تركيا في العراق .. ذاك أو ذاك، أو كل ذاك!
لم يكن التدخل التركي في العراق جديداً. الأزمات تتراكم وتتجدّد منذ عشرينيات القرن الماضي. علاقات البلدين أساسها، النفط والتجارة، والورقة الكردية، وبينهما دجلة والفرات ومنابعهما. علاقات غريبة، لم تكن يوماً دبلوماسياً وسياسياً، مريحة حتى النهاية.
-
المصدر: الميادين نت
- 11 كانون الأول 2015 09:06
لم يسمح العراقيون بنقاش أبعد من خروج الجيش التركي
لم
يكن التدخل التركي في العراق جديداً، الأزمات تتراكم وتتجدّد منذ عشرينيات القرن الماضي.
علاقات البلدين أساسها، النفط والتجارة، والورقة الكردية، وبينهما دجلة والفرات
ومنابعهما، علاقات غريبة، لم تكن يوماً دبلوماسياً وسياسياً، مريحة حتى النهاية.
التدخل
العسكري التركي، لم يكن ليسنح لولا أن فقدت بغداد الكثير من المهم، هكذا يرى مؤيدو
التحالف الحاكم الذين انتقدوه، ليستمر مسلسل الأزمة بما يشي أنها أزمة لن تغلقها
زيارات وفود دبلوماسية وأمنية، وأن لتركيا حلفاء في العراق، وأنها تريد، إن لم تمسك
ملفاً في الميدان العراقي، أن تحرّك أوراقاً سياسية في الداخل.
كشفها
السفير التركي في العراق فاروق قايمقجي صراحة، محافظ نينوى السابق وبرلمانيون من
نينوى طلبوا كلهم مجتمعين وفرادى دخول القوات التركية، في حديث سبق لقاء وفد تركي،
جاء بغداد على عُجالة، وكأنه ليقدّم أسئلة لا ليجيب، ويبحث عن تسوية في وادٍ آخر
وعلى عُجالة، اجتمع الوفد مع وزير الخارجية العراقي لثلاث ساعات، أطلق خلالها
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان موقفاً جديداً، في تكتيك يختصر الطريق، لا يمكن سحب
القوات التركية من العراق، وهي انتشرت للتدريب وليس للقتال.
هكذا
ببساطة وبوضوح، قُدّمت الجرعة التركية، أما أثناء المباحثات فلم يكن يعلم أحد، هل أن
الموقف التركي لجهة الأزمة، هو ما سينتج بعد حين عن مباحثات الطرفين العراقي
والتركي في بغداد؟ أم أن أردوغان سارع وكشف خبايا أوراق وفده التفاوضي، وأعلنها
صراحة؟
قيل
إن الموقف الذي أعلنته الرئاسة التركية، كان إن كان، بعدما أدركت أنقرة منذ
الدقائق الأولى للقاء الوفدين إصرار العراق على مغادرة القوات التركية، وبعدما أعلمت
بغداد الزائرين، أنه لا سبيل إلا بخروج الجيش التركي من العراق، ولا سبيل لاتفاقية
لجهة تدريب العراقيين، ولا سبيل لإعادة الأمور باستهداف "العمال الكردستاني"
داخل العراق، وأن الأمور بخواتيمها، وأن بغداد لن تذهب إلى الأمم المتحدة، وسترضى إن
حُلت الأزمة ثنائياً بين الطرفين.
في
خضم ذلك، لم يسمح العراقيون بنقاش أبعد من خروج الجيش التركي، ورفضوا فتح أي ملفات
سياسية تخص الداخل العراقي، فعادت أوراق الوفد إلى الحقائب، غمز الأتراك خِفيةً أنهم
أرادوا ملفاً سياسياً بيدهم، يشمل ملف الموصل وتحريرها والتنسيق مع قيادات محلية
فيها وضمانات أخرى، ليسلّموا ملف انسحاب الجيش بيدهم الأخرى، أو على الأقل، ضمانة
بألا علاقة للحشد الشعبي بكامل ملف نينوى، فيما اعتبر داخل الأروقة العراقية، رسالة
من طرف ثالث لم يكن مرسلها إلا الأميركيون.
غادر
الوفد التركي واعداً بأن الموافقة على الانسحاب موجودة ومبدئية، ولكن ستُعلن من أنقرة،
ما يخلق تضارباً في موقف الرئيس التركي ومبعوثيه، أما بغداد فتجد نفسها الآن
محشورة، بين علاقات خارجية لا تريد لها أن تكون سلبية، وبين سيادة انتهكها الأتراك،
والرد العراقي إن كان بوزن الانتهاك، لا يحفظ جواً إيجابياً بين البلدين، فيما لم
يعثر حتى حلفاء بغداد على تفسير واضح للصورة والموقف الرسمي العراقي.
ضجة
العراقيين في رد فعلهم، لم تؤدِ مفعولاً عملياً بحجم التدخل التركي، لكنها أدت إلى
شبه إجماع دولي على رفض الانتهاك، ووسم تركيا بخطأ في معادلة طرفها العراقي في
موقف المعتدى عليه، وعلى هذا اتكأت بغداد، في ما يبقى في ملف علاقات البلدين، فصل
سياسي جديد قديم عنوانه دورٌ تريده تركيا بحجة حماية سُنّة العراق وحقوقهم، فيما
يبدو مقايضة مبيّتة أصلاً قبل تدخلهم العسكري، يكون هذا الدور كما تريد هي أن يكون
بديلاً من سحب جيشها من العراق، على قاعدة جديدة، إطارها، ذاك أو ذاك، أو كل ذاك.