عبلة - عنتر/ة

من هما عبلة وعنترة؟ ومن الذي تمنى تقبيل عبلة ولو في منتصف الطريق؟

أُحِبُّ لِحُبِّ عَبْلَةَ كُلَّ صِهرٍ
عَلِمتُ بهِ لِعَبْلَةَ أو صَديقِ
ولولا أنْ تُعَنّفَني قُرَيْشٌ
وقولُ الناصِحِ الأدنى الشَفيقِ
لَقُلتُ إذا التقَينا:قَبّليني
ولو كنا على ظَهرِ الطريقِ

أول ما يخطر على البال عند قراءة هذه الأبيات أن قائلها هو عَنتَرَةُ بن شدّاد، الفارس الهـُمام الذي اشتهر بحبه لِعَبلةَ ابنة مالك، وقال فيها أعذب الشعر وأرقّه. غير أن من ينتبه في هذه الأبيات إلى الدعوة المكشوفة لتقبيل هذه العبلة ولو في منتصف الطريق، وأن قومها من قبيلة قُريش، سرعان ما ينكر نسبتها إلى عنترة بن شداد، لأن عبلته من بني عبس وليست من قُرَيش، ولأنه هو لا يمكن أن يفكر في تقبيلها أمام الناس وفي واضحة الطريق، وذلك لشدة حيائه وحفظه الحرمات وهو القائل:
   

وأغُضُّ طَرفي ما بَدتْ لي جارتي
حتّى يُواري جارتي مَأواها
إنّي امرؤٌ سَمحُ الخَليقةِ ماجِدٌ
لا أتْبَعُ النفسَ اللجوجَ هواها
ولَئِنْ سألتَ بِذاكَ عَبلَةَ خَبّرَتْ
أنْ لا أُريدُ مِنَ النِساء سِواها

والآن يمكننا التصريح باسم الشاعر الذي لا يتورّع عن تقبيل المرأة التي اسمها عبلة من بنات قُريش، لِنقول إنه  عُمر بن أبي ربيعة شاعر الغزل المقدّم في ديوان الشعر العربي، وليس عنترة بن شدّاد الفارس المغوار والعاشق الرقيق العاطفة والخُلق الحسن.

وبيت القصيد في كل ذلك هو اسما عبلة وعَنتَرة أو عَنتر لا فرق. 

أما عَبْلَة فاسم علم مؤنث، مأخوذ من العَبَل وهو غِلظ الجسم في متانة، وامرأة عَبلةٌ إذا كانت هذه صفتها. يقال: عَبِلَ الرجلُ، يَعبَلُ عَبَلاً،وعُبِلَ عُبولاً وعَبالةً،فهو عَبلٌ، والجمع عِبال، والمرأة عَبلةٌ، والجمع عَبْلاتٌ.

وأما عَنْتَرَة، أو عَنتر، فاسم علم مذكر مأخوذ من شيئين،كما يقول ابن دُرَيد في "كتاب الاشتقاق"، إما من نوع من الذُباب يُقال له العَنْتَر، هذا إذا كانت النون فيه أصلية. أما إذا كانت زائدة فاشتقاقه من العَتْرِ وهو الذبح. والعِتُر (بالكسر) هو الذبيح.

ولابن فارس صاحب كتاب "مُعجم المقاييس" رأي آخر في  معنى العِتْر وهو أنه مأخوذ من عَتَر الرمح، أي اهتزازه. ومنه اشُتقّ اسم عنترة.

بقيَ أن نشير إلى أن عنترة بن شداد من كبار الشعراء كما كان من أعلام  الفرسان الشجعان. وهو من أصحاب المعلّقات وقد افتتح معلّقته بذكر عبلة حيث يقول:
   

يا دارَ عَبلَةَ بالجَواءِ تَكَلّمي
وعِمي صَباحاً دارَ عَبلةَ واسْلَمي
ولقد ذَكرتُكِ والرِماحُ نَواهِلٌ 
مِنّي وبيضُ الهِندِ تَقطُرُ من دمي
فَوَدَدتُ تَقبيلَ السيوفِّ لِأنها
لمَعتْ كبارِقِ ثَغرِكِ المُتَبَسّمِ