طارق
ما هي العلاقة بين اسم طارق وبين النجوم؟
حَيِّ طَيفاً مِنٍ الأحِبّةِ زارا
بعدما صَرَّعَ الكرَى السُمّارا
طارِقاً في المَنامِ تحتَ دُجَى الليل
ضَنيناً بِأن يَزورَ نَهارا
قُلتُ: ما بالُنا جُفينا وكنّا
قبلَ ذاكَ الأسماعَ والأبصارا
قالَ: إنّا كما عَهِدتَ ولكنْ
شَغَلَ الحَلْيُ أهلَهُ أن يُعارا
هذه الأبيات لشاعر الغزل المُقدّم في أوائل العهد الأُمَوي عُمر بن أبي ربيعة، يقولها في وصف طيف الحبيبة الذي زاره ليلاً بعد أن نام السُمّارُ وهم القوم الساهرون ليلاً يتبادلون الأحاديث.
وقد وصف هذا الطيفَ بأنه طارق لأنه جاءه ليلاً. والطارق هو الزائر ليلاً. قيل إنه سُمّي بذلك لأنه يطرق الباب مستأذناً للدخول. يقال: طرقَ البابَ يطرُقه طرقاً، إذا قرعه، أو دقّه، وطَرق الحديدَ، أي ضربه بالمِطرقة. وطرقَ سمعَك كلامٌ، إذا سمعت كلاماً.
والطارق هو اسم الفاعل مع هذا كله. والطارق هو الآتي ليلاً. يقال: طرق الرجل، أو الصيف، القَومَ، إذا أتاهم ليلاً. مثل ذلك الطارق الذي يوصي به حاتم الطائي، الذي يُضرَب به المثلُ في الكرم، زوجتَه قائلاً:
إذا ما صنعتِ الزادَ فالتَمسي له
أكيلاً فإنّي لستُ آكلَهُ وحدي
أخاً طارِقاً أو جارَ بيتٍ فإنّني
أخافُ مَذَمّاتِ الأحاديثِ مِن بعدي
والطارِقُ أيضاً نجم. قيل هو النجمُ الذي يُقال له كوكب الصُبح. ومنه قُرآناً: «والسماءِ والطارق، النجمِ الثاقِب».
وطارق اسم علم مذكر. الأرجح أنه مأخوذ من اسم ذلك النجم. يقال طَرقَ النجمُ، إذا طلع ليلاً. وطَرقَ الهَمُّ فُلاناً، إذا انتابه ليلاً وأرّقه. وعليه قولُ ابن نباتة، من شعراء القرن الرابع عشر:
إنّي إذا آنستُ هَمّاً طارِقاً
عَجّلتُ بِاللذّات قَطْعَ طريقِهِ
ودَعَوتُ ألفاظَ الحَبيبِ وكأسَهُ
فَنَعِمتُ بَين حديثِهِ وعَتيقِهِ
وأشهر من حمل هذا الاسمَ طارق بن زِياد القائد العربي الذي فتح بلاد الأندلس. وإليه يُشير نِزار قَبّاني في القصيدة التي يتحدث فيها عن إسبانية جميلة التقاها عند مدخل قصر الحمراء في غَرناطة:
قالت :«هنا الحمراءُ، زَهْوُ جُدودِنا
فاقرَأْ على جُدرانِها أمجادي»
أمجادُها؟ ومسحتُ جُرحاً نازِفاً
ومسحتُ جُرحاً ثانياً بِفؤادي
يا ليتَ وارِثَتي الجميلةَ أدركتْ
أنّ الذينٍ عَنَتْهُمُ أجدادي
عانَقْتُ فيها عِندَما ودّعتُها
رَجُلاَ يُسَمّى طارِقَ بنَ زِيادِ