ضريح الولي
ظلّ يُفكّر برعُب طوال اليوم..هل يمكن أن يحدث هذا؟ لم يكن يعلم بهذا العالم الخفيّ والمسحور.
ظلّ يُفكّر برعُب طوال اليوم..هل يمكن أن يحدث هذا؟ لم يكن يعلم بهذا العالم الخفيّ والمسحور. ولكن ما رواه فاروق له عن البَرَكة التي التمسها من ذاك اليوم، وكيف أن حياته وكأن ستارة، أسدلت على حظّه النحس مُجرَّد زيارة أو زيارتين وكان قد تغيّر مصيره من الشؤم إلى الحظ السعيد.
مَن هو الوليّ وما هي أعمال الخير التي قدّمها لكل مَن يعرفه. الناس تتحدّث عن خِصاله وأنه وليّ من الله بارك به وبكل مَن يطوف حول قبره ويتعبَّد في مِحرابه، ويدعون هذا الميت الذي وصفه أحدهم بأنه النبي الخُضر يدعونه كي يرزقهم.
انتابته حال فضول أن يعرف مَن هذا الميت عندما سأل لم يدلّه أحد على أن له أهلاً في البلدة، بل أن فاضل حارس الضريح أخبره أنهم استيقظوا يوماً وإذ بهم يرون هذا القبر، وكأن ولياً من عند الله كان عابر سبيل فمات ودُفن في هذا المكان، ليُبارك الله تعالى كل مَن يتعبَّد ويدعو حوله أن يمنّ الله عليه بالرِزق والخير الوفير.
فاضل ألف كتباً عن هذا الوليّ وأرشف قصصاً لا تُحصى عن بركات هذا الفقيه العالِم الذي كان واسع الإطّلاع، وشاءت أقداره أن يُدفَن في بلدتهم.
ويؤكّد فاضل لكل مَن يعرفه أنه واثق أنه العالِم المندائي الذي اختفت آثاره في العاصمة وشاءت أسباب غامِضة أن يُدفًن في بلدتهم.
ويروي قصة غريبة عن قصة دفنه في بلدتهم بالذات، فيروى أن هذا الشيخ الفضيل كانت قد تجلَّت له رؤية حيث رأى رسول الله ليطلب منه الترحال إلى أرض الحجاز ليحجّ إلى كعبتها، وكأنه كان يعلم أنه سيموت في هذه البلدة ليباركها.
دمعت عينا فاضل وهو يشكو الإهمال والتقصير بحق هذا الضريح رغم أن قبره بات محجّاً وأجمل من كل قبور البلدة، وحتى قبر المحافظ لا يُنافسه ولا حتى قبر وزير دُفِن في البلدة بعد أن ألمَّت به أزمة قلبية ليُدفَن كما رغب في البلدة، هذا ما فهمه حميد من بعض مَن سألهم.
حميد ما زالت فرائصه ترتعد كلما تذكّر كلام فاروق وهو لا يمتلك حتى الآن إلا أن يُعيد الزيارة والرُعب يتملَّكه. فأحواله تسير من سيّىء إلى أسوأ. فهل رفض هذا الوليّ أن يباركه؟ كان هذا الإحساس يعذّبه، فهذا الإحساس يُشعره أن أشياء كثيرة فعلها لايمكن أن يغفرها الله له، ولا أن يتشفّع فيها وليّ الله، لم تنفع زياراته المُتكرّرة وفاروق لا يعرف أنه يزور الوليّ ويتعبّد حوله، لهذا يقسم له أن يزوره وان أحواله ستتحسّن.
انتابت حميد حال من الخزيّ والشعور بالإثم من حياته السابقة، رغم أنه لا يذكر أنه آذى أحداً أو سرق أو اغتصب أو كذّب. بدأ يتخيّل أموراً لم يفعلها ربما هي التي سبّبت نفور هذا الوليّ المُبارك من مساعدته. وتابع أهل بلدته الطنزوعة ما أصاب حاله من ضعف وهزال حتى بات كخيال المآته. أخيراً ارتاح حميد.
مات حميد بعد أن ظلّ هذا الوسواس القهري يطارده أينما حلّ بأنه اقترف الشِرك الأكبر أو ما في حكمه يراوده حتى في أعزّ لحظاته، ولم تسعفه حاله الصحية فهو قد تخطّى الخامسة والستين من العُمر ولديه كوليسترول ويدخِّن بتوتّر والهموم وسوء الأحوال تلاحقانه. عَلِم فاضل ما قصة الضريح حين زاره أحد الخواجات ليقول له "ما الذي يعبده الناس ويدعون أن يرزقهم؟".
أخبره فاضل بقصّة القبر الذي ظهر في البلدة فجأة وأن تتبّعه لأخباره أكّد له أنه العالِم المندائي الذي بارك الله به وبقبره وبمَن حوله. استغرب الخواجة وقال له ببرود، و"لكن هذا القبر مرافقي قد حفره على عَجَل ليدفن كلبي العجوز عند مروره بسيارته صدفة من البلدة".
استغرب فاضل الأمر ولكنه استمرّ يروي للناس بركات هذا الوليّ فقد أصبح مصدر رزقه الذي يُطعِم عائلته من خلال خدمته وصيانة القبر وتأمين احتياجات العابدين له.