هل يؤدي القرار 2254 إلى الحل السياسي في سوريا؟

من يتصور أن تصويت مجلس الأمن الدولي بالإجماع على مشروع القرار المتعلق بالحل السياسي في سوريا سيؤدي بالتأكيد الى الحل السياسي فهو متفائلٌ الى حدٍّ كبير، إن لم يكن متوهماً. ولكن لماذا؟

مجلس الأمن الدولي
يجب التسليمُ بأن كل القرارات الدولية الصادرة من مجلس الأمن الدولي هي قرارات ملزمة للدول الأعضاء. ولكن القرارات التي تستند الى الفصل السابع من الميثاق تعتبر أكثر إلزامية من ناحية التنفيذ، كونها تأتي مصحوبةً باستخدام القوة لفرض القرار. ومع أن القرار 2254 لا ينص الى إرسال قوات دولية الى سوريا بهدف التنفيذ في أرض الواقع. غير أنه لا يشرعن أيضاً الغارات الجوية التي ينفذها التحالف بقيادة الولايات المتحدة على "داعش" في سوريا. وفي هذه الظروف ينفرد التدخل العسكري الروسي باكتساب صفة الشرعية كونه يأتي تلبية لدعوة من الحكومة السورية الممثلة رسمياً في الأمم المتحدة.

تبني القرار الخاص بالتسوية السورية جاء في فترة الرئاسة الأميركية لمجلس الأمن الدولي. وقد أوحي للعالم بأن واشنطن هي صاحبة المبادرة في صياغة هذا القرار وبالتعاون مع موسكو. لكن المتابع عن كثب للقاءات فيينا يدرك تماماً أن روسيا هي التي كانت تقود الأوركسترا في العاصمة النمساوية، وهي التي سلمت زمام المبادرة في اللحظات الأخيرة للولايات المتحدة لكي لا تثير حساسية لدى بعض المعارضة السورية والأطراف الإقليمية.

صيغة القرار تلبي الشروط الروسية المتعلقة بمستقبل الرئيس الأسد والعملية السياسية والمرحلة الانتقالية في سوريا، وتمنحها "فيتو" فيما يتعلق بلائحة التنظيمات الإرهابية. والأهم أنها لا تفرض على موسكو جدولاً زمنياً لوقف إطلاق النار. ما يعني أن القوات الروسية ستواصل تقديم غطاءٍ جوي فاعل للجيش السوري وحلفائه، بغية تمكينهم من بسط سيطرتهم على منطقة تمتد الى نهر الفرات شرقاً والى الحدود مع تركيا شمالاً، كما سبق أن لمح وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو.

في الواقع، استدرج الكرملين البيت الابيضِ الى إتخاذ القرار 2254. أما الأميركيون فابتلعوا الطعم الذي رماه الروس سعياً منهم الى تحقيق مكسب على صعيد السياسة الخارجية، وذلك لتعزيز رصيد الديمقراطيين في حملة الانتخابات الرئاسية التي انطلقت.

 إعلان الرئيس فلاديمير بوتين أن جيشه لم يستخدم في سوريا حتى الآن كل ما في ترسانته من أسلحة حديثة، وأنه يمكن أن يستخدم أنواعاً أخرى من الأسلحة لم تدخل المعركة بعد، يشير الى أن موسكو دخلت المعركة في سوريا بشكلٍ جديٍ ولأجلٍ غير مسمى. لأنها بالنسبة للروس معركة على سوريا، وعلى التواجد الدائم في شرق البحر الأبيضِ المتوسط، وللتحكم بمسارات النفط والغاز في المنطقة، ومعركة ضد الإرهاب على جبهات متقدمة، وبلا شك معركة لاختبار السلاح الروسي الجديد والترويج له في الأسواق العالمية.

كل ما تقدم يقود الى قناعة بأن الكرملين لا يسمح بأية معادلة أخرى في سوريا غير معادلة الربح. لكن هل سيقبل الآخرون بهذه المعادلة؟

أغلب الظن أنهم لن يفعلوا، وهذا سيؤجل الحل السياسي لا ريب.