وجع الخرائط
من خوذتك الطاهرة سأصنع لك هضبة لتلتقي مع أحلامك كل تشرين وأيار.
سأسرق خوذتك التي صفت برتابة على الرف الرث، وأنقّب آثار أحملت لمساتك الأخيرة على جسدها. أحمل حفنة ذهب من تراب قبرك المُقدّس، أدسّها داخل عقلي وأمشي حيث يأخذني وجعي. سأتبع موتك الذي قتلني لأقتله، وأضع شمعة على رأس خوذتك في ليل الخذلان لأشعل حرائق الشوق. سأضع جمجمتي بدل عينيك وأرنو إلى فراغ المُقل.
أجد الكون ضيّقاً وأرى قبرك أرحب، وذرّات ترابك أغلى من تمثال الحرية.
إسمع. سأهمس في أذن خوذتك بأسرار القلب المثقوب. لا تفش لأحد عما يغصّ في العقل، وادّع أنك لم تسمع شيئاً، اعتبرني جثة في حضرة الحياة واهمل إنعاشي. ذرني فبذور الشك لليقين أقرب.
هل كنت تعلم، قبل أن تدركك الحياة أن حبر الأقلام أهم من حبر الدماء؟ هل كنت تعلم؟
هل خبرت الخذلان أمام خرائط التقسيم؟
سأستنطق الأقلام وأحاكم الخرائط. لو أن المدافع تطلق فقاعات فيها تواريخ المعارك، حكايات الأرض عن جماجم الموتى التي تبتسم بجهل للعبث في الحطام، وتنقل وصايا الشهداء قبل الرحيل.
فلتنهض من تحت الركام وتلتقط ساعتك التي هاجرت للسماء قبلك! والربّ الذي رأيت في مقلتيك رأيته عدلاً حين أغلقنا عينيك رغماً عنك. لأننا نخشى تأنيب الله للضمير!
اسمع. من خوذتك الطاهرة سأصنع لك هضبة لتلتقي مع أحلامك كل تشرين وأيار.
أرى الكون ضيّقاً وقبرك أغلى من بلاط البيت الأبيض. وعلى حائط السماء مرآة يسألها سيّد العالم الأول قبل كل حربٍ أو انتخاباتٍ ديمقراطية.
من الأكثر دموية في العالم؟ فتتساقط عظام الهياكل من هيروشيما و"الشرق الأوسط" ويضحك سيّد العالم الأول.
على رماد أقدامي سأمضي إليك..
أحمل رفاتك في قلبي
ومعي خريطة وطني المُتعَب
أسير إليك.. فاستقبلني
إلى حيث يأخذني وجعي في ليل الخرائط!