حسم المقاومة متى وجب الحسم

مهما سيصدر عن مجلس الأمن وما سيفرضه الميدان في الأقصى المبارك وما حوله من معارك ومن انتصارات، تتجه قوة الصعود الإقليمي من حيث هي استراتيجية أمن وجودي ومن حيث هي قيمة وجودية وروحية، تتجه إلى بوصلتها المقدسية المستقرة.

من صلاة المقدسيين في محيط المسجد الأقصى
ثمة معركة مقاومة وتحرير بلا حدود ترتسم في الآفاق، والكيان الإسرائيلي ينتفي من نهايات الأفق. عملية الفجر الكبرى تشي بذلك جهراً، ومن عاصفة الشمال إلى عاصفة تحرير الجرود في فليطة وفي عرسال، شمالنا نحن وعاصفتنا نحن وخط نارنا الإستراتيجي من جبال لبنان إلى أم الحوران ومن أم الحوران إلى هضبة الجولان، كل مساعي قهر الانتصار حكماً ذاهبة إلى الخيبة والتلاشي. ومهما سيصدر عن مجلس الأمن وما سيفرضه الميدان في الأقصى المبارك وما حوله من معارك ومن انتصارات، تتجه قوة الصعود الإقليمي من حيث هي استراتيجية أمن وجودي ومن حيث هي قيمة وجودية وروحية، تتجه إلى بوصلتها المقدسية المستقرة. من كل مكان ومهما أعوج العود الحامل الإقليمي والاستراتيجي للقدس هنا أو هناك، من جبال الشعانبي في تونس إلى القلمون وعرسال؛ الكيان الإسرائيلي إلى زوال والمعركة ما بعد السيادة لإزالة الاحتلال. ومن صنعاء وسيناء والأنبار والسويداء، من كل مكان ومهما كان الخذلان والعدوان، سيسقط الكيان ولن يستطيع له محور الخراب والإرهاب والتبعية والتطبيع شيئاً. وبعبارات أخرى واضحات: بالمقاومة في كل ميدان سيزول الكيان، والمعركة ما فوق الأوطان تحرير للمقدسات وللأرض والإنسان وإنهاء للتقسيم والتهويد والقضم والفصل والاستيطان. عندما يقرر نتنياهو هدم بيت البطل المحرر عمر العبد وأهله، وعندما يطالب وزراء "الكابينت" السياسي والأمني بتنفيذ عقوبة الإعدام ضده، وعندما ينادي الحاخامات والجنرالات بالإعدامات الميدانية للمقدسيين وغير المقدسيين من الفلسطينيين، فهم لا يأتون بجديد بل هم في حالة خنق استراتيجي متواصل وفي خط الهزائم المتتالية المستقيم. إن "موجة العنف" حسب عبارة اليكس فيشمان في يديعوت احرنوت اليوم، "لن تنتهي حتى وإن توصلنا إلى تهدئة مؤقتة فإن الوضع سينفجر مرة أخرى". وإن البحث عن "باب للخروج من الأزمة" بكلمات غيورا ايلاند في يديعوت أيضاً لن يجعل للصهاينة مخرجاً دائماً ولا "إعادة المارد إلى القمقم"، كما يرى يوسي بيلين في صحيفة إسرائيل اليوم كفيل بإيقاف خط سير الزوال. صحيح أن الفلسطينيين كما قالت صحيفة معاريف العبرية صباح الأحد، "لا يحاربون البوابات الإلكترونية بل يحاربون السيادة الإسرائيلية على المسجد الأقصى"، ولكن أصح منه مشاركة مئات الآلاف لمنشور بطل عملية "حلميش" والإشادة به، عشرات الآلاف حسب الإعلام العبرى ومئات الآلاف (600.000) دعوا للمواجهة حسب قائد أركان الاحتلال. إنه "الصراع على وجودنا" كما قالت بحق وزيرة القضاء الإسرائيلي في مستوطنة حلميش حسبما ذكرت القناة السابعة العبرية. والحقيقة أيضاً أننا "نلاحظ مؤشرات دينية لم نعهدها في السابق"، كما صرّح الناطق باسم جيش الاحتلال بالحرف. إنها، اليوم أو غداً أو بعد جيل، كما انتفاضة الأبطال المحمديين الثورية الكبرى، وما الاسم المحمدي للشهداء الستة إلا آية ثورية كبرى. إنها انتفاضة مقدمة زوال الكيان وقد بدأت عبارة الانتفاضة الثالثة تتسرب في عقول الإسرائيليين، في أجهزتهم ومؤسساتهم وإعلامهم ومهما كانت الوثائق السرية التي يمضيها الكيان. 23 تموز/يوليو 2017، تاريخ سيتذكره غيورا ايلاند وتتذكره يديعوت وهي تلفظ أنفاسها. سيتذكرون بعد خروجهم إذا نجوا أو استسلموا، أن المقدسيين سيضيفون على أبواب الأقصى، باب الجولان وباب خراسان وباب الموصل وباب المندب وأن الإسرائيليين والبغاة المطبعين الأذلاء سيرفعون كلهم الرايات البيضاء. هنا نورد بالحرف كلام غيورا ايلاند لمن يريد أن يتأمل: "تذكّر أحداث نهاية الأسبوع الأخير بنهاية أحداث أيلول/سبتمبر 2000. حينها، قبل 17 سنة، كنت رئيس شعبة العمليات في الجيش الاسرائيلي، وأملت مثل الكثيرين أن تنتهي موجة أحداث العنف التي بدأت مع حجيج شارون إلى الحرم في غضون أيام. ولم يحصل ذلك. فالانفجارات احتدمت، وشهدت اسرائيل الانتفاضة الثانية التي استمرت سنتين وأكثر. خمسة أمور مشابهة بين الوضع في حينه وبين ما يحصل الآن: الأول، بدأ هذا بحادث في الحرم. الثاني، كان هنالك قتلى للطرفين منذ البداية. الثالث، كان هنالك تدخل نشط من عرب اسرائيل. الرابع، في الطرف الفلسطيني كان هنالك إحباط لأنه لا يبدو أن هنالك حلاً سياسياً في الأفق. والخامس، وهو الأهم، أن الحكومة في إسرائيل تعاطت مثلما هي اليوم مع بداية الأحداث كشيء ما تكتيكي يفترض رداً تكتيكياً." بينما نرى أن التحول النوعي يبدأ الآن، كحسم استراتيجي له ما بعده وما بعد بعده.