"الجزماتية" أكبر مطبخ حلويات من سوريا إلى العالم
المرء سيكون محظوظاً إذا كان له أصدقاء من سوريا، وأتته حلويات من شارع "الجزماتية"، فهذا المكان (وغيره) يصدّر الحلويات إلى كل الدول العربية والعالم.
-
حلويات دمشقية ذائعة الصيت... إلى العالم
أضواء متلألئة ملوّنة وفوانيس معلّقة متدلية إلى جانب مجسّمات منسدلة لهلال رمضان، إضافة إلى الأناشيد الدينية والابتهالات الخاصة بالعيد التي تشنّف الآذان فتضفي أجواء مميزة على السوق.
كل هذا سيبهر الزائر، قبل الإطلالة على عشرات الأنواع من الحلويات الدمشقية الشهيرة في السوق الذي يطلقون عليه مطبخ مدينة دمشق، حلويات مثل "النهش" و"المدلوقة"، "المعروك"، "الناعم"، "القطايف"، "المبرومة" و"الآسية" و"الوربات" التي توارثها الدمشقيون جيلاً في إثر جيل.
خلال الزيارة إلى أسواق دمشق تدغدغ الأنوف روائح الحلويات والمأكولات الشهية من"سوق الجزماتية"، وهو مكان يحمل مكانة خاصة لدى الدمشقيين، رغم انخفاض الحركة فيه عن الأعوام المنصرمة.
يعدّ أذان المغرب في شهر رمضان المبارك إيعازاً لإفطار الصائمين، لكن قبله بساعات هو توقيت ازدحام أسواق دمشق.
وتشتهر الأحياء القديمة للعاصمة السورية كونها مركزاً لأسواق مختلف أصناف المطبخ الشامي، وفي رمضان على وجه الخصوص، ينشط سوق الحلويات والمشروبات الرمضانية.
تسميات متعددة
ويعد "سوق الجزماتية"، أحد الأسواق الشعبية التي تشتهر بمنتجاتها من المطبخ الدمشقي، ففي هذا السوق الذي يتوسط حي الميدان العريق جنوب دمشق، تنتشر مطابخ ومحال حلويات شامية عريقة ومساجد ومقاه.
اقرأ أيضاً: "خسى الجوع"...مبادرة رمضانية سورية تكمل عامها العاشر
"مطبخ دمشق"، "سوق الميدان"، "سوق الجزماتية"... تتعدد الأسماء والصفات ويبقى هذا السوق أشهر أسواق المأكولات الدمشقية، مساحات تسحر الألباب تملؤها محال الأطعمة بشتى أنواعها أما شهرتها فتمتد إلى مختلف بلدان العالم.
-
حلويات متنوعة بصناعة متقنة
بدأت حكاية هذا السوق وتسميته مذ كان ميداناً للخيول وصولاً إلى سوق للجزم، حتى بلغ شكله الحالي كأكبر تجمع للمطاعم والمطابخ ومحال الحلويات في سوريا، ويحتل اليوم مكانة كبيرة لدى زواره من السوريين وغيرهم.
يقول أحد أصحاب المحال "خلال الأيام العشرة الأولى من الشهر، يركز الصائمون على أكلات القشطة كونها خفيفة على المعدة، ويمكن تناولها بعد الإفطار، ويتفنن باعة الحلويات الرمضانية التقليدية والشعبية في أسواق دمشق في عرض بضائعهم والمناداة عليها كتقليد راسخ في الشهر المبارك، حتى في ظل الظروف الصعبة التي يفرضها الحصار الاقتصادي على السوريين، والتي تسببت بارتفاع أسعار الحلويات التي وصلت أحياناً إلى الضعف نتيجة ارتفاع تكلفة المواد الأولية الداخلة في صناعتها".
اقرأ أيضاً: شهر رمضان المبارك.. لكل صورة طقس وحكاية
"مطبخ مدينة دمشق"
"مطبخ مدينة دمشق"، بهذه الكلمات يصف البعض سوق "الجزماتية" نظراً إلى توافر جميع المأكولات والحلويات الدمشقية الشهيرة فيه منها "النمورة والقطايف والنهش والغريبة بالقشطة والمبرومة بالفستق الحلبي وغيرها".
اقرأ أيضاً: رمضان والشيخ باسل المسيحي
ويتفنن الباعة في عرض "المعروك" الشهي بأنواعه “السادة والمحشو بالشوكولا وجوز الهند” كونه من المأكولات الأساسية والشعبية في شهر رمضان، وفق أحد العاملين في محل للحلويات، مبيّناً أنهم متفرغون بشكل كامل لبيع المعروك، الذي بقي بالجودة والنكهة ذاتها إذ يتم استخدام أجود المواد في مراحل التصنيع.
-
"القطايف الشامية"
صناعة القطايف
ويستمتع سكان دمشق بمشهد صناعة القطايف بزيارة الأسواق القديمة في باب الجابية وباب سريجة والميدان، وبمشاهدة الصانع وهو يملأ عبوة معدنية صغيرة بالعجين السائل المصنوع من الطحين والماء والخميرة ثم يسكبه بمهارة في دوائر متساوية على الفرن الحديدي الساخن، ليحصل بعد لحظات على عجين متماسك القوام لذيذ الطعم، ثم يحشوه حسب رغبة الزبون أو يبيعه من دون إضافة، لمن يرغب بحشوه في المنزل.
وهناك "القطايف العصافير" الصغيرة الحجم، وهي من الأكلات التراثية العريقة التي لا يزال العديد من العائلات يفضل تناولها بعد وجبة الإفطار مباشرة.
العصائر عنصر رئيسي
والمشروبات الرمضانية عنصر رئيسي على مائدة إفطار السوريين، وترتبط بشكل كبير بالعادات والتقاليد ضمن الشهر المبارك، ولمشروبات رمضان "العرق سوس والتمر هندي والجلاب وقمر الدين" خصوصية في الشهر الفضيل، والإقبال كبير عليها.
اقرأ أيضاً: الدمشقيون "محرومون" من إحياء "تكريزة رمضان"
ويعدّ شرابُ "السوس" الشراب المفضّل للصائمين في شهر رمضان، إذ تُوضع نبتة "السوس" داخل قماش خاص ليسكب عليها الماء طيلة النهار، قبل أن تكتسبَ طعمها المميز ويقبلَ على شرائها الصائمون، فلا يمكن أن تتخيل مائدة رمضانية في دمشق، خالية من "السوس".
وإلى جانب الحلويات وغيرها، اشتهر الشارع ببعض الأبنية الأثرية التاريخية، كالمساجد والحمامات التاريخية.
اقرأ أيضاً: رمضان سوريا.. موائد الرحمن والسكبة لا تحرم الناس من الفرح رغم الغلاء
يبقى أن المرء سيكون محظوظاً إذا كان له أصدقاء من سوريا، وأتته حلويات من شارع "الجزماتية"، فهذا المكان وغيره يصدّر الحلويات إلى كل الدول العربية والعالم بكل فخر واعتزاز.