العراق في الصحافة الأميركية
صحيفة "واشنطن بوست" تندد بسياسة الرئيس الأميركي وترى أنها أخفقت في أولى اختباراتها، وتجاهلت سلسلة من التهديدات العالمية في العراق وسوريا، وصحيفة "يو اس ايه توداي" تطالب بتقسيم العراق عقب فشل البرلمان العراقي في اختيار رئيس الوزراء.
وأضافت الصحيفة أن هناك "مخاوف متنامية من وقوع هجمات جهادية داخل الأراضي الأميركية ولا يمكن تجاهل الإضطرابات في الشرق الأوسط، لقدرتها على التمركز وتعبر الحدود مكتسبة قدرات وطاقات جديدة تهدد المواطنين الأميركيين في عقر دارهم". وأرجعت جذر التراجعات الأميركية إلى "قرار الرئيس أوباما التراجع عن توجيه ضربات جوية ضد سوريا، وعندما أوشك على تلقي هزيمة متوقعة في الكونغرس، وافق أوباما على اتفاق مع روسيا لحفظ ماء الوجه، والذي حمى نظام بشار الأسد في مقابل تسليمه للأسلحة الكيميائية". وأردفت الصحيفة أن أوباما "يسعى لتصحيح المسار في سوريا والعراق وحث إيران ودول الخليج على تجنب تحويل العراق إلى حرب جديدة بالوكالة، مدركاً أن الحد من نطاق المصالح الأميركية ليس هو السبيل الأفضل لإدارتها، وأنه لا غنى عن القيادة الأميركية في احتواء أي عدوان عالمي، وأنه من الأفضل مواجهة التهديدات قبل ظهورها بشكل كامل". من جهته، أوضح ليزلي غيلب، أحد أهم أركان الفكر الاستراتيجي الأميركي، والذي يترأس مجلس العلاقات الخارجية، أن الموقف الذي يتعين على الولايات المتحدة القيام به في العراق "لا يمكن السماح بانهيار هذا البلد". وفي مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" تراجع "بعض الشيء" عن مواقفه السابقة القائلة بتقسيم العراق لثلاث مناطق اثنية وعرقية، معللاً أنه في رؤيته آنذاك "لم يكن يهدف إلى الدعوة لسياسة التقسيم وإنما إلى وصف ما رأى أنه المصير الحتمي للعراق". واضاف غيلب انه بالتشاور مع نائب الرئيس الاميركي، السيناتور السابق جو بايدن عام 2006، طالبا بتشكيل نظام فيدرالي في العراق. وذلك "نظرا للنفوذ الهائل للولايات المتحدة (2003-2006) لا سيما في مجال الأسلحة والمساعدات"، موضحاً أن "النفوذ الأميركي أصبح محدوداً الآن ويعتمد على مدى استخدام الرئيس أوباما للقوة في التعامل مع الأزمة الراهنة، والأهم هو الحيلولة دون تحقيق تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) لمزيد من الانتصارات". وفي السياق نفسه أوضح غيلب أن حاجة الجيش العراقي للدعم الخارجي ينبغي أن تلقى ترحيباً أميركياً "كالذي يحصل عليه بالفعل من إيران وسوريا والآن من روسيا، كما ينبغي وضع الرئيس السوري في مواجهة مع الجهاديين في العراق، وهو ما بدأه من تلقاء نفسه مع الضربات الجوية نظراً لأن هذا سيؤدي للاعتراف بحقيقة أن العراق وسوريا يشكلان ساحة إستراتيجية واحدة مناهضة للجهاديين". وحذر غيلب من إعلان أوباما عن تخصيص نصف مليار دولار للجماعات المسلحة في سوريا قائلاً "ستدفع هذه الخطوة الأسد بعيداً عن الجهاديين في العراق والتحول لقتال الثوار المدعومين من الولايات المتحدة في بلاده، الأمر الذي يتناقض مع المصالح الأميركية الراهنة نظراً إلى أن التهديد الأكبر يتمثل في جماعة "داعش" وليس نظام الأسد". أما صحيفة "يو اس ايه توداي" فطالبت بتقسيم العراق عقب فشل انعقاد دورة البرلمان العراقي في حسم مركز رئيس الوزراء المقبل، مقروناً بانتصارات "داعش" التي قسمت البلاد إلى ثلاث مناطق. وشاطرتها في هذه الرؤية صحيفة "واشنطن بوست" التي طالبت بإعادة النظر في طلب قادة الإقليم الكردي إجراء استفتاء، معللة السبب بوجود ثلاثة دوافع رئيسية لأخذ الدعوات الجديدة لإجراء استفتاء على محمل الجد. أولاً: لا يشجع الوضع الحالي للعراق الطوائف والجماعات المختلفة على الحفاظ على انتمائهم للنسيج العراقي. ثانياً: كان إقليم كردستان يتمتع بنوع من الاستقلال منذ فترة طويلة، حيث مهد اتفاق الحكم الذاتي لعام 1970 الطريق لإجراء محادثات حول الاستقلال داخل العراق، ويحق للأكراد أيضاً الشعور بالاستياء من تقسيم ما بعد الحرب العالمية الأولى لمنطقة الشرق الأوسط. ثالثاً: هناك عامل تاريخي متمثل في الحدود الفاصلة بين سوريا والعراق والتي رسمها الفرنسيون والبريطانيون في عام 1916، إذ يعتقد كثيرون أن الصدع بين السنة والشيعة يعود إلى حد كبير نتيجة لذلك التقسيم الحدودي".من جانبها، عزت صحيفة "نيويورك تايمز" إخفاق البرلمان العراقي إلى مطالبة ممثلي الأكراد برواتبهم التي "تأخرت الحكومة في دفعها منذ انفصال إقليم كردستان عنها الشهر الماضي"، وذلك بالنظر إلى أن "عدد الحضور من النواب كان كافياً لانتخاب رئيس البرلمان والشروع في تشكيل حكومة". وأضافت أن اتفاقاً بين النواب السنة والأكراد تم التوصل إليه قبل التئام الجلسة أفضى إلى "اختيار سليم الجبوري رئيساً للبرلمان خلفاً لأسامة النجيفي، وإعلان الأكراد عن مرشحهم لمنصب الرئيس، وأن تعلن "كتلة التحالف الوطني" الشيعية عن رئيس وزراء شيعي ليحل محل نوري المالكي، إذ أصر كل من السنة والأكراد، بالإضافة إلى بعض الشيعة، على ضرورة رحيل المالكي". وأوضحت الصحيفة أن الاتفاق تلاشى "في اللحظة الأخيرة السنة واجهوا تحدياً من النجيفي، الذي يرغب في التمسك بمنصبه؛ ولم يتفق الأكراد على مرشحهم لمنصب الرئيس بينما لم يعلن الشيعة عن اختيارهم لمنصب رئيس الوزراء". وفي سياق متصل، استضاف "معهد كارنيغي" السفير العراقي في واشنطن، لقمان الفيلي، الذي نقل عنه "توجيهه تحذيراً للبيت الأبيض" بأنه إن لم يحصل العراق على المعونات العسكرية التي يطلبها "سيتوجه إلى خصوم الولايات المتحدة، إيران وروسيا وسوريا لتغطية ذلك". واستطرد الفيلي بالقول إن بلاده "كانت ترفض دوماً ذلك من خصوم أميركا بيد أن تطور الأوضاع الميدانية قد يدفعنا لمناشدة جيراننا تقديم مزيد من مستويات الدعم".