إليكم قصة صاحب برنامج McAfee Virus ... محتال ومُطارد؟

برنامج "مكافي" هو من الأسماء الأشهر في عالم مكافحة فيروسات الكومبيوتر والبرمجيات الخبيثة، وتعود شهرته إلى كونه أول برنامج كومبيوتر من هذا النوع، فقد تم إطلاقه سنة 1987 ملاقياً نجاحاً كبيراً، وواضعاً حجر الأساس لصناعة مضادات الفيروسات لتصبح صناعة تمثل ملايين الدولارات، رغم أن برنامج مكافي نفسه لم يعد يحظى بنفس الشهرة التي كان يلاقيها في الماضي.

معاناة الطفولة وطيش المراهقة

  • إليكم قصة صاحب برنامج McAfee Virus ... محتال ومُطارد؟
    إليكم قصة صاحب برنامج McAfee Virus ... محتال ومُطارد

يعود تأسيس برنامج "مكافي" إلى جون ديفيد مكافي الذي حمل اسمه بعد ذلك، والذي ولد 18 تشرين الأول/سبتمبر 1945 بأحد القواعد العسكرية الأميركية في إنجلترا لأب أميركي وأم بريطانية ثم انتقل لاحقاً مع عائلته إلى الولايات المتحدة ليستقروا في سالم بولاية فيرجينيا. وكانت طفولته قاسية حقاً، فقد كان والده مدمناً للكحول، وكان يضرب ابنه باستمرار هو وأمه قبل أن ينتحر وكان جون في سن 15. وبسبب تلك الطفولة القاسية أصبح يجد صعوبة في الثقة بأحد، وقال: "لا تستطيع الثقة بأحد، ما أثق به هو أن البشر سيتصرفون كبشر، يسعون فقط لتحقيق منافعهم الخاصة، ولو فهمت ذلك تستطيع استغلاله".

إلتحق جون بعد ذلك بكلية رونوك Roanoke College وحصل على درجة البكالوريا في العلوم والرياضات سنة 1967. أثناء دراسته في الكلية كان يتحصل على المال من بيع اشتراكات وهمية للجرائد والمجلات، فكان يمر على المنازل ليسألهم إن كانوا يودون في اشتراك مجاني في أحد الجرائد أو المجلات وكل ما عليهم دفعه هو قيمة الشحن، ونجح في جمع بعض المال من هذه الخدعة، والذي أنفق جزءاً كبيراً منه على المشروبات الكحولية، والسعي للحصول على وظيفة دكتور بجامعة شمال شرق لويزيانا سنة 1968، والتي طرد منها إثر فضيحة جنسية.

 

رحلة البحث عن الذات

  • إليكم قصة صاحب برنامج McAfee Virus ... محتال ومُطارد؟
    رحلة البحث عن الذات

تنقل جون بعدها بين الوظائف وغالباً ما كان يصنع لنفسه سيرة ذاتية مختلقة للحصول على بعض الوظائف. فعمل كمبرمج بمعهد ناسا لدراسات الفضاء في مدينة نيويورك من سنة 1968 حتى 1970. من هناك ذهب إلى يونيفاك كمصمم برمجيات وفي ما بعد إلى زيروكس وعمل كمهندس تشغيل أنظمة. أغرب تلك الوظائف عندما عمل لدى سكك حديد مازوري لبرمجة خطوط ومواعيد سفر القطارات، فكان يعمل وهو يتناول حبوب الهلوسة مثل إل إس دي ودي إم تي. وترك العمل لاحقاً بعد تناول جرعة مكثفة أثناء العمل. إنتقل بعدها إلى وادي السيليكون في كاليفورينا بين وظائف عدة، واحدة منها كانت في إحدى شركات تخزين بيانات الكومبيوتر تسمى "أوميكس" في سانتا كلارا وقال جون عن تلك الفترة إنها أسوأ فترات حياته. فكان يشرب الكحول ويتناول الكوكايين أثناء العمل، ثم يتناول المزيد من الجرعات عندما يعود إلى بيته. كان يعيش وحيداً، ومصاب بالبارانويا، وفكر كثيراً في إنهاء حياته كما فعل أبوه.

سنة 1983 تلقى العلاج من الإدمان وأقلع عن شرب الخمور، وبعد فترة نقاهة التحق بشركة لوكهيد وهي شركة أميركية لصناعة الطائرات. وفي عام 1987 سمع جون عن برنامج يسمى العقل Brain والذي يعد أول فيروس للكومبيوتر، صنعه أخوان في باكستان سنة 1986وانتشر على أجهزة الكومبيوتر حول العالم في أقل من عام. ولكن هذا الفايروس لم يكن الغرض منه الايذاء أو التدمير، فقد كان الأخوين يرغبان فقط في معرفة إلى مدى سينتشر برنامجهم عن طريق حقن نفسه في أجهزة أخرى كما تفعل الفيروسات الحقيقية عندما تنتقل من جسد إلى جسد، حتى أنهما قد أضافا بيانات التواصل الخاصة بهما داخل كود برنامج الفايروس، في حال قام أحد بفك شفرة البرنامج وأراد التواصل معهما.

 

صراع العقول

  • إليكم قصة صاحب برنامج McAfee Virus ... محتال ومُطارد؟
    صراع العقول

بالنسبة لشخص شكاك لا يثق بأحد كجون مكافي كان هذا الفايروس الصغير كافياً للفت انتباهه، ورغم أنه كان قادراً على إزالة فيروس "العقل" بنفسه، إلا أنه كان يعرف أن غالبية مستخدمي الكومبيوتر لا يستطيعون فعل ذلك، وهذا ما ألهمه لتأسيس شركة "مكافي أسوشييتس" بمنزله في كاليفورنيا. قام بعدها بشراء سيارة وملأها بمعدات الكومبيوتر، فيسافر بها عبر البلد وأسماها وحدة مكافحة الفيروسات. كان يتلقى المكالمة من أحد المنازل أو الشركات فيتوجه إلى هناك بسيارته ويقوم بفحص الكومبيوتر والتخلص من الفيروس إذا عُثر عليه.

لاحقاً استطاع أن يصنع برنامجاً يقوم بعمل تلك الخطوات بشكلٍ أوتوماتيكي وأطلق عليه اسم "مكافي" لفحص الفيروسات McAfee Virus Scan وكان يوزع البرنامج بالمجان للاستخدام الشخصي، أما الشركات فكانوا يدفعون مبلغاً شهرياً مقابل استخدام البرنامج والدعم الفني له. بعدها قام بابتكار فيروسات وبرمجيات خبيثة تهدد أجهزة الكومبيوتر، لتصبح مخاوف مستخدمي الحواسيب منها مصدر دخل له. إذ بحلول عام 1990 كان يحقق أرباحاً تربو على 5 ملايين دولار سنوياً، وكان كلما ازداد عدد الفيروسات والبرمجيات الخبيثة التي تهدد أجهزة الكومبيوتر كلما ارتفعت أرباحه.

 

مايكل أنجلو .. بداية النهاية

  • إليكم قصة صاحب برنامج McAfee Virus ... محتال ومُطارد؟
    مايكل أنجلو .. بداية النهاية

لكن الأمور بدأت تأخذ منحنى آخر في أوائل التسعينيات، ومع الرعب من فايروس جديد يدعى "مايكل أنجلو" الذي دق ناقوس الخطر منه مكافي بنفسه، إذ أعلن عبر الشاشات والصحف، إن هذا الفايروس قادر على تعطيل من 50 ألف إلى 5 ملايين حاسوب دفعة واحدة، وهو ما ضاعف من الإقبال على برنامج "مكافي" المضاد للفيروسات. إلا أنه ومع مرور الوقت لم يظهر الفايروس المزعوم، لتتوجه بعدها أصابع الاتهام ناحية مكافي وبرنامجه وأن هذا الفايروس مجرد خدعة لإثارة خوف الناس ورفع مبيعات البرنامج. ورغم إنكار جون المتواصل لتلك الاتهامات إلا أن هذا الأمر أثّر بشكلٍ سلبي كبير على شركته، مما دفعه للاستقالة ومغادرتها بشكلٍ نهائي سنة 1994. وبعد عامين أصبحت "مكافي" شركة مساهمة، وباع جون حصته المتبقية في الشركة.

لكن الشركة رغم ذلك أصبحت تنحدر من سيء إلى أسوأ، وبدأ الناس يشتكون من البرنامج خصوصاً بسبب كونه يأتي محملًا على أغلب الأجهزة بشكلٍ مسبق بسبب الاتفاقيات التي عقدت مع الشركة، حتى أن مكافي نفسه قال إنه أصبح يكره البرنامج بشكل كبير بسبب الحالة السيئة التي وصل لها، كما أضاف أنه يشعر بالندم لأنه أطلق اسمه على البرنامج. فالناس أصبحت تربط بينه وبين الحالة السيئة التي وصل لها برنامجه المضاد للفايروسات، كما أن الهاكرز "القراصنة" دائماً ما يجعلونه هدفاً لهم حتى اضطر إلى تغيير مكان إقامته بشكل مستمر.

 

رجلٌ غريب الأطوار

  • إليكم قصة صاحب برنامج McAfee Virus ... محتال ومُطارد؟
    رجلٌ غريب الأطوار

في العام 2011 استحوذت شركة "انتل" على شركة مكافي أسوشييتس وغيرت اسمها إلى انتل سكيوتري، إلا أنها احتفظت باسم البرنامج كما هو. أما جون فبعد تركه شركته قام بتأسيس شركات أخرى، وكتب بعض المؤلفات حول اليوغا، ولكن حياته اتخذت منحى آخر أكثر غرابة، لتصبح الحكومة والشرطة ووكالة الاستخبارات في أعقابه، بسبب تهم مثل تصنيع وبيع المخدرات، وتجارة السلاح، فهرب إلى بليز وهناك تم اتهامه بتأسيس جيش صغير خاص به، واتهموه بقتل جاره بينما هو تحت تأثير المخدرات. فتم مداهمة بيته من قبل القوات الخاصة، ولاحقاً قتل كلبه وتعرض بيته للحرق على إثر تلك الاتهامات.

ورغم أن أياً من تلك التهم لم تثبت عليه، إلا أنها أدت إلى تدهور حالته النفسية وعززت من إحساسه بالبارانويا، فيرى أنه هدف لمحاولات الاغتيال والتجسس.

لا يزال مكافي حتى اليوم شخصية مثيرة للاهتمام والجدل، حتى أنه في العام 2015 رشح نفسه للانتخابات الرئاسية الأميركية، كرئيس لحزبه الخاص "The Cyber Party" متحدثاً عن مشكلات عدة مثل الأمن الشخصي لمستخدمي الانترنت، وتعرضهم للمراقبة وانتهاك الخصوصية، ولكن بالطبع لم يحالفه الحظ.

 

ترحب الصفحة الثقافية في الميادين نت بمساهماتكم بنصوص وقصص قصيرة وشعر ونثر، وكذلك التحقيقات التي تتناول قضايا ثقافية. بإمكانكم مراسلتنا على: [email protected]