ثقافة العداء لـــ "إسرائيل" تُسقِط تطبيع محمد رمضان

لم يكتف المصريون بإبداء الاستنكار، بل شنّوا حملة واسعة لمُقاطعة محمد رمضان واتّهموه بالخيانة والتطبيع وسُجّلت تحرّكات لمُحاكمته. 

  • ثقافة العداء لـــ
    ثقافة العداء لـــ "إسرائيل" تُسقِط تطبيع محمد رمضان

بين الشعب المصري والتطبيع مع "إسرائيل" عداء هو في عُرف الغالبية الساحِقة من الناس والنقابات والفنّانين والمُثقّفين والجيش حق مُقدَّس لا تمحوه إتفاقيات كامب ديفيد، ولا يُخفِّف من حدَّته "سلام" وتنسيق وتوافُق بين السُلطة السياسية وتل أبيب. 

بهذه الروحية هبَّ المصريون للتنديد بإقدام المُغنّي والمُمثّل المصري محمّد رمضان على التقاط صورة تجمعه مع فنّانٍ "إسرائيلي" في مدينة دبيّ. لم يكتف المصريون، فنّانون ونقابات واتحادات إعلامية وفنية، بإبداء الاستنكار، بل شنّوا حملة واسعة لمُقاطعة رمضان واتّهموه بالخيانة والتطبيع وسُجّلت تحرّكات لمُحاكمته. 

ليست هذه الهبَّة جديدة على الشعب المصري. ثقافة المصريين التي كرَّسها الزعيم الراحِل جمال عبد الناصر وما تداعى عنها من أُسُسٍ سياسيةٍ وفكريةٍ واجتماعيةٍ، تمثّل حاجز الصدّ أمام محاولات الاختراق المُمَنْهَجة التي تعتمدها المؤسَّسات "الإسرائيلية" ولا سيما في الجانب الثقافي - الفني. ثقافة نشأ على تبنّيها عموم المصريين ونُخبهم في مجالات الفكر والأدب والفن والإعلام والاجتماع.

هذه حقيقة ثبّتتها مواقف المصريين كلما تطلَّبت الأحداث منهم تعبيراً عن كرامتهم وعزَّة نفسهم. ففيما لا تزال زيارة المصري لــ "إسرائيل" أقرب إلى الجريمة في عيون المصريين، يكشف تقرير "مركز بيغن – السادات" أن المواطنين المصريين الذين يقيمون في "إسرائيل"، سواء كانوا طلاباً أو أصحاب أعمال صغيرة أو مُجرَّد أزواج لسيّدات من فلسطينيي أراضي العام 1948، يواجهون التمييز والرَيْبة في مصر. 

وفي شوارع مصر لا يجد "الإسرائيليون"، سيّاحاً أو رجال أعمال، راحة إنْ هم غامروا بتجاوز الخطوط الحمر حيث سيواجهون الكثير من العداء من المصريين.

وكذلك "نقابة الصحافيين المصريين" لا تسمح لأيّ صحافي بالتواصُل مع أي "إسرائيلي" تحت طائلة المُحاسبة والتشهير، وبحسب الكاتِب "الإسرائيلي" أيدي كوهين فإنه "لأسبابٍ عديدةٍ وعميقةِ الجذور، تمتلك مصر أكثر وسائل إعلام مُعادية للسامية في أيّ بلدٍ عربي، ولا تزال مصر مُعادية مؤسّسياً لإسرائيل". 

طبعاً لا يستطيع كوهين نسيان كيف ضُرِب الإعلامي توفيق عكاشة بالحذاء وأُسْقِطَت عضويّته من البرلمان على خلفيّة استضافته للسفير "الإسرائيلي" في القاهرة، وكذلك شطب المؤلّف المسرحي الراحل علي سالم من نقابة المِهَن التمثيلية بعد زيارته لكيان الاحتلال، وغير ذلك من أحداثٍ لجمت المُطبِّعين ووضع أمام "الإسرائيليين" حواجز صعبة العبور.

لا تشذّ "نقابة المِهَن التمثيلية" في مصر عن هذا الموقف، حيث تلتزم الموقف الجَمْعي للفنانين المصرين ضد التطبيع، وهي تجرّم وتُعاقِب أيّ إجراء تطبيعي مهما كان نوعه أو شكله من قِبَل أيّ ممثلٍ أو مخرجٍ مصري. ويسري الموقف نفسه على موقف الاتحاد العام للنقابات الفنية.

وإذا كانت المؤسَّسات السينمائية "الإسرائيلية" تعمل جاهدة على اختراق السينما المصرية، فإنها لم تنجح حتى الآن نظراً إلى الموقف الحاسِم للسينمائيين المصريين الذين يواصلون، وكذلك الجيش المصري، إنتاج أفلام سينمائية بموضوعات مُعادية لتل أبيب.

وجدير بالذِكر إفشال محاولات عديدة لنَسْجِ روابط سينمائية بين العرب و"إسرائيل"، كان السينمائيون المصريون طليعة مواجهتها كما حدث عام 2019 حين دفن مشروع ورشة عمل للأفلام التسجيلية تضمّ مخرجين عرباً إلى جانب "إسرائيليين".

 

أنظمة عربية عدة، وبعد سنوات من التطبيع السري مع الاحتلال الإسرائيلي، تسير في ركب التطبيع العلني، برعاية كاملة من الولايات المتحدة الأميركية.