يفعل ما يشاء وينجو بفعلته!
فلاديمير بوتين يسمى "الرجل الأقوى في العالم"، فمن أين يستمد قوته؟
اللافت أيضاً أن باراك أوباما حلّ ثالثاً بعد أن تخطته المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في هذا التصنيف. الزعيمان الغربيان تبادلا المواقع مقارنةً بالعام الماضي. لكن لنعود إلى صدارة سيد الكرملين.
المجلة الأميركية تقول: بوتين يمتلك من القوة ما يجعله يفعل ما يشاء وينجو بفعلته. يتذكرون له القرم وشرق أوكرانيا وسوريا وانهيار العملة الوطنية والركود الاقتصادي، لكن ذلك لا يمنع من أن يحظى بدعم ٨٩٪ من أبناء جلدته، وفق آخر استطلاع للرأي العام.
لنتناول كل فعلة من أفعاله على حدة:
- القرم لم يكن في مخيل الروس يوما جزء من أوكرانيا. وعلى الرغم من أنه كان كذلك حتى استفتاء أذار/ مارس ٢٠١٤ الذي حسم انتماء شبه الجزيرة لروسيا اشتهر هذا الاقليمُ ذو الموقع الاستراتيجي بأنه أحد أكثر منتجعات العالم جذباً للسياح الروس. لا ننسى ايضا ان سكان القرم يعتبرون أنفسهم جزءً من العالم الثقافي والروحي الروسي، وهذا ما تجسد في النتيجة شبه المطلقة للاستفتاء آنفِ الذكر. اذا بوتين المنتصر في القرم.
-شرق أوكرانيا. قد يلوم البعض موسكو على تشجيعها النزعة الانفصالية في شرق أوكرانيا. لكن الواقع أن الكثير من مؤيدي الرئيس المخلوع فكتور يانوكوفيتش فروا إلى شرق اوكرانيا بعد الانقلاب في كييف.
وعندما كانت أزمة البلاد في مهدها ظنوا انهم سينجحون في حشد أقاليم الشرق ضد الانقلابيين. نجاحهم كان جزئياً، لكن زمام المبادرة انتقل إلى أنصار التقارب مع روسيا.
بوتين لم يكن بوسعه أن يخذلهم عندما وجهت كييف ميليشياتها القومية المتعصبة وبقايا جيشها إلى المنطقة.
بواقع اليوم روسيا تبدو شبه منتصرة. في كل الاحوال غير منهزمة، لأنها باتت تملك منطقة نزاع مجمد يمكن أن تستغلها متى ما حاولت كييف الارتماء في احضان البنى العسكرية والسياسية الشمال الأورواطلسية.
اذا بوتين منتصر في شرق اوكرانيا.- سوريا. ما إن شعر الأخير بأن وضع الأسد ميدانياً قد يهتز حتى أصدر اوامره لجنرالاته بوضع خطة عسكرية محكمة لتصحيح الوضع على الأرض.
العملية العسكرية الروسية التي فاجأت الجميع عززت مكانة الرئيس الروسي في بلاده وخارجها. بوتين حقق نصراً جديداً يضاف الى انتصاراته السابقة في القرم وشرق اوكرانيا، وقبلهما في أوسيتا الجنوبية وابخازيا.
ولعل الأهم أن بوتين أعطى اشارةً واضحةً: الساحل السوري لنا ولن نسلمه لأحد. اذا بوتين ينتصر في سوريا.
- الركود الاقتصادي وانهيار الروبل. الشعب الروسي لم يعش في بحبوحة أبداً. والمكاسب الاقتصادية التي تحققت خلال عقد ونصف العقد من إدارة بوتين قطف ثمارها بالدرجة الاولى عدد محدود جداً من الروس. اما غالبية الشعب فتعيش حياةً متواضعة، لكن الدولة توفر للغالبية بعض الامتيازات والتسهيلات في الخدمات الصحية والاجتماعية والسكنية، بحيث لن تتدهور معيشتهم بشكل ملحوظ نتيجة تراجع الاقتصاد الوطني على خلفية العقوبات الغربية. وبالمناسبة، شعبية بوتين هي الابرز في أوساط المواطنين البسطاء الذين يشكلون غالبية المجتمع. اذا بوتين هو المنتصر في عيون الروس.
لا بد أن نشير أيضاً إلى نجاح بوتين في عقد تحالفات وإقامة تجمعات اقليمية متنوعة تتراوح بين الأحلاف الاستراتيجية كما هو الحال بالنسبة لمنظمة الأمن الجماعي والاتحاد الأوراسي، وبين المنظمات الاقليمية السياسية الأمنية مثل منظمة شنغهاي للتعاون، وبين التكتلات الاقتصادية مثل تجمع "بريكس".
الرئيس الروسي كسر معادلة القطب الواحد في العالم، لذا هو "الرجل الأقوى في العالم" بامتياز. وتسمية مجلة "فوربس" له هكذا، أفضل شهادة.