"حقول الدم: الدين وتاريخ العنف"

حاولت آرمسترونغ في كتابها إثبات أن فكرة العنف الديني هي محض أكذوبة، أنتجتها الأنظمة الحاكمة عبر التاريخ لتبرير أفعال القمع والاستبداد، معتبرة أن التطرف والعنف غالباً ما ينبعان من الاستبداد.

"حقول الدم: الدين وتاريخ العنف" للكاتبة ‬كارين آرمسترونغ‮"‬

يعج العالم حالياً بالعديد من أحداث العنف التي ترتكب باسم الدين، ويعد تنظيم "الدولة الإسلامية"(داعش)، المثال الأبرز على ذلك، الأمر الذي يثير تساؤلاً مفاده: هل الأديان حقاً هي المصدر الحقيقي والفعلي للعنف والتطرف؟

 

هذا التساؤل محور كتاب "كارين آرمسترونغ"، الكاتبة والمستشرقة البريطانية المتخصصة في مقارنة الأديان، التي اختارت له اسم ""حقول الدم: الدين وتاريخ العنف"، الذي صدرت ترجمته العربية أخيراً عن الشبكة العربية للأبحاث والنشر.

 

كدلالة على ما يتعرض له العالم حالياً من بؤس، وقهر، وظلم، وقد استوحته من الكتاب المقدس.

 

تحاول كارين آرمسترونغ في كتابها أن تقاوم تلك الرؤية النمطية عبر دراسة طبيعة العنف المتأصل في الدولة.

 

الكتاب الذي نقله إلى العربية أسامة غاوجي يحاول الإجابة عن سؤالين مهمين؛ أولهما: ما الأسباب التي أدت إلى نشأة الحروب والعنف الإنساني عموماً؟ والثاني: كيف وصلت العقول إلى تفسيرها بأن الدين هو السبب الرئيسي فى تلك الصراعات؟

 

آرمسترونغ، وهي الراهبة السابقة، تقر في البداية، بأن العنف غالباً ما يكون ذا صبغة دينية، لكنها تركز على السياقات السياسية التي ظهر خلالها العنف الذي اقترن بالدين. وقد استعرضت الكاتبة حالات تاريخية اشتهرت كنماذج "للعنف الديني"، بداية من "ملحمة جلجامش البابلية"، مروراً بمحاكم التفتيش المسيحية في إسبانيا، خلال القرن الخامس عشر، إلى الحركات الإسلامية المتطرفة في القرن الحادي والعشرين وخصوصأً تنظيم "القاعدة"، وكذلك تطرف وعنف اليهود الصهاينة في إسرائيل، وذلك في محاولة منها للتدليل على ضرورة التركيز على السياقات السياسية المحيطة بالدين من أجل فهم السبب الذي يجعل العنف يرتدي في كثير من الأحيان رداء الدين.

 

وفي كل هذه النماذج تقريباً نجد أن تلك الميول العنيفة، التي تقدم نفسها كصراعات "دينية"، كانت في حقيقة الأمر إما صراعات قومية، أو صراعات على الأراضي، أو صراعات نشأت نتيجة مشاعر الاستياء بسبب فقدان السلطة.

 

حاولت آرمسترونغ في كتابها هذا إثبات أن فكرة العنف الديني هي محض أكذوبة، أنتجتها الأنظمة الحاكمة عبر التاريخ لتبرير أفعال القمع والاستبداد، معتبرة أن التطرف والعنف غالباً ما ينبعان من الاستبداد. فالاستبداد هو المولّد الرئيس للتطرف والعنف، وليس الدين.

 

 

اخترنا لك