خشية من "كارثة" صحية في لبنان بعد ارتفاع أعداد الإصابات بكورونا

لبنان يسجّل منذ بدء تفشي فيروس كورونا أكثر من 83 ألف إصابة، ومسؤولون يحذّرون من "كارثة" مع بلوغ المستشفيات طاقاتها القصوى.

  • نادل يرتدي قناعاً للوقاية من فيروس كورونا في احدى مقاهي بيروت (أ ف ب).
    نادل يرتدي قناعاً للوقاية من فيروس كورونا في إحدى مقاهي بيروت (أ ف ب).

يحذّر مسؤولون في القطاع الصحي في لبنان من "كارثة" مقبلة على صعيد محاربة تفشي وباء كوفيد-19، بسبب العجز عن تطبيق تدابير رادعة تقرّها الحكومة، وبلوغ المستشفيات طاقاتها القصوى، وسط وضع اقتصادي متدهور لا يساعد في كبح جماح الفيروس.

وسجّل لبنان منذ بدء تفشي الوباء في شهر شباط/فبراير أكثر من 83 ألف إصابة، بينها أكثر من 600 وفاة. وبعدما نجحت الحكومة عبر إغلاق عام مبكر في احتواء الموجة الأولى، تسجّل البلاد مؤخراً معدلات إصابة قياسية رغم عزل عشرات البلدات والقرى.

ودعا وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن الإثنين إلى "إقفال عام في البلد لمدة أربعة أسابيع مع إجراءات صارمة"، متحدثاً عن بلوغ "مرحلة خطيرة" بات فيها "عدد الأسرّة التي يتم تجهيزها بالكاد يكفي للحالات المصابة".

وقال خلال افتتاح مركز طبي في أقصى منطقة البقاع الأحد، "نحن اليوم أمام منعطف خطير جداً وقاربنا المشهد الكارثي".

وكرّر حسن مع مسؤولين في القطاع الصحي الإشارة مؤخراً إلى أنّ تدابير الإقفال الجزئي التي فرضتها الحكومة خلال الأسابيع الأخيرة على مئات البلدات والقرى التي سجّلت نسبة إصابات مرتفعة لم تأتِ بالنتائج المرجوة، في ظل عدم الالتزام العام من المواطنين المرهقين جرّاء أزمة اقتصادية ونقدية حادة.

وبدأ منذ التاسعة من ليل الإثنين تطبيق حظر تجول في كافة المناطق يستمر حتى الخامسة فجراً، تزامناً مع عزل أكثر من 100 قرية وبلدة على أن تقفل فيها المدارس والمؤسسات كافة.

ونبّه حسن إلى أنّ ثمّة "حالات لا تجد أسرّة في العناية الفائقة، يجب أن يؤخذ هذا الأمر على محمل الجد".

وبحسب تقرير لمنظمة الصحة العالمية في نهاية تشرين الأول/أكتوبر، فإن 88% من الأسرّة في أقسام العناية الفائقة والبالغ عددها 306 كانت مشغولة.

قطاع صحي منهك 

وازداد معدل الإصابات اليومي خصوصاً بعد انفجار مرفأ بيروت، الذي أدى إلى مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة أكثر من 6500 بجروح، وساهم في إرباك القطاع الصحي الهشّ خصوصاً بعد خروج ثلاثة مستشفيات على الأقل من الخدمة جرّاء الأضرار الجسيمة.

ويخشى المسؤولون من انهيار المنظومة الصحية خصوصاً مع تسجيل إصابات مرتفعة في صفوف الطواقم الطبية، وعدم قدرتها على استقبال مرضى جدد مع استمرار ارتفاع عداد الإصابات.

وتحمل وزارة الصحة على المستشفيات الخاصة، التي تشكّل أكثر من 80% من قطاع الاستشفاء في لبنان، عدم مشاركتها بالشكل المطلوب في تحمّل أعباء التصدي للفيروس.

إلا أن نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون ينفي "الاتهامات". ويتحدّث عن "صعوبات جمة تواجهها المستشفيات للقيام بأكثر مما قامت به على هذا الصعيد" بعدما "شلّ انتشار الوباء طاقات القطاع وصعّب أكثر فأكثر قدرته على التجهيز اللازم لاستقبال الحالات".

وخلال اجتماع للجنة الوزارية لمتابعة الوباء، أعلن حمد الإثنين أنه تمّ الاتفاق على "إلزامية استعداد المستشفيات على كافة الأراضي اللبنانية الخاصة" و"رفع جهوزيتها" خلال أسبوع.

ويعاني قطاع الاستشفاء عموماً في لبنان على وقع تدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار، مع صعوبة استيراد المستلزمات والمعدات الطبية. وتتهم المستشفيات الخاصة الحكومة بالتخلف عن تسديد مستحقاتها.

"نموت من الجوع" 

ويأتي تزايد تفشي الفيروس في وقت يشهد لبنان أسوأ أزماته الاقتصادية التي ضاعفت معدلات الفقر في البلاد. وبات أكثر من نصف السكان البالغ عددهم نحو ستة ملايين يعيشون تحت خط الفقر، بينما خسر عشرات الآلاف وظائفهم أو مصادر دخلهم منذ مطلع العام.

وحال تردي الوضع الاقتصادي بدون إعادة فرض الحكومة حتى الآن لإغلاق عام، تعارضه جهات عدة شعبية واقتصادية.

وفي مقابلة تلفزيونية في نهاية الأسبوع، قال وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمّد فهمي إن "الوضع الاقتصادي المعدوم للدولة اللبنانية، بالإضافة إلى ثقافة بعض المواطنين في كافة المناطق" يحولان دون التجاوب مع التدابير الحكومية.

وأوضح "لا يمكن أن تطلب من بعض المواطنين البقاء في منازلهم لمدة معينة من دون مساعدتهم كون الوضع المعيشي مأساوي"، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن لسان حال بعض اللبنانيين "مستعد لأموت أنا وأولادي من كوفيد-19 على أن نموت من الجوع".

ودعت نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي، وهي من بين الجهات الأكثر تضرراً من تفشي الفيروس، إلى "اتخاذ قرار الإقفال التام لمدة أسبوعين، يشمل كامل الأراضي اللبنانية ومن دون استثناء لأي قطاع كان".

وقالت في بيان "الأفضل أن يتم هذا الأمر خلال شهر تشرين الثاني /نوفمبر.. بدلاً من كانون الأول/ديسمبر شهر الأعياد".

أعلنت منظمة الصحة العالمية في 31 كانون الأول/ديسمبر 2019 تسجيل إصابات بمرض الالتهاب الرئوي (كورونا) في مدينة ووهان الصينية، ولاحقاً بدأ الفيروس باجتياح البلاد مع تسجيل حالات عدة في دول أخرى حول العالم.