مبادرة الأمن العالمي الصينية والحاجة إلى بداية جديدة

يمكن لمبادرة الأمن العالمي للصين أن تُترجم كهدية سلام لكوكبنا الجريح، والأطراف المعنية مُلزمة بتشكيل ائتلاف واسع بتفويض سياسي ودبلوماسي غير عسكري، لإنهاء هذا الرعب.

  • مبادرة الأمن العالمي الصينية والحاجة إلى بداية جديدة
    وزير الخارجية الصيني وانغ يي مترأساً اجتماع وزراء خارجية دول البريكس عبر الفيديو (19 مايو 2022)

نشر موقع "China Global Television Network"، مقالاً للصحافي البريطاني بوبي نادري، تناول فيه مبادرة الأمن العالمي الصينية، وسبل تحقيقها في ظل الاختلافات في توجهات بعض الدول الغربية التي تسعى إلى تحقيق التفوق الاقتصادي والعسكري.

وفيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية:

خلال مؤتمر دول مجموعة "البريكس" الأسبوع الماضي، قال عضو مجلس الدولة ووزير الخارجية الصيني وانغ يي، إن مبادرة بلاده حول الأمن العالمي تسد ثغرات العجز في التوجه نحو السلام. وأوضح الأسباب لعدم نجاح مساعي "الأمن المطلق" و"الأمن الحصري"، إلاّ إذا تجاوزت الدول  عقلية الحرب الباردة، وعقلية "تربح، تخسر".

وقال وانغ أيضاً إنه يتعين على الدول معارضة العقوبات والممارسات الأحادية الجانب طويلة المدى، مشيراً إلى وجوب تنفيذ مبدأ الأمن غير القابل للتجزئة لتعزيز هيكل أمني إقليمي متوازن وفعال ومستدام. ومن المفارقات أنّ هذا يتطلب من جميع الدول "استبدال المواجهة بالحوار، والإكراه بالتشاور، والتحالف مع الشراكة، والربح الصفري بالفوز للجميع. ولكن للأسف، فإنّ مثل هذه الأنواع من التعاون لا تزال بعيدة المنال هذه الأيام. وبغض النظر عن أي جانب من جوانب مبادرة الأمن العالمي الصينية، فإنّ الوضع الحالي لا يزال يمثل حالة من الفشل على جبهات عديدة. لقد حان الوقت لتعديل العقلية العالمية، وتغيير تقييم المخاوف الأمنية، فلقد حان الوقت لبداية جديدة.

لا يزال البحث عن الأمن العالمي هو الشغل الشاغل للصين، ودول مجموعة "البريكس" الأخرى. ومع ذلك، فإنّ تعريف ما يشكل الأمن واستراتيجيات تحقيقه، تختلف اختلافاً كبيراً في أجزاء أخرى من العالم. على سبيل المثال، تسعى دول معينة في الغرب إلى تحقيق التفوق الاقتصادي والعسكري، بينما تُظهر دول أخرى القوة والنفوذ من خلال تعزيز انخراطها في حلف "الناتو" كهدف مشترك  في أوروبا الشرقية. 

الأسباب الحقيقية خلف الفوضى والصراع المستمر في أوكرانيا، هي أنّ الولايات المتحدة وحلفائها في "الناتو"، يمولون ويسلحون الأوكرانيين وهم ينوون الإبقاء على الأمر على هذا النحو. لا يمكنهم التخلص من إدمانهم على الحرب.

وعلى الرغم من الحديث العنيف المناهض لروسيا في الغرب، لم يفت الأوان بعد لوقف هذه الممارسات غير المفيدة. والحل الوحيد المهم للاضطراب الجيوسياسي الحالي الذي تسببه بعض الدول في أوكرانيا، هو في التعاون الأمني والمصالحة، ويجب الكف عن السعي لتدمير الحكومات أو تشويه سمعتها "ثقافياً"، أوالتلاعب بالدول ذات السيادة من خلال الوسائل العسكرية والعقوبات الاقتصادية والتواطؤ المقصود. كما يمكن لروسيا وأوكرانيا التغلب على الصعوبات وينبغي مواصلة محادثات السلام. ومن الأفضل أن ينخرط حلف "الناتو" والاتحاد الأوروبي، في حوار شامل مع روسيا بدلاً من إثارة الصراع وتمجيده.

في هذه الأزمة الزاحفة، يتم استخدام العلاقات المالية الدولية كسلاح إكراه للدول كي تنحاز لخطط الحرب للمجمع العسكري الصناعي الأميركي، المستفيد من الجحيم بمراكمة مليارات الدولارات، وتبديد مبالغ لا حصر لها على الموت والدمار.

يمكن لمبادرة الأمن العالمي للصين أن تُترجم كهدية سلام لكوكبنا الجريح. والأطراف المعنية ملزمة بتشكيل ائتلاف واسع بتفويض سياسي ودبلوماسي غير عسكري، لإنهاء هذا الرعب. كذلك، يجب دفع الأطراف المعنية لاستئناف مفاوضات دولية جادة لإنهاء المجموعة المعقدة من حرب متعددة الأوجه. ويجب أن تبدأ المفاوضات على الفور، من أجل أمن العالم ومستقبل الكوكب. 

بالنسبة إلى الصين، فإنّ "الأمن المطلق" و"الأمن الحصري" يمثلان تهديداً مشتركاً للسلام والأمن العالميين. وأولئك الذين يؤمنون بالتعددية ويعارضون جميع أنواع الأحادية، ملزمون بالتكاتف في هذه العملية الجديدة. وهم قادرون على الفوز إذا عملوا معاً لمواجهة المشاكل والتهديدات الشائعة، مثل الإرهاب والتوجهات اليمينية المتطرفة، والقضايا البيئية والاقتصادية، وكذلك إساءة استخدام حقوق الإنسان وحرية التعبير.

لقد توضح أنّ التوسع العسكري مضيعة للوقت والموارد للعديد من البلدان والأجيال. ولقد حان الوقت لمنح مبادرة الأمن العالمي للصين فرصة، وهي مهمة ملحة بقدر ما هي صعبة.