أغاثا كريستي وستة رجال في العراق
يتحدث الكتاب عن ستة رجال وامرأة عرفهم التاريخ العربي والعالمي ما يميزهم أنهم جاؤوا إلى العراق من دول عربية مختلفة، ما عدا المرأة جاءت من انكلترا.
كما يوحي العنوان، الكتاب يتحدث عن ستة رجال وامرأة عرفهم التاريخ العربي والعالمي ولكن ما يميز هؤلاء السبعة أنهم جاؤوا إلى العراق من دول عربية مختلفة، ما عدا المرأة فقد جاءت من انكلترا وعاشوا فيه وبلغوا ذروة عطائهم خلال إقامتهم في العراق. جميعهم ولدوا في نهايات القرن التاسع عشر أو بدايات القرن العشرين، استقطبهم العراق وفتح لهم المجال للعطاء والعمل وخصوصاً على المستوى الثقافي والأدبي. وميزة الكتاب أنه تَذكرة ليس فقط للأجيال الجديدة بل للأجيال القديمة، والتي أهملت فضل هؤلاء في تجديد الأدب والشعر العربي. وكان السبعة فاعلين في نهضة العراق الذي فتح أبوابه للعلم والثقافة والتجديد على مصراعيه.
يشرح الكتاب في سبعة فصول كل منها تتحدث عن شخصية معيّنة عرفها العراق وساهمت في بناء تاريخه العلمي والثقافي. وكما يقول الدكتور حسين رحال في مقدمته: إن الكتاب يذكّر بالعصر العربي للعراق، حيث يناقش في المقدمة تأثير كل شخصية وميزاتها باختصار. ولكنه في نهاية المطاف يضع نبذة تعبّر عن مشاعره هو بالذات تجاه العراق وطبيعته البيئية والمناخية والتي يعتبرها جافة، في وقت يسعى فيه الكاتب إلى التأكيد على أن البيئة العراقية احتضنت وأنتجت أهم المجددين في الثقافة والأدب العربيين، وسعى العراق من خلال استقطاب أفضل البحاثة العرب إلى بناء مؤسسات تعليمية وثقافية وعلمية وبنى مجده من الصفر.
العراق هو البلد الأول في العالم الذي اتبع منهج إعطاء المنح الدراسية للطلاب المتفوقين والذين هم من الطبقة الفقيرة، وهو أول بلد في العالم كان يفرز مخصصات مالية لإرسال المتفوقين العراقيين إلى أوروبا من أجل إتمام تحصيلهم العلمي حتى الدكتوراه. كما أن الكتاب يشرح العلاقة ما بين الشخصيات التي يتحدث عنها وكيفية نشوء هذه العلاقات الهامة ما بين النهضة الثقافية في العراق وما بين أدبائه وأساتذته، والتي يستشف منها أن العراق لم يكن مركزاً لنشر الأدب والفكر المجدد في الشعر والأدب العربيين إلا لأنه كان مركزاً استقطب العديد من المفكرين والأدباء العرب المجددين واعتمد عليهم في تعليم وتثقيف أبنائه.
الشخصية الأولى: ساطع الحصري
هو من أرسى مفتاح التقدم وسر النهضة في العراق، ألا وهو العلم. استطاع الحصري أن يدخل المدارس إلى القرى النائية في وقت كانت فيه حكراً على المدن الكبرى. ولد الحصري في صنعاء لأسرة حلبية، حيث عيّن والده قاضياً في اليمن وأصبح رئيس محكمة الإستئناف فيها قبل أن ينتقل في العام 1893 إلى طرابلس الغرب حيث أنهى ساطع دراسته الإبتدائية فيها، ونال في العام 1900 الإجازة في العلوم السياسية والإدارية. وما أن تفككت الدولة العثمانية، حتى أعلن ساطع الحصري عروبته. عمل في حكومة فيصل في سوريا كمفتش للمعارف ثم مديراً عاماً لها، ثم قام بتعريب الدراسة فيها. ثم انتقل إلى العراق مع فيصل في العام 1921، ودعا إلى توحيد المناهج الدراسية فيه، وعمل على تحقيق المساواة بين الطلاب العراقيين على اختلاف انتمائتهم الدينية والمناطقية. كما أعاد ترتيب وزارة المعارف على أسس جديدة. وقد أحدثت هذه المنجزات ثورة في طريقة عمل وزارة المعارف في العراق. وتمكن من ذلك بفعل الدعم الذي تلقاه من الملك فيصل، الذي كان مقتنعاً أن بناء مملكة قوية ومستقرة يعتمد على وجود مؤسسات تعليمية ناجحة ومتطورة وعلى احترام القانون.
آمن الحصري بالقومية العربية، وبأن الدين يأتي الثالث من حيث الأهمية في تكوين القومية بعد اللغة والتاريخ. وميّز ما بين التاريخ العربي والتاريخ الإسلامي واعتبر أن العرب قبل الإسلام كانوا أمة قائمة بذاتها وكانت لهم بعض الحضارات والممالك. وعندما قامت الحركات القومية العربية في عقدي الثلاثينات والأربعينات من القرن العشرين وظهرت بوادر أحزاب قومية عربية والإنبعاث القومي العربي في العراق، كان الفضل الأساسي فيها لساطع الحصري. ولذا فلم ينجُ من سخط الإنكليز الذين اتهموه بتأليب الرأي العام في حركة 2 أيار - مايو 1941، فصدر الأمر بسحب جنسيته هو وعدد من المدرسين العرب في 21 حزيران - يونيو من العام نفسه وعاد إلى سوريا ومن ثم انتقل إلى مصر للعمل فيها.
في 18 تشرين الثاني - نوفمبر 1963 تمت دعوة ساطع الحصري إلى العراق، وتم تكريمه وأعيدت له جنسيته العراقية في العام 1965. وتكشف تفاصيل الكتاب الكثير من إنجازاته الرائعة في تطوير التعليم في العراق والدول العربية.
الشخصية الثانية: أغاثا كريستي
تفاجأ الكاتب أن أغاثا كريستي، التي كان يقرأ روايتها بنهم، كتبت العديد منها في "منطقة الحي" الواقعة على نهر الغراف في محافظة واسط في العراق. فهذه الروائية البريطانية الشهيرة لم تكن غريبة عن الشرق "فهي ابنته مثلما هي في الأصل ابنة الغرب". عرفت في العراق باسم السيدة مالوان. وهو اسم زوجها الثاني ماكس مالوان، والذي عمل في منطقتي النمرود وقاعة آشور في دراسة آثار العراق. اشتهرت آغاثا باسم شهرة زوجها الأول ارشيبالد كريستي ككاتبة، مما جعلها تحتفظ به.
بعد طلاقها المؤلم من كريستي قررت أغاثا السفر وكان أول بلد فكرت به هو العراق. والملفت أن روايتها (جريمة في قطار الشرق السريع) هي مستقاة من الرحلة التي استقلت فيها قطار طوروس قادمة من اسطنبول إلى حلب. عاشت في العراق في مناطق متعددة، ولم يهتم أحداً في جعلها أماكن للسياحة، هذا مع العلم أن العربة التي جلست فيها أغاثا خلال رحلتها بيعت بأثمان باهظة في اإيطاليا. ويعلق ابراهيم على ذلك: "إن النخبة العراقية لا تملك الحس التاريخي الذي يجعلها تدرك أهمية هذه البقاع، مثل سواها من النخب في العالم".
في العام 1930 تزوجت أغاثا من مالوان والذي يصغرها بأربعة عشر عاماً. وكان هذا الزواج نقطة تحول رئيسية في حياتها. لقد شهدت حياتها مع مالوان غزارة في الإنتاج وعندما توفيت كانت قد كتبت 85 رواية ومسرحية ومجموعة قصصية. كما أن الأهمية تأتي من مرافقة مالوان في مختلف البعثات ورحلات التنقيب التي قام بها في العراق، حيث قامت بوثيقها عبر الصور. عادت إلى العراق في العام 1948، بعد أن وضعت الحرب أوزارها في أوروبا والشرق، وبقيت هناك حتى العام 1952.
الشخصية الثالثة: عبد الرزاق السنهوري
ولد السنهوري في الإسكندرية في العام 1895. والتحق بمدرسة الحقوق الخديوية في القاهرة وكان ترتيبه الأول على دفعته في العام 1917. فانتقل على الفور إلى وزارة العدلية وتقلد فيها مراكز مهمة، ومن ثم انتقل إلى جامعة ليون وهناك أعد جملة من الرسائل الجامعية التي أهلته للحصول على أكثر من شهادة دكتوراه. بعد عودته إلى مصر عمل لثمانية سنوات في القضاء إلا أنه تم عزله فيما بعد بسبب انخراطه في الحياة السياسية، فاستدعته اللحكومة العراقية في العام 1935 من أجل تطوير كلية الحقوق في بغداد، واستلم عمادتها من ساطع الحصري. فوضع لها نظامها الحديث وأصبحت كلية مستقلة، والدراسة فيها لمدة أربع سنوات على غرار الكليات في العالم المتحضر.
وفي عهده دخلت أول فتاة عراقية إلى كلية الحقوق وهي صبيحة الشيخ داوود. أتم السمنهوري مشروع القانون المدني في العراق. وبقي فيه حتى عام 1937 ثم عاد إلى القاهرة ليصبح فيها وكيلاً لوزارة العدل.
لا يمكننا التحدث عن حياة السمنهوري الزاخرة وأفكاره في كلمات، فهو لم يكن قانونياً فقط بل كان شغوفاً بالأدب والشعر العربيين، وكان إسلامياً في توجهه بالشكل العام. عاد إلى العراق في العام 1943 من أجل استكمال وضع القانون المدني، مشروعه القديم الذي ابتدأه. كان يأمل بوضع قوانين مدنية موحدة يطبقها أبناء الشرق مستقاة من الدين الإسلامي. ولكن تفاصيل حياته وعمله تجعل المرء يقف منبهراً أمام إنجازات هذا الرجل في العراق ومصر وسوريا وبلدان عربية وضع فيها المقدمات الدستورية والقانونية وهي: السودان والكويت والإمارات العربية المتحدة.
الشخصية الرابعة: زكي مبارك
عاش زكي مبارك سنة واحدة في العراق فقط. خرج من مصر لظروف سياسية أعادته إليها في العام التالي. كان مبارك يحمل ثلاث شهادات دكتوراه، ويعتبر "أديباً عروبياً قحاً على الرغم من تحليقه في آفاق أخرى من الثقافات والأفكار"، كما يقول ابراهيم.
ولد في العام 1982، ونال الأهلية من الأزهر في العام 1916، ولكن لم يكتفِ بذلك فالتحق بالجامعة المصرية الأهلية ونال منها شهادة الدكتوراه عام 1924. ثم نال شهادة أخرى من السوربون في العام 1931، وثالثة من الجامعة المصرية الحديثة في العام 1937.
كان واحداً من خطباء الثورة المصرية في العام 1919. وبسبب ذلك ألقي في السجن لمدة عام كامل. وفي رسالته الأولى للحصول على الدكتوراه كانت بعنوان "الأخلاق عند الغزالي".، والذي هاجم فيه التزمت واتهم بعض أشياع التصوف بالجهل. فطارده خلافه منذ أن كان تلميذاً مع أساتذته، ومنهم طه حسين طوال حياته، مما منعه من التدريس في جامعة القاهرة وتوجه للتدريس في الجامعة الأميركية. وكانت شهادة الدكتوراه الثالثة هي محاولة للدخول إلى جامعة القاهرة ولكن ذلك لم يتحقق، وبقي يعمل في وزارة المعارف حتى أخرجه منها السمنهوري فذهب للتدريس في دار المعلمين العالية في العراق.
يقول إبراهيم: "لمن يسأل عن ظاهرة "العالية" التي أنجبت للعراق والعرب نخبة من أفاضل الرجال والنساء، عليه قبل ذلك أن يسأل عن الأساتذة الذين تولوا التدريس فيها".
في العراق أحيط مبارك بكل وسائل الراحة والتكريم وتجمع حوله القوم وأسرعوا للترحيب به بسبب آرائه البعيدة عن أحزاب القصر الملكي والنفوذ البريطاني في مصر، ودعوته إلى العروبة وتعصبه لحضارة وثقافة العرب، وقدروا معاركه الأدبية مع أقطاب مثل طه حسين وعباس العقاد وإبراهيم المازني وغيرهم. واستطاع في العراق الكتابة للعديد من الصحف كما تنامت علاقاته الإجتماعية والسياسية. بقي مبارك في العراق ثمانية أشهر فقط ولكن تأثيره فيها وتأثيرها فيه لم ينسه أهل العراق.
الشخصية الخامسة: حسن الأمين
يعجب المرء أن حسن الأمين لم يكن معروفاً في جميع أوساط الحياة الثقافية اللبنانية. أما في الضاحية الجنوبية لبيروت فقلة من حرصوا على الإستماع له، وهو من أهم الشهود على دوري الإحتلال والإستقلال في لبنان والمشرق العربي. ولد في العام 1908 في دمشق. وأضاف 11 مجلداً إلى المجلدات التي كتبها والده المرجع الديني السيد محسن الأمين المولود في شقرا في العام 1867.
السيد محسن الأمين أول مرجع طالب بتنقية الشعائر الحسينية من الممارسات الفجة التي يقوم بها البعض حزناً على أهل البيت. في سن الـ19، أرسل السيد ولده لدراسة الفقه في النجف، ولكنه لم يستطع البقاء هناك أكثر من ثلاثة أسابيع. عاد بعدها إلى دمشق وأنهى دراسته. فنجح والتحق بكلية الحقوق وتخرج منها. بعد أربعة سنوات من التخرج عاد إلى العراق وعمل مدرساً للغة العربية في الحلة، وبعد عام انتقل إلى دار المعلمين الرسمية وقد كان للمكان الجميل بالغ الأثر في كتاباته.
عندما خرج الفرنسيون من سوريا ولبنان في العام 1942، عاد حسن الأمين وعمل في سلك القضاء وعين حاكماً لمحكمة النبطية. استقال بسبب استيائه من فساد القضاء وعاد إلى العراق ليعمل مدرساً في كلية البنات فيها. وخلال هذه المدة نشر العديد من الكتابات الأدبية في مجلة العرفان الصيداوية، وكان نصيراً للمظلومين في كلية البنات.
كان من دعاة إقامة دولة واحدة هي سوريا الكبرى، وبقي كذلك حتى آخر لحظة في حياته. وهو من أطلق شعر نازك الملائكة في مجلة العرفان الصيداوية من دون أن تعرف ذلك. وهو أول من كتب مقالاً عن بدر شاكر السياب لفت فيه إلى أنه سيكون من فحول الشعر.
غادر بغداد في العام 1949 بسبب مرض والده وعاد إلى دمشق ولازمه فيها حتى وفاته في العام 1952. ولكنه بفي دائم الحنين للعراق وهذا ما يستدل عليه من شعره وكتاباته، التي هي من أهم المراجع ومنها موسوعة "دائرة المعارف الشيعية" وهي في 26 جزءاً. نال حسن الأمين أرفع الأوسمة من كبار القادة والزعماء العرب وحتى المسلمين. توفي في 14/ 11/ 2002.
الشخصية السادسة: جبرا ابراهيم جبرا
ولد في العام 1920 في أسرة فقيرة في بيت لحم في فلسطين. نشأ في القدس وتعلم في المدرسة الرشيدية. والتقى مدرسته مع أشخاص كانوا أعلاماً في التاريخ العربي الفلسطيني مثل إبراهيم طوقان واسحاق موسى الحسيني وغيرهما. تابع دراسته العليا للحصول على الماجستير في بريطانيا، ثم عاد بعدها ليبدأ العمل في دار المعلمين العالية في بغداد.
كان جبرا فناناً تشكيلياً بالفطرة. كانت الإنطلاقة الأهم في حياته في بغداد في أواخر أيلول – سبتمبر في العام 1948، حيث عمل مدرساً في الكلية التوجيهية في بغداد. لم يكتب جبرا الكثير عن فلسطين قبل العام 1948، بينما كتاباته عنها ما بين السنوت 1948-1952 غزيرة جداً. إذ كان العراق حينئذ محط أنظار الفلسطينيين بسبب مواقفه العربية واحتضانه للفلسطينيين، وقد لازمته ثنائية فلسطين والعراق طوال حياته. وهو أول من كتب الشعر منثوراً، مع العلم أن رواياته وقصصه أكثر حضوراً من إنتاجاته الفنية الأخرى.
أنشأ جبرا شبكة واسعة من العلاقات في العراق والتي ضمت الكثير من النحب الثقافية من أمثال مظفر النواب وحياة جميل حافظ، ولميعة العسكري، والتي أصبحت زوجته، مما وسع رقعة معارفه، فهي ابنة ضابط كبير وبرلماني سابق، مما مكّنه من الحصول على وظيفة مرموقة في شركة نفط العراق، في نهاية العام 1954 بعد أن انتهى عقد عمله في المعاهد العليا. وأصبح أول مدير عام عربي لشركة نفط العراق.
لم يتدخل جبرا في السياسة وكان همه التعريف بالقضية الفلسطينية فقط. ولكنه كان يؤمن أن الوضع برّمته بحاجة إلى التغيير وأن الحداثة هي الجزء الأبرز في هذا التغيير. وهذا لا ينفصل عن الحراك السياسي الذي اجتاح المنطقة منذ ذلك الحين. وأدرك أن الضعف الذي يعاني منه بلده سببه التخلف المرير الذي جعله أفقر شعوب الأرض، توفي جبرا في كانون الأول – ديسمبر من العام 1994.
الشخصيية السابعة: كمال نشأت
يعتبر نشأت من شعراء الرومانسية، والتي كانت جزءاً من حركة التنوير التي أرادت النهوض بالبلاد العربية وتطوير الحس الذوقي لدى أبنائها. كما حاولت الحد من التخلف الإجتماعي، وعملت على محاربة الفقر والمرض والدمامة. واصطف الرومانسيون في الخمسينات من القرن الماضي إلى جانب الحركات الثورية واليسارية المناوئة للغرب. وكمال نشأت من هؤلاء الرومانسيين الذين بقيوا إلى آخر حياتهم أوفياء لرومانسيتهم ولرؤيته العروبية. وواصل نشأت تقدمه حتى بات من أهم الشعراء العرب في القرن العشرين. ويأت إبراهيم على ذكر مؤلفاته وتأثره بمختلف الشعراء بالتفصيل. هاجم نشأت بشكل متواصل شعراء النثر، ولم ترقَ للبعض أوصافه اللاذعة لفنهم الحداثي، لأنه اعتبر أن الحداثة هي صورة مشوّهة عن حداثة الغرب وأنها جاءت على أثر هزة نفسية سببتها هزيمة العام 1967.
ولد في الإسكندرية في العام 1923. وذهب إلى العراق في العام 1969. ووجد في أجوائه ما يحلم به من صفاء النفس، وكان في العراق أنذاك معظم القادمين من مصر هم من أساتذة الجامعات. وكان الجو العام في العراق عروبياً واتسم بالإنفتاح على الدول العربية التقدمية. وسرعان ما اختفت هذه الأجواء بوفاة جمال عبد الناصر في العام 1970.
كان كمال نشأت في السادسة والأربعين عندما جاء إلى العراق، وغادرها وهو في الواحدة والستين. ولكنه كان قليل الإختلاط. ويعزو الكاتب ذلك إلى أن نشأت عاش في العراق في زمن صدام حسين والذي كان يعاني من ضغوط المخابرات، مما أدى ذلك إلى خروج العديد من الأدباء والمفكرين ومنهم محمود السعدني. ومع أن نشأت غادر العراق في العام 1984 ليصبح أستاذاً في كلية البنات في الكويت حتى العام 1990، إلا أنه كان دائم الحنين إلى بغداد. مات في 6 آذار – مارس من العام 2010.