"العبودية المختارة"
مقالة "العبودية المختارة" للمفكر الفرنسي إتيان دو لا بويسي التي كتبها فتى في السادسة عشرة من العمر ونشرت عام 1576، لا تزال محتفظة براهنيّتها، في العالم أجمع وخصوصاً في العالم العربي.
صدرت أخيراً عن "دار الساقي" ترجمة جديدة لكتاب "العبودية المختارة" للمفكر الفرنسي إتيان دو لا بويسي، نقلها إلى العربية صالح الأشمر. يطرح هذا العمل مسألة شرعية الحكّام الذي يسمّيهم الكاتب طغاة مهما كانت طريقة وصولهم الى السلطة، سواء بالقوة أو الوراثة أو الانتخاب. يقول لا بويسي: "إننا لا نولد أحرارًا وحسب، بل نحن أيضًا مفطورون على محبة الذود عن الحريّة". ويرى لا بويسي أن الطبيعة لم ترسل الأفراد الأكثر قوةً وذكاءً ليكونوا عصابات مسلحة في الغابات، ليقهروا ويضطهدوا الضعفاء من الناس، فليس هناك حق طبيعي في حكم الناس وإخضاعهم. يقول دو لا بويسي: "حينما يتحوّل أحد الملوك إلى طاغية فإن كل ما في المملكة من شرّ ومن حثالة، يجتمعون من حوله ويمدّونه بالدعم لينالوا نصيبهم من الغنيمة... وحين أتفكر في هؤلاء الناس، الذين يتملقون الطاغية، من أجل أن ينتفعوا بطغيانه وبعبودية الشعب، يتولاني الذهول حيال شرّهم، بقدر ما تنتابني الشفقة حيال غبائهم، فهل يعني تقرّب المرء من الطاغية في الحقيقة شيئًا آخر سوى ابتعاده عن الحرية؟".ويخلص الكاتب إلى أن الحاكم الطاغي ليس سيد نفسه، بل سجين طغيانه ولا يستطيع التحرر من سجنه، فلا يمكن أن يغيّر سلوكه. ولا يمكن للحاكم العاقل الحر استعباد شعبه، إلا إذا كان يعيش حالة الاستعباد ذاته، فهو شخص غير طبيعي في خوف دائم من شعبه يلجأ إلى الترهيب والعنف لقمع الاحتجاجات والتمردات، ويسعى إلى تقوية سلطته بالقوة والحيل، والكذب والإعلام الفاسد، والمهرجانات المنحطة والحفلات الشعبية السخيفة، لتخدير الناس وتنويمهم.