بعد الحب ... رجلان وامرأة في زنزانة
الحبّ أن تعيش البداية حتى وإن حلت النهاية
حواء: هل تصالحا؟
آدم: كانت جلسة مصالحة غبية. نصف حق يقاتل نصف باطل، بينما الباطل الكامل يستمتع بمشاهدتهما.
حواء: من منهما المذنب؟
آدم: لطالما كان الانتظار مشنقة يعلقها المُنتظَر حول عنق المُنتظِر، ولأن كلاً منهما في انتظار الآخر فقد صارا طاغية وضحية في آن معاً
حواء: الانتظار الذي لا يبوح بأوجاعه كمثل رجل يقطع قدميه خوفاً من المشاركة في السباق
آدم: صدقتِ، فنحن اعتدنا أن نمارس الانتظار بسلبية المتفرج، المرأة بالثرثرة والرجل بالعزلة.
حواء: ومن يعاقبنا على جريمتنا؟
آدم: بعد الحب ... رجلان وامرأة في زنزانة واحدة
حواء: من هؤلاء؟
آدم: السجّانون يا عزيزتي
حواء: ثلاثة سجّانين يحرسون اثنين من الحمقى!
آدم: أجل، الشوق والحنين ذَكَران قاسيان يجلدان المرأة في كل خطوة ووقت
حواء : لقد أصبت. فوالله لم أعرف حنيناً إلا كان رعد بكاء امرأة، ولم أرَ الشوق يوماً إلا قاتلاً يقضم المرأة كتفاحة على رصيف جريمته
آدم : وكم أبكاها وكم أفناها!
حواء: وهل يفلت الرجل من العقاب؟
آدم: أبداً. الذاكرة امرأة عديمة الرحمة تصفع الرجل كلما التفت القلب. كان الحب منصفاً في سياطه فكانت صفعة الذاكرة بجلدتي الحنين والشوق.
حواء: وما هي الذاكرة؟
آدم: الذاكرة هي كل الأشياء المجنونة التي فعلناها معاً
حواء: ومن ذا الذي يبيع سيارة عقله ليشتري حذاء قديماً اسمه الذاكرة؟
آدم: الجنون ليس في أن نهجر عقولنا بل أن نستثمرها لنصل إلى ما يليق بالحب اللامألوف يا ابنة قلبي
حواء: ذكرتني بالصلاة .... يا غيمة الحب لا تنسي أني دائماً لغيثك عطشى
آدم: دعيني أشاركك الابتهال. الرجل من دون حبيبة كجيب قلب مفلس. الحب نقود فرحه
حواء: ... والمرأة بلا حبيب مثل فم من دون لسان وشفتين. الحب كلمتها اليتيمة
آدم: يا لسذاجتهم قرروا الفراق
حواء: ألم تهمس له بحبها سراً؟
آدم: بل همست له "أنت الباطل في عقل امرأة تحبك ... لا تحاول محاربة هذه الحقيقة بل تعايش مع كل هذا الكفر بك في عقلها، ألا يكفيك قلبها يا رجل؟"
حواء: يبدو أنك نسيت إيصال رسالتي لها
آدم: لا بل أوصلتها كاملة " أنتِ القفص الملعون عنده ، فإن هرب خارجاً اصبري ... غداً يرى لؤم القطط الجائعة فيعود إلى جنتك طائعاً مستغفراً"
حواء: غبيان تخليا عن البداية فبلغتهم النهاية مستعجلة
آدم: لأن كلًّ منهما ينظر في اتجاه .... هي تنظر إلى المستقبل الفقير من دونه وهو ينظر إلى الماضي الغني بها
حواء: كلٌّ منهما في كوكب
آدم: تماماً. الكوكب الوحيد الذي عاشا فيه معا هو الحب
حواء: والحل؟
آدم: ربما ما كان ينقصهما هو غصة الغياب
حواء: آه من غصة الغياب، لقمة حضور لا تخرج ولا تُبلَع
آدم: آه من غصة الغياب، لقمة حضور لا تخرج و لا تُبلع
حواء: ليت البداية تغسلهما مجدداً فيعاودان العناق
آدم: ولله لو تعانقا مرة لتمَّ صلحهما وحبهما وعاشا البداية. حبيبان حتى ينتهي الزمن
حواء: دعنا يا آدم نكتب على جدار الريح وصيتنا لأولادنا التائهين:
"الحبّ أن تستحم برغوة دهشة لا ماء يُذهبها عنك
الحبّ أن تبقى على ذمة البداية، كلّ من طلّق لهفتها كفر بحبه
الحبّ هو الكأس الأول بكلِّ نشوته، لا تفزع كل عناق سيملأ كأسك هذا
الحبّ هو رنة هاتفك الأولى صباحاً حين تستحم في سريرك بلا ماء، فقط بالصوت
الحبّ قطع الثلج الأولى في عيني طفل وبقايا شفاه بين شفتيك
الحبّ حين تتصالحا كأن شيئاً من خصامكما لم يكن، وتصرخا في وجه البعد
الحبّ أن تعيش البداية حتى وإن حلت النهاية"