تركيا – أردوغان :الوجه الآخر الحزين!!

وتؤكّد المعلومات والحقائق المنشورة أيضاً أن تركيا في عهد أردوغان استضافت مصانع لوك هبد مارتن لتصنيع السلاح للجيش الإسرائيلي في مدينة أدرنه، وهي التي صنعت الصواريخ والرشاشات والدبابات التي دمّرت أكثر من مرة قطاع غزّة ومناطق عديدة في سوريا، وهو عينه أردوغان الذي وقّع اتفاقية تدريب الطيّارين الإسرائيليين بواقع 8 دورات سنوياً لميزة اتّساع الأجواء التركية.

لم تلتزم الانتخابات الرئاسية التركية معايير الشفافية والعدالة وفقاً لوصف الأديبة التركية أليف شافاق

الآن وبعدما هدأت العواطف وفاز أردوغان بنسبة ضئيلة في الانتخابات الرئاسية التي أُجريت يوم 24/6/2018، وبعد أن هلّل الكثير من اتباعه ومُناصريه خارج تركيا وداخلها، رغم أن هذه الانتخابات كانت الأسوأ وكانت عادية، ولم تلتزم معايير الشفافية والعدالة وفقاً لوصف الأديبة التركية الأشهر أليف شافاق في مقالها الرائع في وشنطن بوست عن هذه الانتخابات.

دعونا نبحث عن "الوجه الآخر" الحقيقي لحُكم أردوغان، ولتركيا في عهده الطويل الذي قارب على 15 عاماً لأنه تولّى رئاسة الحكومة لأول مرة في مارس عام 2003 وهو من مواليد 1954، ماذا عن الوجه الآخر الذي لا يُدركه أو لا يحب أن يذكره  المهلّلون له عن تركيا أردوغان؟

أولاً: إسرائيل كانت هنا: تتحدّث الوقائع على الأرض التركية خلال السنوات الخمسة عشر الماضية "فترة حُكم أردوغان وحزبه" على أنه تواجدت في تركيا 26 قاعدة أميركية، 8 منها افتتحت على عهده أشهرها أنجرليك وهي القواعد التي دمّرت العراق وسوريا عبر العمليات المسلّحة الداعمة للجماعات الإرهابية في كلا البلدين، وهي قواعد أقيمت بالأساس لخدمة إسرائيل، وبموازاة ذلك فقد أكّدت المعلومات أن أردوغان مدّ إسرائيل بالمياه العذبة بأنابيب تحت البحر، وأنه يزوّدها بـ9% من احتياجاتها في الوقت الذي يمنع فيه الماء عن العراق بإنشاء السدود.

وتؤكّد المعلومات والحقائق المنشورة أيضاً أن تركيا في عهد أردوغان استضافت مصانع لوك هبد مارتن لتصنيع السلاح للجيش الإسرائيلي في مدينة أدرنه، وهي التي صنعت الصواريخ والرشاشات والدبابات التي دمّرت أكثر من مرة قطاع غزّة ومناطق عديدة في سوريا، وهو عينه أردوغان الذي وقّع اتفاقية تدريب الطيّارين الإسرائيليين بواقع 8 دورات سنوياً لميزة اتّساع الأجواء التركية.

والطريف أنه قدّم نفسه دائماً لدى "الإسلاميين" العرب، باعتباره المُدافِع الأول عن فلسطين وغزّة والقدس، والأخيرة أقام فيها أردوغان "قنصلية" لتركيا ثم ذهب يُزايد ضد قرار ترامب بنقل السفارة الأميركية إليها فما الفرق بينهما إذن؟.

ومن إجمالي الحركة التجارية بين البلدين كانت عقود الأسلحة تمثّل بين 65٪ و 72٪ وبينما وصل التعاون العسكري في العام الحالي 2018 بين تركيا وإسرائيل إلى5.5 مليار دولار، فإن الاتفاقيات الموقّعة والتى لم تلغَ حتى الآن ومن المقدّر أن يرتفع الرقم إلى9.5 مليارات دولار وهو حجم الصفقات والتعاون بين البلدين في 2018.

وفي مجال التعاون الاستراتيجي في العلاقات الاقتصادية تفيد مُعطيات وزارة التجارة والصناعة الإسرائيلية بأن تركيا تحتل المرتبة السادسة في قائمة الصادرات الإسرائيلية لدول العالم.

*وبالعودة إلى الاتفاقية الأمنية العسكرية سنة 1996 بين تركيا وإسرائيل نجد أن من أبرز بنودها والتي تُنفّذ اليوم في ظل حكومة أردوغان:

أ- خطة لتجديد 45 طائرة f - 4 بقيمة 600 مليون دولار، تجهيز وتحديث 56 طائرة f - 5، صناعة 600 دبابة m - 60 ، خطة لإنتاج 800 دبابة إسرائيلية "ميركاوه"، وخطة مشتركة لإنتاج طائرات استطلاع من دون طيّار، وخطة مشتركة لإنتاج صواريخ أرض جو "بوبي" بقيمة نصف مليار دولار بمدى 150 كم.

ب - تبادل الخبرة في تدريب الطيّارين المُقاتلين.

ج - إقامة مناورات مشتركة برية- بحرية- جوية.

د - تبادل الاستخبارات "المعلومات" الأمنية والعسكرية

العلاقات التركية – الإسرائيلية اليوم تتحكّم فيها عناوين ثلاثة: مشروع أنابيب السلام، واتفاق التعاون الاستراتيحي والعسكري، واتفاق التجارة الحرّة.

هذا ويتلخّص مشروع "أنابيب السلام" في إقامة محطّة في منطقة شلالات مناوجات التركية لتزويد إسرائيل بكمية 50 مليون طن سنوياً من المياه لمدّة 20 عاماً.

ثانياً: من يحمي الفساد الأخلاقي: المعروف في مجال القانون والدستور التركي أن الأعمال المُنافية للآداب "وللشريعة الإسلامية" التي تزعم تركيا أردوغان أنها تطبّقها وتصدّرها للآخرين في دول الجوار باسم دعم فصائل الثورة الإسلامية!!، تلك الأعمال ومنها "الدعارة في تركيا" قُنِّنت بموجب المادة رقم 227 من القانون الجنائي رقم 5237 الذي أعدّته حكومة حزب العدالة والتنمية وصدّق عليه البرلمان في 26 أيلول/سبتمبر عام 2004 ودخل حيّز التنفيذ في الأول من حزيران/يونيو عام 2005.

فكيف لمَن يدعو إلى الخلافة أو الشريعة أن يوافق ويطبّق هكذا أعمال منافية للدين؟ إلا إذا كانت لديه ازدواجية في السياسات والأخلاق العامة وتوظيف للدين في السياسة، وهو الأمر المؤكد لدينا؟.

ثالثاً: الثمار المُرّة في الانقلاب الفاشل ضد أردوغان عام 2016، دفع الكثيرون أثماناً لجريمة لم يرتكبوها في دولة تزعم أنها دولة قانون كما يروّج قادتها، فعلى سبيل المثال لا الحصر وإثر محاولة الانقلاب الفاشل ضد أردوغان في 15/7/2016 تم فصل 3 آلاف مُدرّس وعشرة آلاف عسكري وألف وخمسمائة قاضٍ فضلاً عن القتلى والمُعتقلين وهم بالآلاف، ورغم أن هؤلاء لم يشاركوا أصلاً في المحاولة الانقلابية فهل هذه دولة تحترم القانون والإنسان؟

رابعاً: الفقر في تركيا أردوغان: رغم الصورة الوردية التي يروّجها العديد من الجماعات والقوى الإسلامية عن الحياة الاقتصادية في تركيا، إلا أن الواقع المُعاش يقدّم صورة مخالفة تماماً حيث يعاني أغلب الشعب من الفقر إلى الحد الذي يقارن فيه بعض الاقتصاديين بينها وبين الإمارات، فيذكرون أن الاقتصاد الإماراتي يتفوّق على التركي 44 مرة، رغم أنهما دولتان متشابهتان في النسق الاقتصادي الرأسمالي.

هذا وقد نشرت هيئة الإحصاء التركية تقاريرها حول معدّلات الفقر في البلاد بالمخالفة لتصريحات رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، الذي زعم عدم وجود فقراء في تركيا قائلاً: أين هم أولئك الفقراء؟ في أية إحصائيات يظهر ذلك؟.

ووفق تقرير هيئة الإحصاء التركية الحكومية فإن هناك 16 مليوناً و706 آلاف فقير في البلاد "ما يعادل تعداد سكان هولندا"، وبحسب التقارير فإن الفقير هو كل من يحصل على دخل يقلّ عن 501 ليرة تركية، كما تم الإعلان عنه عام 2013.

وعلّق نائب حزب الشعب الجمهوري المُعارض في البرلمان – قبل فترة - عن مدينة إسطنبول أوموت أوران على تقارير هيئة الإحصاء مؤكّداً أن العدد الحقيقي للفقراء يزيد عن الأرقام المُعلنة بكثير ، وأوضح أوران أن عدد الفقراء يصل إلى 21 مليوناً و979 ألف فقير إذا تم احتساب معدّل الفقر لمَن يحصل على دخل أقل من 585 ليرة تركية.

وقال أوران: إن أردوغان الذي يجلس في قصر بلغت تكلفة بنائه 1.5 مليار ليرة، بالإضافة إلى 6.5 ملايين ليرة للطاولات والكراسي فقط، و1000 ليرة للكأس الواحدة المُزخرفة بماء الذهب، وتصل المصروفات الشهرية إلى 21 مليون ليرة تركية، من الطبيعي ألا يرى جيوش الفقراء على الأبواب.

خامساً: إن الوجه الحقيقي الاقتصادي لتركيا في عهد أردوغان "رئيساً للحكومة أو رئيساً للدولة" يقول وبلا مبالغة إننا أمام بلد مُكبّل اقتصادياً وفيه نسبة عالية من الفقراء، وبلا معجزة مالية أو اقتصادية كما يروّج أنصار أردوغان داخل وخارج تركيا، أما الوجه السياسي الحقيقي فيقول إننا أمام حُكم استبدادي سعى – ولايزال – إلى الاستبداد والانفراد بالسلطة، وحملاته المُتتالية ضد المعارضة في السياسة أو الإعلام أو حتى الدين "الخصومة مع عبد الله غولن مثالاً" تؤكّد ذلك، وإذا أضفنا إلى كل هذا مغامرات هذا النظام في سوريا والعراق خلال السنوات السبع الماضية وخصومته اللدودة مع مصر – السيسي منذ أربع سنوات، تؤكّد - جميعها - لنا أننا أمام نظام بلا صديق أو حليف إقليمي حقيقي، وما العلاقة مع الروس أو الإيرانيين إلا من باب المصالح المؤقتة، وتظلّ العلاقة الاستراتيجية هي تلك التي مع حلف الناتو وإن رفضوا انضمامه إليهم، ومع أميركا وإسرائيل، وتلك يسمّونها علاقات تبعيّة، لا ينبغي أن تفرح قلب مسلم، حتى لو كان نصيراً لأردوغان . اللّهم إلا إذا كانوا على شاكلته في السياسة كما في التديّن الشكلي والله أعلم!!.