هل يكون 2022 عام القمح السوري؟
لطالما كان القمح سلاحاً استخدمته سوريا في الحفاظ على استقلالية قرارها السياسي، ولطالما حوربت بهذا السلاح.
-
مزارع في حقل قمح في ريف القصوة جنوب العاصمة السورية دمشق في 18 حزيران/يونيو 2020 (أ ف ب).
على مدى أعوام الحرب الإحدى عشرة، لم يسلم خبز السوريين من الاستهداف، إذ سيطرت ميليشيا "قسد" الانفصالية على "سلّة سوريا الغذائية"، وحرمت السوريين من غذائهم، عبر ترهيب الفلّاحين وإجبارهم على عدم تسليم المحصول للدولة.
ولم يتردّد الاحتلال الأميركي في إشعال حرائق هائلة في حقول القمح بشكل ممنهج ومتعمّد في العامين 2019 و2020، ليدّعي بعدها أنّه يحاول دعم السوريين في مواجهة ضائقتهم الاقتصادية، من خلال إدخال بذار مسمومة بشكل غير شرعي تُسبّب ضرراً في التربة لا يمكن تجاوز آثاره لسنوات عدّة.
ولا يكادُ يمر يومٌ من دون أن تُخرج قوات الاحتلال الأميركي أرتالاً محملة بالقمح المسروق من معبر الوليد غير الشرعي باتجاه الأراضي العراقية.
ومع دخول البلاد عامها الثاني عشر من الحرب، يتصدّر القمح قائمة السلع التي يتم استيرادها، منهكاً الاقتصاد الوطني، ومستنزفاً العملات الأجنبية الموجودة لديه.
زيادة المساحات المزروعة والتوسّع في استخدام السماد العضوي
خلال جولته على عدد من الأراضي المزروعة بالقمح في المنطقة الوسطى، استبشر وزير الزراعة السوري، محمد حسان قطنا، خيراً بإنتاج كميات جيدة هذا العام.
وقال للميادين نت إنّ قطاع الزراعة تأثر بالظروف المناخية، وأضاف: "خسرنا العام الماضي ما لا يقل عن 3 مليون طن من الإنتاج، بسبب عدم هطول الأمطار، لكن هذا العام، إذا بقيت وتيرة الهطول على هذا النحو، فسيكون الوضع مطمئناً، وسنحصل على 5 ملايين طن من الحبوب، تغطي نسبة لا بأس بها من احتياجنا الغذائي، تتضمن الشعير والبقول، والأهم محصولنا الاستراتيجي القمح".
وعلى الرغم من الزيادة "المُشجعة" في السعر الذي ستمنحه الوزارة هذا العام للفلاحين الذين سيُسوّقون محصولهم لها، فلا تزال هناك فجوة واسعة بين المساحة المزروعة وما تستلمه الحكومة.
وبحسب الوزير السوري، تمّ خلال العام الماضي إنتاج "حوالى 1.9 مليون طن، لم يُسوَّق منها للحكومة سوى 360 ألف طن، بينما تم هذا العام زراعة حوالى مليون ونصف المليون هكتار، أي كامل المساحة المخططة للري، و80% من المساحة المخططة للزراعة البعلية، بزيادة حوالى 400 ألف هكتار عن العام الماضي".
وخوفاً من قانون قيصر، "لم تتقدّم أي شركة لمناقصات استيراد هذه الأسمدة". وبحسب الوزير، تم تعديل الآلية، إذ ستعتمد الحكومة على الأسمدة العضوية بديلاً من تلك المستوردة، وستقوم بالتحضير لعدة ورشات لتدريب الفلاحين على إنتاجها بشكل ذاتي وتقديم القروض الميسرة لهم، لأن "الأسمدة العضوية أقلّ تكلفة، وذات تأثير إيجابي كبير في جودة الإنتاج وكميته".
وتسعى الوزارة إلى إيجاد حلول مستدامة لمواجهة التّحدي القديم الجديد المتمثل بنقص الأسمدة الآزوتية، إذ إنّها لم تتمكن من تأمينها هذا العام سوى لمحصولي القمح والشمندر السكري، مُعتمدةً على الإنتاج المحلي لمعمل حمص.
جدل حول استيراد القمح الهندي
وفي الوقت الذي نفى وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، عمرو سالم، عبر صفحته في "فيسبوك"، نية سوريا شراء قمح من دولة أخرى غير روسيا، أعلنت المؤسسة السورية للحبوب أنّها بصدد التعاقد مع الهند لاستيراد 200 ألف طن قمح منها، وأنّها ستقوم بالبحث عن خيارات بديلة لاستيراد القمح.
ويستبعد مدير المؤسسة السورية للحبوب، عبد اللطيف عبد الأمين، وجود علاقة بين هذا الأمر والقرار الذي أصدرته روسيا بمنع تصدير القمح، معتبراً أنّ هذا "الأمر يتعلق بالسعر فقط، فتكلفة الاستيراد ارتفعت من 317 دولاراً إلى 400 دولار للطن الواحد، وذلك بعد رفع قيمة التأمينات".
ويُطمئن عبد الأمين السوريين بأنّ العقود القديمة مع روسيا يتمّ تنفيذها تباعاً، ويضيف أنّ "الكميّة المتفق عليها سابقاً تبلغ 300 ألف طن، تم استيرادها بالسعر القديم، والبواخر تفرّغ الحمولة في المرافئ، ثم إنّ لدى المؤسسة مخزوناً داخلياً، والعقود المبرمة تكفي حتى نهاية 2022".