من مخاطر "داعش" وتقسيم الأراضي العراقية إلى دويلات عرقية وطائفية. لكن لبنان المقاوم الذي يقضّ مضاجع إسرائيل في مقاومة الاحتلال، عبّر في "مارون الراس" عن رمزية الاطلالة على أرض فلسطين ومقدساتها وعن جهوزية المقاومة التي أثبتت "مارون الراس" قدرة المقاومة على هزيمة إسرائيل كما أوضح الأمين العام لحزب الله. وفي هذا السياق خرجت بعض الحركات الشعبية للدفاع عن القدس وفلسطين في تونس وباكستان وفي ماليزيا التي يحررها الحكم الجديد من "معسكر الاعتدال". وخرجت حركات شعبية أخرى في بعض المناطق غير الخاضعة لبطش التحالف الأميركي ــ الإسرائيلي ــ السعودي.

اللافت أن الرئيس التركي الذي حاول قبل أسبوعين أن يحمل راية القضية الفلسطينية والعداء لإسرائيل أملاً بتدعيم رئاسته في الانتخابات، لم يبدر منه ولا من حزبه ومن مؤيديه وميضاً في الأسبوع الأخير وفي يوم القدس. فالتقارب مع أميركا في مسعى لإعادة العلاقات إلى سابق عهدها بحسب تعبير مولود جاويش أوغلو، يترك تداعيات أدناها أن يلوذ أردوغان بالصمت ضد إسرائيل.

لكن التحالف مع أميركا والتقارب معها هو في عمقه مأبعاده تحالف مع إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني وشعوب اليمن وسوريا والعراق، كما قال زعيم أنصار الله عبد الملك الحوثي في دعوته لإحياء يوم القدس العالمي. وعلى العكس من ذلك فإن مناهضة أميركا هو مناهضة لإسرائيل ودعم لفلسطين وشعوب المنطقة. فحركة المناهضة العالمية ضد أميركا التي تضعضعت في السنوات العجاف الماضية، تعود بدفع من الانتصارات الحاسمة التي حققها محور المقاومة ولا سيما الجيش السوري. وفي هذه الانتصار على الأرض السورية تنفض حركة المناهضة عن كاهلها ما تعرّضت له في أوروبا من موجات التحريض ضد إيران والدولة السورية والمقاومة.

حركة المناهضة تواجه نتانياهو في فرنسا وبريطانيا. وحركة المقاطعة تنجح بإفشال محاولة اسرائيل تسخير فريق الارجنتين لإسباغ تطبيع احتلال القدس. وفي قمة الدول السبعة في الكبيك ــ كندا تخرج مسيرات المناهضة ضد أميركا والرأسمالية العالمية في يوم القدس. وفي هذه المسيرات تتصدّر شعارات دعم القضية الفلسطينية والتنديد بجرائم الاحتلال الاسرائيلي والسيطرة الأميركية.

عودة الروح إلى مواجهة الاحتلال والحلف الثلاثي الجديد، تواكبه شبكة "الميادين" في عمل إعلامي دؤوب يحظى بالصدقية والجدية، ما يكافئها عليه الاحترام الواسع الذي تحظى به كما يلمسه الزملاء في "الميادين" بأشكال مختلفة، وكما عبّر أحد الشبان المقدسيين في توجيه التحية والتقدير لرئيس مجلس الإدارة الاستاذ غسان بن جدو ولفريق "الميادين" كافة.