خلافات بين الغرب وشركائه في حظر النفط الروسي
بعد فشل مندوبي الاتحاد الأوروبي في التوصل إلى اتفاق بشأن حظر واردات النفط الروسية، دول تبدي تأييدها للحظر ودول عدّة ترفضه بسبب تبعاته على اقتصاداتها.
تخشى دول عدة - بما في ذلك دول شاركت في فرض عقوبات على روسيا - على اقتصاداتها بعد اقتراح الاتحاد الأوروبي فرض الحزمة السادسة من العقوبات ضد روسيا على خلفية عمليتها العسكرية في أوكرانيا، والتي تشمل عقوباتٍ على استيراد النفط الروسي، بالإضافة إلى حظر شخصيات عسكرية ودينية، وفصل عدّة بنوك روسية من نظام "سويفت" العالمي.
وبعد اجتماع سفراء الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، يوم أمس، فشل المندوبون الدائمون في التوصل إلى اتفاق بشأن حظر واردات النفط الروسية خلال المفاوضات التي تستمر حتى اليوم الخميس حول هذه المسألة، إذ انقسمت مواقف الدول الأوروبية والدول التي شاركت في العقوبات ضد روسيا بين مؤيد ورافض.
وحذّرت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، أمس الأربعاء، من أنّ "تحرك الاتحاد الأوروبي نحو قطع واردات النفط الروسي قد ترفع الأسعار العالمية"، مضيفةً: "نريد العمل مع أوروبا لضمان تلبية الطلب".
فرنسا
وقالت وزيرة البيئة والطاقة الفرنسية باربرا بومبيلي، اليوم الخميس، إنّها واثقة من أنّ الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ستتوصل إلى توافق حول حظر واردات النفط الروسية خلال أيام.
وقالت بومبيلي لإذاعة فرانس إنفو الفرنسية: "بعض الدول تعتمد على النفط الروسي أكثر من غيرها، لذا يجب أن نحاول إيجاد حلول حتى تتمكن من الانضمام إلى هذه العقوبات.. لكن يتعين علينا القيام بذلك".
النمسا
رغم أنّ النمسا أعربت، أمس، عن تأييدها فرض الحزمة السادسة من العقوبات الأوروبية الجديدة على روسيا، إلا أنّ وزير خارجيتها ألكسندر شالينبرج قال: "أوروبا تريد عقوبات توجع روسيا وليس عقوبات تضعفنا أكثر من روسيا".
وأشار شالينبرج إلى أنّ "الحظر النفطي على روسيا سيؤثر على الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبي بشكلٍ متفاوت، إذ لا تعتمد جميعها بشكل متساوٍ على النفط الروسي"، مشدداً على أنّ "حظر الغاز ليس مطروحاً للنقاش حالياً".
بدوره، أكد رئيس شركة النفط والغاز النمساوية "OMV" ألفريد شتيرن، اليوم الخميس، أنّ أوروبا ليست مستعدة لفرض حظر على إمدادات الغاز من روسيا، وأن وقف الإمدادات ستكون له تداعيات كبيرة على الصناعة والاقتصاد.
وقال شتيرن في حديث إلى صحيفة "كورير" النمساوية: "لا أعتقد أننا اليوم جاهزون لفرض حظر، ما لم نكن مستعدين لمواجهة العواقب. هناك أمر يجب فهمه بوضوح، وهو أنّ توفير الغاز لنا لا يتم من خلال إنتاجه محلياً في أوروبا، ولكن من خلال التوريدات من روسيا".
واعتبر رئيس "OMV" أنّ "وقف الإمدادات ستترتب عليه عواقب واسعة النطاق على الصناعة والاقتصاد".
اليابان
من جانبه، قال وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني كويتشي هاجيودا، اليوم الخميس، إنّ اليابان ستواجه "صعوبة" للتحرك على الفور لخفض واردات النفط الروسية.
وأدلى هاجيودا بتلك التصريحات خلال زيارة لواشنطن، وقال هاجيودا للصحافيين: "نظراً لمحدودية الموارد المتاحة لليابان، فإننا سنواجه صعوبة في اتخاذ خطوة حظر النفط الروسي على الفور".
وشكّلت واردات النفط الروسي 4% من إجمالي واردات النفط اليابانية في السنة المالية الماضية التي انتهت في آذار/مارس الماضي. وبلغت واردات الغاز الطبيعي من موسكو 9% من إجمالي الواردات اليابانية، في حين بلغت واردات الفحم الروسي 11%.
سلوفاكيا
وتسعى دول عدّة في الاتحاد الأوروبي إلى عدم حظر النفط الروسي لما له من تبعات على الاقتصاد وارتفاع مستوى التضخم في بلدانها.
وحذّر وزير الطاقة السلوفاكي، كارول غاليك، أمس الأربعاء، إنّ حظر واردات النفط الروسية سيكون "مدمراً" لاقتصاد أوروبا، محذراً من أن بلاده "لن تكون قادرة على الموافقة على المخطط الحالي للمفوضية الأوروبية لفرض حظر على واردات النفط الروسية"، وداعياً إلى مزيدٍ من الوقت لإيجاد إمدادات طاقة بديلة.
وتسعى سلوفاكيا للحصول على إعفاء من أي حظر على النفط الروسي يتفق عليه الاتحاد الأوروبي ضمن حزمته التالية من العقوبات ضد موسكو.
ألمانيا
من ناحيته، أوضح وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك، الأربعاء، أنّ فرض حظر أوروبي تدريجياً على واردات النفط الروسي قد يؤدي إلى "اضطرابات" في الإمدادات وارتفاع الأسعار، لكنه أيّد المشروع بوصفه خطوة ضرورية لمعاقبة روسيا، وفق تعبيره.
وأضاف هابيك في مؤتمر صحافي: "تمكّنا من التوصل إلى حل يُمكّن ألمانيا من تحمل حظر النفط".
وقال رئيس شركة الطاقة الألمانية الكبرى "إي أو إن"، ليونارد بيرنباوم، إنّ "من غير المحتمل نجاة ألمانيا في فصلي الشتاء المقبلين من دون إمدادها بواردات الغاز الروسي".
وتابع: "من دون الغاز الروسي ستلحق الأضرار بالصناعة والاقتصاد الألمانيَّين"، مضيفاً: "لن يكون لدينا بعد ذلك صناعة الصلب ولا الصناعات الكيميائية.. وستكون العواقب وخيمة". وختم قائلاً: "لا يسعني إلّا أن أُحذّر من حظر الغاز الروسي".
التشيك
أكد وزير الصناعة التشيكي جوزيف سيكيلا، الأربعاء الماضي، أنّ الحظر الأوروبي المقترح على النفط الروسي سيمثّل مشكلة.
وقال سيكيلا إنّ "الحظر الأوروبي المقترح على النفط الروسي لا يشمل كيفية مشاركة الأعباء".
الهند
دافعت الهند، أمس الأربعاء، عن استمرار مشترياتها من النفط الروسي، قائلة إنّها جزء من مسعى طويل الأجل لتنويع إمداداتها، ومجادلة بأنّ وقفاً مفاجئاً للواردات سيرفع الأسعار العالمية ويلحق ضرراً بالمستهلكين المحليين.
وقالت الوزارة في بيان إنّ الهند كمشترٍ ضخم للنفط الخام، إذا تراجعت بشكل مفاجئ الآن عن مصادرها المتنوعة وركّزت على المصادر المتبقية في سوق مكبوحة بالفعل، فإنّها "ستقود إلى مزيد من التقلبات وعدم الاستقرار وإلى زيادة حادة في الأسعار الدولية".
ومنذ أيام، قالت وزيرة المالية الهندية، نيرمالا سيترامان، إنّ بلادها ستواصل شراء النفط من روسيا بأسعار مخفضة، مؤكدةً أنّ مصلحة الهند وأمن الطاقة الخاص بها "في مقدمة أي اعتبارات".