خمسون حريقاً للأقصى.. نارٌ مُشتعِلة وتطبيعٌ مُستمر
نعم هي الذكرى الخمسون لحريق المسجد الأقصى والذي شبَّ في الجناح الشرقي للجامِع القبْلي الموجود في الجهة الجنوبية للمسجد الأقصى، ذلك مع بداية حريق ضخم في 21 آب/ أغسطس 1969، عندما التهمت النيران كامل مُحتويات الجناح بما في ذلك منبره التاريخي المعروف بمنبر صلاح الدين، كما هدَّد الحريق قبّة الجامع الأثرية المصنوعة من الفضَّة الخالِصة اللامِعة.
لقد أحدثت هذه الجريمة المُدبَّرة من قِبَل مايكل دينس روهن (1941 - 1995) فوضى في العالم وفجَّرت ثورة غاضِبة خاصة في أرجاء العالم الإسلامي، في اليوم التالي للحريق أدَّى آلاف المسلمين صلاة الجمعة في الساحة الخارجية للمسجد الأقصى وعمَّت التظاهرات القدس بعد ذلك احتجاجاً على الحريق، وكان من تداعيات الحريق عَقْد أول مؤتمر قمّة إسلامي في الرباط بالمغرب.
لقد كان لهذا العمل الذي مسَّ مُقدَّساً هو ثالث الحرمين ردَّة فعلٍ كبيرةٍ في العالم الإسلامي, وقامت التظاهرات في كل مكان، وكالعادة شَجَبَ القادة العرب هذه الفِعلة، ولكن كان من تداعيات هذه الجريمة إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي والتي تضمّ في عضويّتها جميع الدول الإسلامية، وكان الملك فيصل بن عبد العزيز -هو صاحِب فكرة الإنشاء وفي النافذة العلوية الواقعة في الزاوية الجنوبية الغربية من الجامع القبْلي، وترتفع عن أرضية المسجد حوالى عشرة أمتار، ويصعب الوصول إليها من الداخل من دون استعمال سلَّم عالٍ، الأمر الذي لم يكن متوافراً لدى "دنيس روهان"، وكان حريق هذه النافِذة من الخارج وليس من الداخل.
في الذكرى السنوية الخمسين، للحريق، تبقى أنها سنوات ماضية، شهدت كذلك اعتداءات إسرائيلية متواصلة، بما في ذلك تصاعُد الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد بدءاً من العام 2003، ومُلاحقة المُصلّين وحرّاس الأقصى وموظفي دائرة الأوقاف الإسلامية بالاعتقال والإبعاد عن المسجد. كما تعالت الدعوات العلنية الإسرائيلية لبناء الهيكل على أنقاض الأقصى، وتغيير الوضع التاريخي في المسجد، والذي ساد منذ الفترة العثمانية حتى انتهكته إسرائيل منذ احتلالها للقدس عام 1967.
سبق أن قالت الهيئة الإسلامية العليا في القدس، في تصريحها "لا تزال الجماهير الإسلامية في العالم كله، تستذكر حريق الأقصى المشؤوم الذي وقع صباح الخميس في 21 آب/ أغسطس 1969، وذلك على يد المُجرِم (مايكل دنيس روهان) وعلى يد مجرمين آخرين لم يتمّ الكشف عنهم". وأشارت الهيئة الإسلامية العليا إلى أنها "وجّهت حينئذ الاتّهام بشكلٍ مباشرٍ لسلطات الاحتلال، وحمَّلتها المسؤولية عن الجريمة النكراء". وأضافت: "لكن لا تزال الحرائق مُتلاحِقة ومستمرة بحق الأقصى المبارك وبصوَرٍ مُتعدِّدة: من اقتحامات عنصرية غوغائية من الجماعات والأحزاب اليهودية المُتطرّفة بدعمٍ مباشرٍ من الحكومة اليمينية، ومن الجيش الإسرائيلي بملابسه العسكرية أيضاً، ومن الحفريات التي تُهدِّد أساسات المسجد القبلي الأمامي من الأقصى المبارك". كما ندَّدت الهيئة الإسلامية بالتصريحات "المحمومة في هذه الأيام من مسؤولين إسرائيليين في الحكومة اليمينية المُتطرّفة ومن أعضاء الكنيست المُتهوّرين، والتي تمسّ حُرْمة الأقصى المبارك، وتكشف عن أطماع اليهود فيه".
لقد حضرت دائرة الأوقاف الإسلامية في تصريح: "بعد مرور خمسين عاماً على الحريق المشؤوم تزداد المخاطر التي تتهدَّد الأقصى بنياناً وإنشاءً، فالحفريات الإسرائيلية في محيط المسجد الأقصى المبارك، وتحت جدرانه تهدّده، والأنفاق التي تحفرها السلطات الإسرائيلية في البلدة القديمة من مدينة القدس هدَّدت وتُهدِّد المدارس الأثرية التاريخية الإسلامية وتُهدِّد سلوان ومسجد سلوان والبيوت الإسلامية في سلوان، فالبؤر الاستيطانية التي تزرعها سلطات الاحتلال في مختلف أرجاء المدينة المُقدّسة تُهدِّد الوجود العربي الإسلامي في القدس، إنهم يستعملون كل الوسائل الإجرامية في سبيل إخراج أهل القدس من مدينتهم؛ فتزوير الوثائق يتمّ في أروقة المحاكم ومكاتب المحامين بدعمٍ من سلطات الاحتلال، وأعمال البلطَجة تتمّ في وَضَح النهار وتستهدف المجاورين للحرم القدسي قبل غيرهم".
سيظل يخشى الفلسطينيون من أن يكون تزايُد الاقتحامات للمسجد مُقدّمة لتقسيمه زمانياً ومكانياً، وهو ما لا تخفيه جماعات يمينية إسرائيلية وأيضاً مسؤولون ومشرّعون إسرائيليون. وهنا يجب التأكيد على أن مساحة الأقصى، هي 144 دونماً (الدونم الواحد ألف متر مربع) تشمل المسجد القِبلي الأمامي، ومسجد قبّة الصخرة المُشرِفة، والمُصلّى المرواني، ومُصلّى باب الرحمة، وكذلك المساطب واللواوين والأروقة والممرات والآبار والبوابات الخارجية وكل ما يحيط بالأقصى من الأسوار والجدران الخارجية بما في ذلك حائط البراق.
بعد مرور خمسين عاماً على الحريق المشؤوم تزداد المخاطر التي تتهدَّد الأقصى بنياناً وإنشاء، فالحفريات الإسرائيلية في محيط المسجد الأقصى المبارك تهدِّد مبنى المسجد الأقصى وجدرانه وسائر منشآته، والأنفاق التي تحفرها السلطات الإسرائيلية في البلدة القديمة من مدينة القدس هدَّدت وتهدِّد المدارس الأثرية التاريخية الإسلامية وتُهدِّد سلوان ومسجد سلوان والبيوت الإسلامية في سلوان.
يضاف إلى ذلك البؤر الاستيطانية التي تزرعها سلطات الاحتلال في مختلف أرجاء المدينة والتي تُهدِّد، بحسب البيان، الوجود العربي الإسلامي في القدس. هم يستعملون كل الوسائل الإجرامية في سبيل إخراج أهل القدس من مدينتهم، فتزوير الوثائق يتم في أروقة المحاكم ومكاتب المحامين بدعمٍ من سلطات الاحتلال، وأعمال البلطجة تتم في وضح النهار وتستهدف المجاورين للحرَم القدسي قبل غيرهم، ومجموعة الكَنَس التي زرعتها وتخطّط لزراعتها في منطقة الواد في محيط المسجد الأقصى المبارك تستهدف كل وجود عربي إسلامي في القدس، ومنع المسلمين من الوصول إلى المسجد الأقصى يستهدف تفريغ المسجد من المسلمين، وجعله متحفاً أثرياً لزيارة الغُرباء، وعرقلة سلطات الاحتلال أعمال الترميم الضرورية في المسجد الأقصى وفرض القوانين الإسرائيلية عليه وسَلْب الأوقاف الإسلامية صاحبة الحق الشرعي في صيانته وترميمه وإدارته.