وللعودة مدرسة تكرسها وتنير طريقها

شبيبة من مختلف مناطق فلسطين وفدت إلى مخيم الدهيشة، ثلاثة كيلومترات جنوبي بيت لحم، للمشاركة في مدرسة العودة التي أقامها "مركز بديل لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين”.

شبيبة من مختلف مناطق فلسطين وفدت إلى مخيم الدهيشة، ثلاثة كيلومترات جنوبي بيت لحم، للمشاركة في مدرسة العودة التي أقامها "مركز بديل لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين”.

 

وفي تواصل مع "جمعية حقوق المهجرين" في أراضي فلسطين ١٩٤٨، داخل الخط الأخضر، افادت مصادر الجمعية "الميادين نت" مشاركتها في مدرسة العودة عبر مجموعة من شبيبتها، ونشطائها. وقد رافقت الأخصائية النفسية رلى نصر مزاوي- عضو الهيئة الإدارية للجمعية،  المجموعة، وشاركتها في متابعات المدرسة، وما قدمته للجيل الفلسطيني الناشيء.

 

التقاء فلسطينيي الداخل -1948- مع أهالي الضفة، يتضمن معانٍ هامة في التواصل بين أبناء فلسطين المشتتين في الداخل، داخل الخط الأخضر، وفي الخارج، إن في الضفة الغربية، أو القطاع، أو في الشتات.

 

يعيش الفسطينيون هذا التواصل في دهشة ممزوجة بالفرح، ويعيشون لحظات الوحدة التي يأملون أنها قادمة لا محالة، وعندهم مزيج من الانطباعات والعواطف والرؤى.

 

رلى نصر مزاوي كتبت تحت عنوان: "للعودة عنوان... جيل الشباب"

لم تخلُ من زيارة لضريح الشهيد باسل الأعرج

انطلقنا من حيفا في حافله صغيرة ضمت خمسة شابات وشباب من شبيبة العودة التابعة ل"جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين"، بالاضافه الى عدد من الناشطات والناشطين في الداخل الفلسطيني.

 

وصلنا هناك الى مخيم الدهيشة. على مدخل المخيم تقف عمارة مكونة من عدة طوابق هي "مركز إبداع" حيث أقيمت معظم فعاليات مدرسة العودة التي ينظمها مركز "بديل"، وهناك أيضا كان مبيتنا.

 

صعدنا درجا عاليا، وحقائبنا تجرجر خلفنا، وعلى ظهورنا، حتى وصلنا القاعة حيث وجدنا الطاقم والمشتركين من كافة أرجاء فلسطين في انتظارنا ببسمات مرحّبة.

 

جلسنا في حلقة واحدة، معظمنا لا يعرف أحدا هناك، ولم نتوقع أن دموعنا ستفر من أعيننا بعد أربعة أيام عندما ودعنا الجميع في خطى ثقيلة تتحجج بشتى الذرائع كي لا تصعد الى الحافلة التي ستقلنا عائدة الى حيفا، أو تغتنم أية حجة للنزول من الحافلة مرة بحجة ترتيب الحقائب في بطن الحافلة، ومرة بحجة نسيان شيء ما، أي شيء، في محاولة لاستيعاب فكرة أننا نودع أصدقاء وإخوة ورفاق درب نحبهم، ولا نريد فراقهم.

 

أن يجتمع فلسطينيون من كافة انحاء فلسطين، من القدس، وحيفا، وطولكرم، ومخيم عايدة، وبيت لحم، والناصرة، ومخيم الدهيشة، والخليل، واعبلين، ورام الله، وعكا، وبيت ساحور، مهجرون من بيت عطاب، وبيسان، ويافا، وزكريا، وبلد الشيخ، وبيت نبالا، وعشرات البلدات، كل هذا ليس بالأمر المفهوم ضمنا وهو بحد ذاته محو لمفهوم الخط الأخضر، ومناطق A و B و C التي فرقتنا فجعلتنا نحمل تسميات لا تعنينا : "فلسطينيو الداخل"، "فلسطينيو 48"، "فلسطينيو 67"، "فلسطينيو الضفة"، "عرب الداخل"، "العرب الاسرائيليون" وغيرها من تسميات. من هناك خرجنا كلنا فلسطينيين، فلسطينيين وحسب.

 

أربعة أيام من النقاشات والحوارات والمحاضرات والجولات كسرت المفاهيم السطحية، وأعطت للكلمات معانيها وعمقها. كان الموضوع الأساس لهذه المدرسة هو تجارب الشعوب الأخرى في النضال ومقاومة الاحتلال كجنوب أفريقيا، والهند، وفيتنام، وكيفية الاستفادة من هذه التجارب في الحالة الفلسطينية. محاضرون بعضهم باحثون، وبعضهم مؤرخون، وحقوقيون، او سياسيون او ناشطون على مدى سنوات جعلونا ننظر الى الأمور من زوايا مختلفة، وتدريبات ساهمت في صقل مهارات القيادة، والعرض، والتواصل لدى المشتركين. لكن أكثر ما ترك وقعه في نفوسنا هو الجولات الميدانية داخل مخيم الدهيشة، ومقبرة الشهداء هناك، ومخيم عايدة، وجولة في قرية الولجة لم تخلُ من زيارة لضريح الشهيد باسل الأعرج.

 

هناك، بين ثنايا المخيم تعرفنا على انفسنا، تعرفنا على ال "نحن" التي حفرت بصماتها في قلوبنا. نحن الفلسطينيين، حمَلنا المخيم في قلبه أربعة أيام لنحمله بعدها في قلوبنا مدى الحياة.

 

شكرا لمركز بديل. شكرا لمخيم الدهيشة. شكرا لكل المشتركين على جمال روحهم وقوة إصرارهم على الحق. لا عودة عن حق العودة.

 

برنامج المدرسة

تضمنت مدرسة العودة عدة محاضرات حول حركات التحرر بدءا من الاطار النظري وحتى التجربة الفيتنامية، والجنوب افريقية، والهندية، بالاضافة الى محاضرة ودراسة حول الثورات العربية في تونس، ومصر، وسوريا، ومحاضرة حول الاحزاب الفلسطينية في الداخل الفلسطيني، وعلاقتها بمنظمة التحرير الفلسطينية بالاضافه لذلك تضمنت المدرسة ورشات في التواصل والاتصال تطرق المشاركون فيها للرواية التاريخية، ولمهارات ايصال المعلومة بطرق ابداعية. كذلك، تخللت المدرسة مجموعات عمل ناقشت كيفية معالجة الوضع الفلسطيني الحالي، وكيفية تحقيق العودة.

 

الجزء الميداني للمدرسة تضمن جولة في مخيم الدهيشة شملت لقاء غنيا ومؤثرا مع الجد أبو شريف (97 عاماً) المهجر من قرية بيت عطاب، بالاضافة لجولة في مخيم عايدة مع المصور محمد العزة ابن المخيم، تلاها عرض لفيلم كان قد صوره من انتاج مركز "لاجئ" عن الاوضاع في المخيم.

 

اليوم الأخير، تضمن جوله الى قرية الولجة التي قامت على معظم اراضيها مستوطنة اسرائيلية وهناك قام المشاركون بزيارة لبيت أحد السكان الذي حاولت اسرائيل تهجيره من بيته بشتى الطرق، والذي تحدث عن نضاله، هو وعائلته للمحافظة على بيته وأرضه.