الزمالك والأهلي.. صراع القاهرة وسلامها!

مباراة الزمالك والأهلي المصريين، واحدةٌ من أعرق المباريات في كرة القدم، تاريخٌ من الصراع والأحداث، سيتكلّل بلقاءٍ للتاريخ ولأوّل مرّة في نهائي دوري أبطال أفريقيا.

  • الزمالك والأهلي.. صراع القاهرة وسلامها!
    الزمالك والأهلي.. صراع القاهرة وسلامها!

إذا زرتَ القاهرة يوماً، ستجد فيها الكثير من القصص، ستجوب الشوارع باحثاً عن كشكٍ يبيع "الكشري" لتتذوّق طعام مصر وتسأل ما قصته؟ وقد تعرّج باحثاً عن محلّ حلوى لتكتشف ما هو جديد، قد تدخل إلى دور السينما أو بعض المتاحف التي تحتفظ بجثث الفراعنة، وتقف مذهولاً، وقد تأسرك الأصوات المتصاعدة من دور الأوبرا.

ولكن إذا كنت محبّاً للرياضة أو مجرّد متابعٍ لها، اجلس في أحد المقاهي، وانظر في الوجوه واسأل عن قصص مباراة الأهلي والزمالك، ستجد أن الشيوخ والشباب والصغار، كلٌّ منهم يحمل قصّته مع هذه المنافسة الكرويّة بين قطبيّ العاصمة المصرية، قصصٌ ستكون مذهلةً، تتحدث عن صراعٍ كرويٍّ عمره أكثر من مئة عام، وعن مواجهةٍ تعكس ثقافة تحدٍّ اجتماعي وسياسي. 

"ديربي القاهرة" في عيون محبّيه من المصريين هو أقوى "ديربي" في العالم، هو أقوى صراع، ففي يوم المباراة تنقسم مصر وتميل إما للّون الأحمر أو الأبيض، ففي هذا النِّزال لا بدّ من تأخذ طرفاً. نِزالٌ أو مباراةٌ دَفعت الصحف العالمية بمعظمها إلى التحدث عنه، واختلفت التصنيفات ولكن أحدٌ لم يشكّك بأنه من بين أقوى الديربيات في العالم. 

سيلتقي الأهلي والزمالك للمرة الأولى في نهائي دوري أبطال أفريقيا، الجمعة المقبل، وستُقام المباراة في القاهرة، لكن الأسوار ستكون موصدةٌ في وجه الجماهير، وعلى الرغم من هذا الإقفال، ستكون المباراة  هي الأهم في تاريخ مواجهة الفريقين خصوصاً وأنها في نهائي قاريّ، في نهائي بطولةٍ كانت سبباً من أسباب الصراع التاريخي بين الفريقين.

أسباب العداوة والخلاف بينهما كثيرةٌ، لكن بعضها خلق الكثير من الجدل وعزّز هذه العداوة. في البداية، لم يكن هناك تنافسٌ بين الفريقين حيث تأسّس النادي الأهلي في العام 1907 وكان للمصرين فقط، وفي العام 1911 تأسس نادٍ في العاصمة القاهرة كان يُعرف بنادي "قصر النيل"، الزمالك اليوم. كان الزمالك للجميع ولم يكن محصوراً بجنسيةٍ واحدة. لم تكن هناك مشاكل حتى عام 1914، عندما قرّر اللاعب حسين حجازي الملقب بـ"أبو الكرة المصري" وهو أوّل محترفٍ عربيٍّ في أوروبا، تَرك فولهام الإنكليزي والعودة من أجل اللّعب في مصر، وهنا اختلف الفريقان على ضمّه، لكنه فضّل اللعب لصالح نادي "السكة الحديد" النادي الأقدم. 

قضى حجازي موسماً واحداً مع فريقه ثم انتقل إلى الأهلي حيث لعب موسمين لنادي "القلعة الحمراء" لينتقل بعدها إلى نادي "المختلط" اسمٌ ثانٍ للزمالك، وهناك قضى 5 مواسم. بعدها، قرّر "المختلط" تغيير مقره، حيث كان المقر الجديد خالياً من لعبتيْ "البلياردو" و"البريدج"، فقرّر حجازي المحبّ لهاتين اللعبتين العودة إلى الأهلي، فلعب لموسمٍ واحدٍ هناك. وفي نفس الموسم تدهورت نتائج الزمالك وكاد أن يهبط إلى الدرجة الثانية، فتعاقد الزمالك معه واعتزل هناك عام 1931، هذه كانت أولى شرارت الخلاف بينهما. 

في السابق أيضاً، كان يُقال أن الزمالك هو نادي الأغنياء والأهلي فريق الشعب، ولا شك أنهم سواسية اليوم في ظلّ ما تعيشه مصر على الصعيد الإقتصادي والإجتماعي. هذه "الدعاية" وإن صحّ التعبير جعلت الأهلي فريق الشعب فتوسّعت قاعدته الجماهيرية، ليصبح عدد مشجعيه في مصر يفوق العشرة ملايين وربما 20 وأكثر. توسّعت القاعدة الشعبية للأهلي، فخلق ذلك نوعاً من الغيرة بين الفريقين وهذا ما يميّز "الديربي"، ألا وهو السعي نحو التفوّق على قطب مدينتك الآخر.

وفي طريق السعي إلى المنافسة والتفوّق، مُنح الأهلي جائزة "نادي القرن الأفريقي" عام 2001 من قبل اتحاد اللعبة في البلاد. شعر الزمالك بأنه قد ظُلم، لأنه كان متفوقاً على الأهلي من حيث الألقاب في البطولة القاريّة، لكن معايير تقييم "الكاف" كانت مختلفة عن عدد البطولات، حيث شملت عدد النقاط ومرّات بلوغ الدور ربع النهائي والنصف والنهائي.

هذا الصراع الذي استمر طويلاً، كسره "شيكابالا" لاعب الزمالك محمد عبد الرازق بعد مجزرة بورسعيد في الأول من شباط/فبراير 2012 والتي أودت بحياة 74 مشجعاً للأهلي، بعدها خرج نجم "الفارس الأبيض" إلى الإعلام لأوّل مرة في حياته، وكان ظهوره الأوّل على قناة الأهلي الرسميّة، حيث أظهر التعاطف وتبرّع بالمال لعوائل الشهداء. 

الحديث عن قصص الأهلي والزمالك قد يملؤها الكثير من الحديّة والتنافس والعداوة، لكن ما عاشته مصر أظهر أنه في "ديربي القاهرة" كثيرٌ من الحبّ والسّلام في "أم الدنيا".