حاتم
حمله حاتم الطائي فصار يُحيل على الكرم ... لكن ما معنى اسم حاتم؟
أبى قَدْرُنا في الجُودِ إلاّ نَباهةً
فليس لمالٍ عندنا أبداً قَدْرُ
جرى حاتِمٌ في حَلْبَةٍ منهُ لو جرى
لها القَطْرُ قال الناسُ أيُّهما القَطْرُ
هذان البيتان للشاعر أبي تَمّام، حبيب بن أوس الطائي، يفخر بقومه بني طَيّئ ومنهم حاتم الطائي (ت سنة 46 قبل الهجرة) الذي يُضرب به المثل في الكرم فيقال: أكرم من حاتِم.
جاء في كتاب الأغاني في صفة حاتم الطائي أنه "كان من شعراء العرب، وكان جواداً يشبه شِعرُه جودَه، ويصدق قولُه فِعلَه".
ورث حاتم الكرمَ عن أمّه غُنَيّة، وهي القائلة:
لَعَمري لقد عضّني الجوعُ عضّةً
فآلَيتُ ألاّ أمنعَ، الدهرَ، جائعاً
وقال حاتم وقد لامته زوجته ماوِيّة على إسرافه في الكرم:
أَماوِيُّ إن المالَ غادٍ ورائحٌ
ويبقى مِنَ المالِ الأحاديثُ والذِكْرُ
وقد علِمَ الأقوامُ لو أنّ حاتِماً
أراد ثَراءَ المالِ كان له وَفْرُ
وحاتِم اسم علم يُحيل على هذا الشاعر الذي أصبح رمزاً للكرم، لذلك كان على مَن سُمّي بحاتم أن يحذر البُخلَ كي لا يصبح اسمُه نقيضَ فِعله.
أما اشتقاق اسم حاتم ففيه أقوال منها أنه مأخوذ من الحاتِم وهو من أسماء الغُراب وبه سُمّيَ الرجل. وذلك لأن الغراب اذا تعب إنما يَحتِمُ، أي يقضي، بالفراق في زعمهم.
وقيل إن الاسم مأخوذ من الحُتْمَة، أي السواد. والحاتم هو الأسود من كل شيء. ومنها أن الحاتم هو القاضي، من قولهم: حتمَ بالشيء، أي قضى، ومنها أن الحاتم هو الحاكم الموجب للحُكم من قولهم: حَتمَ الأمرَ أو الشيء عليه، أي أوجَبه عليه، فهو حاتِم.
ونعود إلى حاتم الطائي لنختم بقوله لخادم له أن يوقد النار في ليلة مظلمة شديدة البرد بحيث يرتفع لهبُها فيراها عابر السبيل فيقصده:
أوقِدْ فإن الليلَ ليلٌ قَرُّ
والريحُ يا مُوقِدُ ريحٌ صَرُّ
عَسى يَرى نارَكَ مَنْ يَمُرُّ
إن جلَبتْ ضَيفاً فأنت حُرُّ.