دروز فلسطين: حملة لاستعادة عيد الفطر
نظم أبناء طائفة الموحدين الدروز في فلسطين حملات إحياء الاحتفال بعيد الفطر، وحملة إغاثة لغزة، بالاضافة إلى تحركات ترفض الانخراط في جيش الاحتلال الاسرائيلي، وأخرى تناصر الجولان المحتل وتعارض قرار احتلاله من قبل العدو الصهيوني.
بادرت شخصيات من أبناء الطائفة المعروفية في فلسطين لإطلاق حملة "عيد الفطر عيدي"، لاستعادة احتفال الموحّدين الدروز بهذا العيد الإسلاميّ، بعد أن ألغته الحكومة الإسرائيلية في إطار سياسة أسرلة الدروز وسلخهم عن شعبهم وعن انتمائهم القومي العربي والوطني الفلسطيني.
ويعيش في فلسطين قرابة الـ120 ألف درزي، بالأساس في منطقة الجليل، وعلى جبل الكرمل قرب حيفا، سواء أكان ذلك في قرى معروفية، أو في مدن وقرى متعدّدة الطوائف. وتفرض حكومة الاحتلال على الشبان العرب الدروز الخدمة العسكرية الإجبارية منذ الخمسينيات، وتعتبرهم مجموعة منفصلة عن سائر الفلسطينيين في الداخل.
وفي مرتفعات الجولان العربي السوري المحتلّ يعيش 30 ألفًا سوريًا من الدروز، يرفضون بمعظمهم التجنّس ويخوضون نضالهم الوطني كجزء من الشعب العربي السوري.
وعن حملة "الفطر عيدي"، قال المحامي نكد نكد من مدينة شفا عمرو: تلقى المبادرة تجاوبًا واسعًا من قطاعات واسعة في الطائفة المعروفية للعودة الى عيد الفطر ومطالبة الحكومة الإسرائيلية الاعتراف به عيدا رسميا يحق فيه للعمال والموظفين تعطيل عملهم، كما تناشد هذه القطاعات رجال الدين عامة والرئاسة الروحية بصورة خاصة الوقوف صفا واحدا معها لتحقيق هذا المطلب العادل".
ورغم أنّ التجنيد لجيش الاحتلال إلزامي، تشير التقديرات إلى أنّ ما نسبته أقل من 40% من الشباب من بني معروف يؤدون هذه الخدمة فعلاً، بينما ينقسم الآخرون إما إلى رافضين سياسيين غالبًا ما يجري سجنهم في المعتقلات العسكرية، وإما يتهرّبون من الخدمة من خلال الدراسة الدينية، أو التظاهر بالاعتلال النفسي، أو غير ذلك من طرق باتت تُعرف بـ "الرفض الرمادي". إلا أنّ المؤسسة العسكرية الإسرائيلية لا تنشر الإحصاءات الحقيقية لنسب التجنّد، بل تقوم بالترويج لمصطلح "حلف الدم" وبأنّ "الدروز ربطوا مصيرهم بدولة إسرائيل والشعب اليهودي"، في إطار سياسة اعتبار الدروز "قومية" منفصلة عن العروبة وعن فلسطين، والمذهب التوحيدي "دينًا" مختلفًا عن الإسلام.
وتشير معطيات "المركز العربي للتخطيط البديل" إلى أنّ الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة صادرت أكثر من 80% من أراضي القرى المعروفية، أي أكثر من سائر القرى والبلدات الفلسطينية (صودرت 70% من أراضيها بالمعدّل). كما أنّ التحصيل العلمي أكثر تدنيًا منه بين سائر الفلسطينيين. ومع أنّ هذه المعطيات تؤكد أنّ دولة الاحتلال تتعاطى مع كل الفلسطينيين على نحو عنصري منهجي ومُمَأسس، بغضّ النظر عن انتمائهم الديني، فمع فقدان الأرض، وغياب التعليم، والتصنيع، والتطوير الاقتصادي عن القرى المعروفية، بات العمل في أذرع "الأمن" الإسرائيلية ملاذًا اقتصاديًا أمام العديد من الشباب، خاصةً في الوحدات القتالية، مترافقة مع ضخ مفاهيم استعمارية حول "شراسة المقاتل الدرزي".
ومؤخرًا أصدرت "لجنة المبادرة العربية الدرزية" (وهي إحدى أعرق التنظيمات الوطنية في أوساط بني معروف) كتابًا للكاتب الصحفي الساخر هادي زاهر، من قرية عسفيا قرب حيفا، حمل عنوان "كيف نواصل التنكيل بالطائفة الدرزية"، والذي يوثّق "الأساليب العنصرية الجهنمية التي انتهجتها هذه السلطات الإسرائيلية عند اضطهادها لنا وسلب حقوقنا والدوس على كرامتنا كعرب(...) وأنّ إسرائيل ضربت وتضرب الدروز في كل زمان ومكان ومناسبة وبكل الوسائل".
كما يسرد الكاتب كيف تم تخدير شريحة كبيرة من أبناء الطائفة بواسطة البرامج الدراسية الخاصة بهذه الشريحة العربية، والتي تُعرف بسياسة "تدريز المناهج".
وهذا الإصدار الثالث للجنة، حيث سبقه كتاب عن رئيس اللجنة الأول، الشيخ فرهود فرهود، وكتاب ثان للشاعر الفلسطيني الكبير الراحل، سميح القاسم، تحت عنوان "لا توقظوا الفتنة".
ومؤخرًا قامت "لجنة المبادرة العربية الدرزية" بحملة إغاثة لصالح الفلسطينيين في غزة، في خطوة انطوت على أكثر من معنى، أهمها وحدة الشعب الفلسطيني، وقضيته في كل مكان.
ويعرض مركز المعلومات الوطني الفلسطيني – "وفا" لمحة عن الطائفة الدرزية في فلسطين، ويشير إلى أن معظم المصادر، والروايات، وكبار المؤرخين العرب، يؤكدون على أن الموحدين "الدروز" هم في أصولهم قبائل عربية تنوخية، جاءت من اليمن على أثر تصدع سد مأرب قبيل الإسلام، وسكنت سهول الحجاز والإحساء، ثم انتقلت إلى الحيرة في العراق، ومنهم ملوك المناذرة أصحاب الحيرة. ثم انتقل الدروز إلى شمال العراق، ومنها إلى حاضر حلب، وقنسرين، والمعرة، وجبل السماق، وصولاً إلى أنطاكية، ثم إلى جبل لبنان، ومن هناك وصل عدد منهم إلى فلسطين.
يتركز وجود أبناء الطائفة الدرزية في مناطق شمال فلسطين التاريخية موزعين على ما يقارب 18 بلدة وقرية جبلية.
وبحسب "وفا"، فقد عاش الدروز في فلسطين كجزء لا يتجزأ من الشعب العربي الفلسطيني حتى عام 1948م عندما نشأت دولة إسرائيل حيث سعت حكومتها إلى عزل أبناء الطائفة الدرزية عن إطارهم العربي، وذلك بالضرب على وتر أن الدرزية هي قومية بحد ذاتها، ولتقريبهم منها اكثر استغلت إسرائيل رواية تزويج النبي شعيب ابنته لسيدنا موسى، لتدلل للدروز على أن ثمة علاقة مصاهرة تاريخية تربطهم باليهود تضاهي علاقتهم بالعرب.
وتقول "وفا" إنه "في العام 1956م أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي الأول دافيد بن غوريون قراراً يلزم بموجبه أبناء الطائفة الدرزية بالخدمة الإجبارية في الجيش الإسرائيلي، وواجه قرار التجنيد الإجباري في حينه مقاومة شديدة من قبل أبناء الطائفة الدرزية. وعلى الرغم من تحقيق إسرائيل نجاحاً في فرض التجنيد على أبناء الطائفة الدرزية، وخاصة مع بداية الستينيات، إلا أنها ما زالت حتى الآن تواجه مطالبة دائمة من قبل عدة مؤسسات تمثل أبناء الطائفة الدرزية بإلغاء قانون التجنيد الإجباري، ومن هذه المؤسسات "لجنة المبادرة العربية الدرزية"، و"لجنة المعروفيون الأحرار”.
في عام 1959 فصلت السلطات الإسرائيلية المحاكم الدرزية عن المحاكم الشرعية الإسلامية، كما تذكر "وفا"، وذلك بغرض تعزيز عملية فصل الدروز عن وسطهم العربي الطبيعي. وإمعانا في تكريس الفصل خصصت الدولة لدروز فلسطين سلطات محلية خاصة ومدارس ومناهج خاصة ترمي إلى خلق شعور لدى الطالب الدرزي يقضي بأنه ينتمي إلى طائفة مستقلة ولا يربطها بالعرب والفلسطينيين أي رابط.
وتختم " وفا"أنه بالرغم من انخراط الدروز في صفوف الجيش الإسرائيلي، إلا أن هذا الأمر لم يحمهم من سياسة التمييز العنصري التي تمارسها إسرائيل ضد بقية الفلسطينيين داخل حدود 1948، ولم ترحم أراضيهم من المصادرة لإقامة التجمعات الاستيطانية اليهودية، وهذا ما تؤكده قيادة الطائفة الدرزية الروحية والسياسية والاجتماعية والثقافية.
(بالتعاون مع الصحافي رجا زعاترة - الناطق بلسان "لجنة المتابعة العليا لفلسطينيي 1948").