فنلندا والسويد.. ما هي الإضافات "المحتملة" إلى حلف الأطلسي؟

فخ تحاول القوى الغربية من خلاله جر موسكو إلى رد فعل ميداني مكلف قد يفاقم التغيّرات الدراماتيكية الحالية.

  • جدية ستوكهولم وهلسنكي في مسألة الانضمام إلى حلف الناتو، تبقى محل جدل كبير.
    جدية ستوكهولم وهلسنكي في مسألة الانضمام إلى حلف الناتو، تبقى محل جدل كبير.

دخلت الأزمة الأوكرانية منعطفاً آخر على المستوى الاستراتيجي، بإعلان السويد وفنلندا، عزمهما على الانضمام إلى حلف الناتو، في خطوة ضاغطة يرى البعض أن الغرض الأساسي منها، هو إرسال رسالة إلى موسكو، مفادها أن انضمام دول شرقي أوروبا إلى حلف الناتو -الذي كانت الحيلولة دون حدوثه بمثابة أحد أهم الأسباب التي سوّقتها موسكو لتبرير عمليتها العسكرية في أوكرانيا- باتت احتماليته أكبر على الرغم من الهجوم الروسي على أوكرانيا.

من ناحية أخرى، يمكن اعتبار هذه الخطوة فخاً غربياً يُنصب لموسكو، يجري من خلاله استثمار التباطؤ المتزايد في وتيرة العمليات العسكرية الروسية على الجبهتين الشرقية والجنوبية في أوكرانيا، فضلاً عن فشل موسكو في تحقيق الأهداف الميدانية التي كانت تستهدفها في المرحلة الأولى من العمليات، وتقليص هذه الأهداف وتعديلها لتصبح مقتصرة على السيطرة على دونباس. هذا الفخ تحاول القوى الغربية من خلاله جر موسكو إلى رد فعل ميداني مكلف، قد يفاقم التغيّرات الدراماتيكية الحالية في الموقف العسكري الروسي في أوكرانيا، في ظل تدفق الأسلحة والمنظومات القتالية النوعية على كييف.

لكن جدية ستوكهولم وهلسنكي في مسألة الانضمام إلى حلف الناتو، تبقى محل جدل كبير، سواء داخل الأوساط السياسية لكلا البلدين، أو من منظور بعض دول حلف الناتو، التي ترى في هذه الخطوة استفزازاً آخر لموسكو "لا داعي له في هذه المرحلة"، أو محاولة لاتخاذ هذا الملف وسيلة للحصول على مكاسب إضافية، وتسجيل نقاط سياسية أو عسكرية، كما في الحال التركية مثلاً.

بصرف النظر عن مسألة الجدية، تجب الإشارة إلى أن مسار الانضمام إلى حلف الناتو هو مسار طويل، زمنياً، وإجرائياً، حتى بالنسبة إلى دول أوروبية متقدّمة مثل فنلندا والسويد، خصوصاً إذا ترافق هذا المسار مع تلكّؤ أو رفض أي دولة انضمامهما إلى الحلف، وهو ما يؤدّي بالتبعية إلى إطالة هذا المسار أو إنهائه تماماً.

الجانب العسكري في هذه المعادلة يبدو الأهم، نظراً إلى التطورات الحالية في أوكرانيا، لذا يبدو من الضروري النظر إلى ما يمكن أن تقدّمه فنلندا والسويد في هذا الإطار، خصوصاً أنّ متطلبات الانضمام إلى حلف الناتو تقتضي بعض التعديلات في الإنفاق الدفاعي للدول التي ترغب في الانضمام إليه، بجانب بنود أخرى يُطلب تحقيقها كي توافق أحوال تلك الدول نص المادة الثالثة من معاهدة تأسيس حلف الناتو، التي تلزم الدول الأعضاء الحفاظ على قدراتهم العسكرية الفردية والجماعية، وتطويرها باستمرار لمواكبة أي تهديد للحلف أو للدول المنضوية تحت لوائه. 

قوة بشرية مهمة لفنلندا في أوروبا

بالنسبة إلى فنلندا، لعل إحدى أهم النقاط الإيجابية في قواتها المسلحة هي القوة البشرية وآليات الخدمة العسكرية والتعبئة، فعلى الرّغم من التصنيف المتأخر للجيش الفنلندي فيما يتعلق بالقوات العاملة، إلا أنه يعد من الجيوش الأوروبية القليلة، التي لم تعمد إلى خفض قوتها العسكرية العاملة بصورة كبيرة، في مرحلة ما بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وظل جيشها محافظاً على نظام للتجنيد الإجباري، مع أنه اضطر عام 2013، تحت ضغط الوضع الاقتصادي، إلى خفض عديد القوات النظامية من 350 ألف جندي إلى 230 ألف جندي فقط.

هذا الخفض جرى تعديله وقد حدّثت منظومة التجنيد كلها في مطلع عام 2017، حين أصدرت الحكومة الفنلندية بالاشتراك مع وزارة الدفاع، تقريراً تناول الحال الدفاعية للبلاد، وتوصيات خاصة بالاستراتيجية العسكرية للسنوات العشر المقبلة، تضمنت توصيات بزيادة عديد القوات النظامية الفنلندية، من 230 ألفاً إلى 280 ألف جندي، وإنشاء وحدات انتشار سريع من المجنّدين المدربين، لتقوم بسد الفجوات التي تحدث في الفترات التي لا تشهد تجنيداً لمجندين جدد، وإتاحة إمكانية استدعاء ما يصل إلى 25 ألف جندي احتياط سنوياً للانخراط في التدريبات العسكرية من دون إشعار سابق.

تضمنت هذه التوصيات أيضاً مد فترة الخدمة العسكرية الإلزامية، لمجموعات محددة من الذكور المطلوبين للخدمة العسكرية، لتصبح عاماً واحداً بدلاً من ستة أشهر، على أن يجري استدعاؤهم بعد ذلك على مراحل لمزيد من التدريبات العسكرية على فترات متباعدة. هذه الاستراتيجية وفّرت على هلسنكي القدرة على تدريب ما يقارب 22 ألف جندي سنوياً. 

اتّخذت فنلندا عامي 2015 و2016، إجراءات إضافية لتسريع عملية التعبئة ورفع مستوى الاستعداد القتالي لقواتها البرية، وشملت هذه الإجراءات تحديث قاعدة البيانات الخاصة بجميع جنود الاحتياط المتاحين، البالغ عددهم نحو 900 ألف جندي. وهي قوة احتياط تعد من كبريات القوى في أوروبا. يعد حجم قوة الاحتياط، إحدى نقاط القوة الأساسية في الجيش الفنلندي، علماً أن دولاً أخرى مثل النرويج مثلاً، وعلى الرغم من امتلاكها عدد سكان مماثلاً لعدد السكان في فنلندا، إلا أن قواتها العاملة والاحتياطية مجتمعةً لا تتجاوز 65 ألف جندي، في حين تمتلك فنلندا حالياً قوة عاملة تقدر بـ 12 ألف جندي، يمكن زيادتها في حال الحرب إلى 280 ألف جندي، يضاف إليهم 900 ألف جندي احتياطي، يمكن حشدهم في حال إعلان التعبئة العامة. 

التسليح الفنلندي الجوي والبري

على مستوى التسليح، يمكن القول إن وحدات المدفعية والمدفعية الصاروخية، تعد من أهم نقاط قوة الجيش الفنلندي، نظراً إلى أنها من أكبر القوى المدفعية في أوروبا كلها، بامتلاكها مدافع يتراوح عددها من 800 إلى 1000 مدفع، تتضمّن 650 مدفع هاوتزر وهاون مقطور، بجانب عدد من راجمات الصواريخ ومدافع الهاوتزر ذاتية الحركة، بما في ذلك نحو 40 مدفعاً كورياً جنوبياً من نوع "كي-9"، وتعد هذا المدافع من أفضل أنواع المدفعية ذاتية الحركة على مستوى العالم. تتميّز وحدات المدفعية الفنلندية أيضاً بامتلاكها مجموعة من الذخائر المتطورة، بما في ذلك قذائف "بونوس" السويدية الصنع المضادة للدبابات.

على مستوى القوة الجوية، تمتلك هلسنكي نحو 160 طائرة في سلاحها الجوي، لا تتضمن مروحيات قتالية، لكن، تضم 55 طائرة مقاتلة من نوع "أف-18". ونظراً إلى تقادم هذه المقاتلات وقرب خروجها من الخدمة عام 2025، شرعت فنلندا منذ عام 2015 في البحث عن مقاتلات بديلة، وقد اختارت فنلندا فعلاً في كانون الاول/ديسمبر الماضي، شراء 64 مقاتلة أميركية من الجيل الخامس، من نوع "أف-35"، في صفقة تصل قيمتها إلى نحو 15 مليار دولار، ستشمل أيضاً التزود بذخائر جوية، وربما أعداداً من النسخة الأحدث من مقاتلات "أف-18"، بما في ذلك نسخة الحرب الإلكترونية "أي أيه-18 جي". دخول هذا العدد من المقاتلات الحديثة سلاح الجو الفنلندي في السنوات المقبلة، سينقله نقلة كبيرة تجعله إضافة جيدة في حلف الناتو.

بحرياً، تتكوّن البحرية الفنلندية من قرابة 250 قطعة بحرية، لكن جوهر هذه القوة هو 8 زوارق صاروخية سريعة، و18 كاسحة ألغام. هذه القوة البحرية الصغيرة، ملائمة لطبيعة الساحل الفنلندي، وللمهام الأساسية المطلوبة منها، التي تتلخّص في عمليات المراقبة الساحلية، وعمليات مكافحة الغواصات، وقد حدث ذلك بضع مرات، استخدمت فيها الوحدات البحرية الفنلندية قذائف الأعماق لاستهداف ما يعتقد أنه غواصات روسية تتحرّك قرب الساحل الفنلندي. تفتقر هذه القوة إلى الغواصات والفرقاطات الثقيلة، سواء منها المخصصة لعمليات مكافحة الغواصات أو فرقاطات الدفاع الجوي، لكن توفر القوة الحالية القدرة لحلف الناتو على مراقبة التحرّكات الروسية عن كثب بين ميناء سانت بيترسبرغ وقاعدة أسطول بحر البلطيق في إقليم كالينيغراد، وكذلك التحرّك في مياه القطب الشمالي، كما تنص خطة التسليح الفنلندية التي أعلنت عام 2019 وتستمرّ حتى عام 2031، على شراء فرقاطات ثقيلة.

يرجّح أن توقّع فنلندا في القريب العاجل، مجموعة من العقود التسليحية الجديدة، فقد خُصّص نحو 1.74 مليار يورو لشراء منظومات جديدة مضادة للدبابات وأنظمة صاروخية متنوعة، بجانب أنظمة للدفاع الجوي وطائرات للمراقبة الحدودية، وقد بدأت فنلندا فعلاً التواصل مع بعض الدول والجهات ولا سيما "إسرائيل" لتحديث دفاعاتها الجوية، فضلاً عن دخولها في مباحثات للتعاون الدفاعي، مع دول أخرى مثل المملكة المتحدة.

جزيرة "غوتلاند" السويدية.. نقطة قوة في بحر البلطيق

فيما يتعلّق بالسويد، كان العنوان الأساسي لعلاقتها بالإمبراطورية الروسية ومن بعدها الاتحاد السوفياتي وروسيا الاتحادية هو "السيطرة على بحر البلطيق"، لذا لا يمكن إبداء أي تعجب من رد الفعل الروسية -الحادة - حيال إعلان السويد رغبتها في الانضمام إلى حلف الناتو، خصوصاً في ظل فرض السويد عقوبات على روسيا عقب بدء عملياتها في أوكرانيا، وقيامها بخطوة هي الأولى منذ سماحها بعبور الأسلحة إلى فنلندا عام 1939، ألا وهي تسليم أوكرانيا نحو خمسة آلاف قاذفة مضادة للدبابات من نوع "AT-4"، ومعدّات عسكرية أخرى. هنا لا بد من النظر بدقة أكثر إلى الوضع العسكري العام للقوات المسلحة السويدية، وحجم الإضافة، التي من الممكن أن تضيفها إلى حلف الناتو، في حال انضمام ستوكهولم إليه.

يمكن اعتبار جزيرة "غوتلاند"، إحدى أكبر الجزر السويدية على الإطلاق، بمثابة نقطة قوة أساسية في حوزة السويد، إذ تعد مرتكزاً جغرافياً أساسياً، سيوفر لحلف الناتو، في حال انضمام السويد إليه، نقطة مراقبة ورصد مستدامة في نطاق بحر البلطيق وخليج فنلندا، يمكن استخدامها في توفير الدعم العسكري لدول الحلف في هذا النطاق، مثل إستونيا ولاتفيا وليتوانيا، بجانب مراقبة نشاطات أسطول بحر البلطيق الروسي، وتحرّكاته انطلاقاً من قاعدته الأساسية في كالينينغراد، التي تبعد غوتلاند عنها مسافة 300 كيلومتر فقط. تاريخياً ظلت السيادة السويدية على هذه الجزيرة مستمرة طوال العقود الماضية، خصوصاً إبان الحرب الباردة، حيث احتفظت ستوكهولم على هذه الجزيرة بنحو 25 ألف جندي، معززين بعشرات الدبابات ووحدات المدفعية الساحلية والوسائط المضادة للطائرات.

عقب انتهاء الحرب الباردة، قلّصت السويد عديد قواتها على هذه الجزيرة تدريجاً، إلى أن حلت الفوج المسؤول عن حماية هذه الجزيرة عام 2005، وظلت الجزيرة، عملياً، من دون قوات عسكرية تحميها، إلى أن ضمّت موسكو شبه جزيرة القرم عام 2014، فبدأت ستوكهولم ببحث إمكان إعادة تأليف فوج الدفاع عن الجزيرة، وهو ما نفذ عملياً عام 2015، وبصورة رسمية في أواخر عام 2017، وقد تلقى الفوج المعادُ تشكيله على متن الجزيرة، بضع موجات من التعزيزات في تلك الفترة، منها دبابات جرى  إرسالها عام 2016، وعربات مدرعة في آب/أغسطس عام 2020، بجانب تمركز وحدات للدفاع الجوي متوسّط المدى من نوع "BAMSE-SRSAM"، وصلت إلى الجزيرة في تموز/يوليو 2019. آخر التعزيزات التي تلقاها هذا الفوج كانت في منتصف كانون الثاني/يناير الماضي، بالتزامن مع تعيين قائد جديد له، وتستهدف ستوكهولم إيصال عديد القوات على الجزيرة إلى أربعة آلاف جندي، بدلاً من نحو 600 جندي حالياً.

يبدو من الواضح أن ستوكهولم ترتكز - من المنظور الاستراتيجي - على هذه الجزيرة، في استراتيجيتها الدفاعية الحالية، سواء ما يتعلّق بالجانب المعلوماتي والاستخباري، الذي توفّره هذه الجزيرة وموقعها الجغرافي، أو الجانب اللوجستي المتعلق باستخدامها كمنطلق لنشر وحدات بحرية وجوية على نحو سريع. هذا ما أشار إليه أخيراً، الجنرال مايكل كلايسون، الذي يتولى قيادة العمليات المشتركة للجيش السويدي، حيث أشار بوضوح إلى أن السيطرة على هذه الجزيرة، تمنح السويد سيطرة "فعالة" على قسم كبير من مياه بحر البلطيق وأجوائه، علماً أن الجيش الأميركي سبق وأجرى مع القوات السويدية عام 2017، مناورة كبيرة في محيط هذه الجزيرة، جرت فيها محاكاة التصدي لهجوم روسي عليها.

لذا كان من الطبيعي إطلاق السويد في آذار/مارس الماضي، سلسلة من التدريبات العسكرية في جزيرة غوتلاند، وكان لافتاً إرسال القوات الجوية الروسية، 4 طائرات حربية نحو الجزيرة في خلال هذه التدريبات، اكتشفت السلطات السويدية، أن هذا التشكيل الذي تكوّن من مقاتلتين من نوع "سوخوي-27" وقاذفتين من نوع "سوخوي-24"، كان يتضمن ذخائر نووية حملتها القاذفتان الأخيرتان، علماً أن الطائرات الحربية الروسية قد دأبت في السنوات الأخيرة، على الإقلاع دورياً من إقليم كالينينغراد، لاختبار مدى الجاهزية والاستجابة لدى الوحدات الجوية التابعة لحلف الناتو والسويد وفنلندا.

التسليح السويدي.. قوة بحرية معتبرة

على مستوى القوة البشرية، خفضت السويد بقوة عدد الجنود العاملين في وحداتها العسكرية، منذ عام 1999، ليصل حالياً إلى نحو 16 ألف جندي عامل، و22 ألف جندي احتياط، بعد أن كان إجمالي عدد أفراد الجيش السويدي في ثمانينيات القرن الماضي نحو 800 ألف جندي. هذا الخفض تضمن إلغاء نظام التجنيد الإجباري عام 2010، والتحوّل على نحو كامل إلى نظام التطوع، وهي خطوة أثبتت فشلها، حيث تشير التقديرات إلى أن 6 من كل 10 جنود بدأوا التدريب الأساسي، انسحبوا قبل انتهاء مدة عقودهم، وهو ما دفع الجيش السويدي عام 2017، إلى إعادة التجنيد الإجباري على نحو محدود. الزيادة الجديدة في المخصصات الدفاعية، ستسمح برفع عديد القوات السويدية العاملة والاحتياطية، إلى نحو 90 ألف جندي، وكذلك بزيادة عدد المجندين الجدد ليصبح نحو 8 آلاف جندي سنوياً بحلول عام 2025، عوضاً من 4 آلاف جندي حالياً.

زيادة عديد القوات السويدية، سيتيح إنشاء لواء مشاة ميكانيكية، ولواء مدرع آخر، يضافان إلى اللواءين الأساسيين العاملين حالياً، بما في ذلك لواء ميكانيكي جديد بمدفعية محدثة. ويخطّط الجيش السويدي أيضاً لتأسيس كتيبة بحرية برمائية إضافية في غوتنبرغ غربي البلاد، وتوفير مزيد من التمويل للتجنيد والتدريب المتخصّص للقوات العاملة.

على المستوى التسليحي، ربما يمكن أن تعدّ امتلاك البحرية السويدية، قاعدة بحرية تحت الأرض، تسمّى "قاعدة موسكو"، إحدى المفارقات اللافتة والجديرة بالاهتمام،  نظراً إلى اسمها، فهذه القاعدة تقع في جزيرة موسكو، التابعة لبلدية "هانينجه"، على بعد 40 كيلومتراً جنوب العاصمة السويدية، وقد بدأ بناء هذه القاعدة في ذروة الحرب الباردة عام 1950، واكتمل تأسيسها عام 1969، وهي عبارة عن 3 أرصفة مصممة لاستيعاب المدمرات والغواصات، إلا أنه تقرّر إغلاقها عام 2004، والاكتفاء بوجود قاعدتين بحريتين فقط لتمركز البحرية السويدية.

عُدّل هذا الوضع فجأة في أيلول/سبتمبر 2019، حين أعلنت هيئة الأركان البحرية السويدية، عودتها إلى التمركز في هذه القاعدة، لتصبح القاعدة الأساسية للبحرية السويدية، وهو ما جرى تفعيله على نحو كامل في مطلع عام 2020، كجزء من خطة تحديث المنشآت العسكرية السويدية، وفي إطار خطة لإعادة تمركز الوحدات القيادية الرئيسة للجيش السويدي، في مناطق محصنة ومنتشرة جغرافياً خارج العاصمة.

هذا التوجّه من جانب البحرية السويدية، ألقى الضوء بصورة أكبر على الدور الذي يمكن أن تؤديه في منظومة الناتو البحرية، وهو الدور الذي يمكن اعتباره أحد عوامل القوة، التي يمكن أن تقدمها السويد إلى الحلف. وعلى عكس فنلندا، تمتلك البحرية السويدية 4 غواصات تعمل بالديزل والكهرباء، بواقع غواصة واحدة من الفئة "سودرمانلاند"، و3 غواصات من الفئة "جوتلاند"، وستنضم إلى هذه الغواصات، غواصتان جديدتان من الفئة "بليكينج"، تبلغ إزاحة الغواصة الواحدة منهما 1900 طن، أي أكبر من النوعين العاملين في الخدمة حالياً، علماً أن 3 غواصات من الفئة الأقدم "غوتلاند"، تلقّت على مدار الأعوام الأخيرة تحديثات لتمديد مدة خدمتها.

يضاف إلى هذه الغواصات، 7 طرادات صاروخية من الفئتين "فيسبي" و"غوتيبورغ"، تتسلح بصواريخ "RBS-15" المضادة للسفن، وهذه الطرادات جيدة التسليح، دخلت في مرحلة التحديث الشامل، بعد توقيع شركة "ساب" السويدية، عقداً في كانون الثاني/يناير 2021، تبلغ قيمته 190 مليون "كرونا" سويدية، لترقية طرادات الفئة "فيسبي"، بما يسمح لها بالبقاء في الخدمة حتى عام 2040. يتضمن هذا العقد تسلّح الطرادات بأنظمة دفاع جوي وطوربيد جديدة، وبالنسخة الأحدث من صواريخ "RBS-15"، التي تنتجها شركة "ساب" أيضاً، ما يوفر لها القدرة على استهداف قطع بحرية من مسافات تتجاوز 200 كيلومتر.

تمتلك البحرية السويدية أيضاً 9 كاسحات للألغام، و14 زورق دوريات ساحلية، ونحو 165 زورقاً هجومياً سريعاً، وعدداً مماثلاً من سفن الإنزال، وتخطّط البحرية السويدية بداية من عام 2026، لإيجاد بدائل حديثة من زوارق الدوريات الساحلية، مع إدخال كاسحات الألغام ضمن برنامج تحديثي لإطالة عمرها العملياتي، وكذلك تحديث قدرات الدفاع الجوي المتوافرة لسفن السطح. تبدو القوة البحرية السويدية فعالة من حيث المبدأ، في نطاق مماثل لنطاق بحر البلطيق، وباستكمال حصول طراداتها على صواريخ بحرية أبعد مدى، ستمثل إضافة مهمة للقوة البحرية لحلف الناتو.

على مستوى سلاح الجو، تمتلك القوات الجوية السويدية البالغ قوامها 2700 فرد، 100طائرة مقاتلة متطورة من الجيل الرابع من نوع "جريبين سي/دي"، و8 طائرات من دون طيار من نوع "أر كيو-7"، و48 طائرة مروحية خفيفة ومتوسطة الحجم غير هجومية، و8 طائرات نقل، وطائرتي إنذار مبكر، المخصصات المالية الجديدة ستتيح تحديث هذا الأسطول الحديث في مجمله، حيث يخطّط سلاح الجو السويدي للاستمرار في تشغيل نحو 40 مقاتلة من النسخة "سي/دي" من مقاتلات"جريبين" بعد تحديثها حتى عام 2027، مع إدخال 60 مقاتلة جديدة من النسخة "إي" جرى التعاقد عليها فعلاً مع شركة "ساب" السويدية إلى الخدمة. يرجح أن تتعاقد السويد قريباً على أنواع جديدة من الطائرات من دون طيار، وكذلك على طائرات إنذار مبكر جديدة، لتحل محل طائرتي "ساب-340" العاملتين حالياً في سلاح الجو السويدي، علماً أن سلاح الجو السويدي طلب في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، شراء طائرتي إنذار مبكر جديدتين من نوع "ساب غلوب أي".

برياً، يمتلك الجيش السويدي 121 دبابة من نوع "Stridsvagn 122" وهي نسخة مطورة محلياً من الدبابات الألمانية "ليوبارد 2 أيه 5"، هذا بجانب نحو 400 مركبة قتال مدرعة وأكثر من ألف ناقلة جند مدرعة، بجانب 90 مدفعاً ذاتي الحركة، و300 مدفع هاون من عياري 81 و120 ميلمتراً. يخطّط الجيش السويدي لاستبدال الدبابات وعربات القتال المدرعة الموجودة في الخدمة بنسخ أحدث، مع زيادة عدد المدفعية ذاتية الحركة، علماً أن الدفاع الجوي السويدي تلقى دفعة كبيرة إلى الأمام، بعد أن تسلم في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، 4 بطاريات من منظومة الدفاع الجوي الأميركية "باتريوت"، لتحل محل منظومات "هوك" المتقادمة، وهو ما أتاح للسويد قدرات ممتازة للتصدي للصواريخ الباليستية.

الجغرافيا أساس القيمة العسكرية المضافة لفنلندا والسويد 

خلاصة القول أن الجانب الجغرافي في السويد وفنلندا، سواء منه الحدود المشتركة بين فنلندا وروسيا، البالغ طولها 1300 كيلومتر، أو جزيرة "غوتلاند" السويدية في بحر البلطيق، يعتبران أساس الإضافة الإيجابية التي يمكن أن يوفّرها كلا البلدين لحلف الناتو، بجانب إضافة محدودة لكنها فعالة للقوة العسكرية لحلف الناتو، خصوصاً في ساحة القطب الشمالي، إحدى الساحات التي يتوقع تسخينها في السنوات المقبلة. 

يضاف إلى ذلك أنه في حال انضمام فنلندا والسويد إلى الحلف، فسيصل العدد الإجمالي للجنود في الحلف إلى ما يقارب 3.57 مليون، وهو رقم أقل مما كان يمكن أن تضيفه أوكرانيا إلى الحلف في مستويات ما قبل الحرب، ومع ذلك، إذا جرى تضمين قوات الاحتياط في السويد وفنلندا، فسيصل العدد الإجمالي إلى ما يقارب 4.5 مليون جندي، لكن تبقى الإضافة التسليحية التي سيقدّمها كلا البلدين إلى الحلف، أقل بكثير مما يمكن اعتباره "إضافة حقيقية"، على الأقل في الوضع الحالي، لكن، مستقبلاً ستتلقى كلتا الدولتين إضافات تسليحية مهمة ونوعية.

 

حلف الناتو يحاول التمدد باتجاه الشرق قرب حدود روسيا، عن طريق ضم أوكرانيا، وروسيا الاتحادية ترفض ذلك وتطالب بضمانات أمنية، فتعترف بجمهوريتي لوغانسك ودونيتسك، وتطلق عملية عسكرية في إقليم دونباس، بسبب قصف القوات الأوكرانية المتكرر على الإقليم.