"إسرائيل هيوم": بغطرسة ولامبالاة.. ماذا حدث بالمعلومة الذهبية عن خطة حماس؟
صحيفة "إسرائيل هيوم" أكدت في المقال أنّ الاستخبارات الإسرائيلية كان لديها علم بوجود مخطط هجوم لدى حماس، لكنها تصرفت بإهمال حيال هذه المعلومات.
تحدثت صحيفة "إسرائيل هيوم" الإسرائيلية في مقال لمحلل الشؤون العسكرية، يوآف ليمور، عن الفشل الاستخباراتي الإسرائيلي الذي سبق هجوم حماس في تشرين الأول/ أكتوبر، مشيرةً إلى أنّ الاستخبارات الإسرائيلية كان لديها علم بوجود مخطط هجوم لدى حماس، لكنها تصرفت بإهمال حيال هذه المعلومات.
وفي ما يلي النص منقولاً إلى العربية:
التفاصيل المحيطة بالفشل الاستخباري الذي سبق هجمات 7 تشرين أول/أكتوبر ترسم صورة مقلقة. الوحدة 8200، فشل قسم التشغيل ولواء الأبحاث، كلهم فشلوا: من الإهمال في التعامل مع المعلومات حول الخطة، مروراً بطلب عدم تفعيل جميع وسائل الجمع للتأكد من أن غزة لن تفاجئنا، وصولاً إلى تحذيرات الرتيبة "و"، وخمنوا من يحاول استغلال التقارير حول فشل "الجيش" من أجل تبرئة نفسه.
عندما تولى منصبه كقائد لـ 8200 في شباط/فبراير 2021، صرح العميد ي. أنّ الشعار الجديد للوحدة سيكون "المسؤولية ليس لها حدود". كلمات جميلة ومهمة، تهدف إلى توضيح ما هو بديهي: أنّ مسؤولية الوحدة، تماماً مثل قدراتها، لا حصر لها.
بعد عامين ونصف، اتضح أنّ مسؤولية وحدة 8200 قد تكون بلا حدود، لكن مسؤولية قائدها غير موجودة. بعد ما يقرب من شهرين من أكبر كارثة في تشهدها "إسرائيل"، لا يزال قائد وحدة الجمع المركزية في سلاح الاستخبارات الإسرائيلي يرفض أن يقول "أنا مسؤول"، أو حتى الصيغة الجماعية - "نحن مسؤولون".
في الأسبوع الماضي كشفنا هنا الفشل الاستخباري المدوي للوحدة 8200، كجزء من انهيار جهاز الاستخبارات بأكمله. منذ النشر، تراكمت العديد من التفاصيل، مما يكشف عن صورة أكثر إثارة للقلق مما كان معروفاً من قبل. إلى حد كبير، إنها قصة مأساة معروفة سلفاً، تستند إلى خطيئة الغطرسة: القيادة السياسية، القيادة الأمنية، وكالات الاستخبارات، القيادة على الأرض.
قيل مسبقاً إنه حتى اليوم لا يمكن الحديث سوى عن جزء صغير. ما يُنشر هنا يتم تقديمه بموافقة الرقابة العسكرية والتملصات الضرورية في القضايا الحرجة لأمن "إسرائيل". لم يكن القصد من قرار نشرها الآن، خلال الحرب، إلقاء تهمة، بل ضمان معالجة الأمور – أيضاً بمفعول رجعي وخاصة فيما هو قادم - من أجل ضمان ألا تفاجأ "إسرائيل" مرة أخرى في المعركة المعقدة التي تشنها حالياً.
الإعلان له سبب آخر. رئيس أركان "الجيش" الإسرائيلي هرتسي هليفي قال إنّ "الجيش" الإسرائيلي لن ينشغل بالتحقيق فيما حدث حتى الحرب، حتى يتمكن من التركيز على الحرب نفسها. وقال: "أولاً سننتصر، ثم سنحقق في الأمر"، فيما جاء كتعليمات لجميع الوحدات العسكرية. لكن اتضح أنّ وحدة 8200 حاسبت نفسها. العميد ي. عيّن اثنين من كبار القادة السابقين للتحقيق فيما حدث، وعززهما بأفراد استخبارات نظاميين من الوحدة.
هذا العمل إشكالي مرتين. المرة الأولى لأنّ رئيس الأركان نهى صراحة عن ذلك. والثانية لأن هناك إمكانية حقيقية لتحديد رواية. وبما أن لجنة تحقيق ستوضح ذلك في المستقبل، فهناك قلق من أنّ العميد ي. يرغب في تشكيل رواية الوحدة لليوم التالي. على الرغم من أن عمليتي التحقيق منفصلتين، إلا أنه في الحالة التي نشأت، من الضروري على الأقل الحصول على موافقة النيابة العامة العسكرية ومواكبتها للعملية. وعلاوة على ذلك، فإن الادعاء المحتمل من قبل العميد ي. بأن استخلاص المعلومات كان مخصصاً لأغراض التعلم الداخلي يمثل مشكلة، لأنه لم يقبل أي مسؤولية عن الفشل.
معلومة ذهبية
في سنة 2022، تلقت إسرائيل معلومة استخبارية ذهبية ألّفتها حماس، بعنوان "خطة هزيمة فرقة غزة". هذه المعلومة الذهبية، التي جلبتها الوحدة 8200، كان لديها كل شيء: استعدادات "الجيش" الإسرائيلي (بتفاصيل تقشعر لها الأبدان) وطرق التعامل معها، وطريقة اختراق الجدار وتنفيذ الهجوم، والأهداف والغايات أثناء الهجوم وبعده. المعلومة نُشرت على الجميع. لا يمكن لأحد داخل "الجيش" الإسرائيلي أو خارجه، بما في ذلك المستوى السياسي، أن يدعي أنه لم يعرفها. وإذا لم يعترف، كان مهملاً في وظيفته، لأن هذه كانت معلومة ذهبية تأسيسية كان يجب أن تؤدي إلى أحد أمرين: تغيير عميق في التفكير من شأنه أن يلغي التصور السائد بأن حماس مردوعة، وتريد الهدوء، أو سلسلة من الخطوات التي من شأنها أن تدحض المعلومة الذهبية حتى يمكن للتصور القائم أن يستمر.
هذا لم يحدث.
الوحدة 8200 لم تفعل ذلك من داخلها، كما هو مطلوب. كان قائدها، العميد ي.، راضياً عن جلب المعلومة الذهبية، لكنه لم يقلب العوالم داخلياً وخارجياً للتأكد من أن ما هو ضروري قد تم به. فهو لم يبنِ نموذجاً كاملاً لمراقبة خطة حماس أو تعطيلها أو تقديم تحذير كافٍ لتمكين "الجيش" الإسرائيلي من الاستعداد لها. كما أنه لم يقُد الوحدة إلى مثل هذه الاستعدادات، ولم يغير الأولويات في جمع المعلومات الحساسة، ولم يخض في القضية مع قادة "الجيش" الإسرائيلي، وخاصة لم يستعد كفاءة الأنظمة التي شُلّت خلال فترة ولايته. إنها تشكيلات أمكن أن تساعد في إعطاء إنذارات، مثل نظام الاتصالات التكتيكية (walkie-talkie) ونظام الاستخبارات العلنية (OSINT).
كما أن العميد ي. لم يضمن أن كبار المسؤولين في "الجيش" الإسرائيلي سمعوا بشكل مباشر الأصوات في وحدته التي صرخت في الأيام والأسابيع التي سبقت السبت الأسود بأن خطة حماس تتحقق عملياً. وحتى في الساعات التي سبقت الحدث، عندما أجريت مشاورات هاتفية محمومة في ضوء إشارات مقلقة قادمة من غزة، لم يقدر أو يُشِر إلى احتمال أن تكون هذه الإشارات مرتبطة بنفس الخطة ونفس المخاوف التي أعربت عنها جهات في وحدته.
قائد 8200 ليس وحده. رئيس لواء التشغيل في أمان، العميد غ.، لم يكلف نفسه عناء الشروع في خطوة واضحة لتوضيح ما يحدث بالضبط في غزة. تم إنشاء لواء التشغيل كدرس مستفاد من حرب لبنان الثانية، من أجل مزامنة جميع الأنشطة الاستخباراتية مع الهدف الرئيسي لشعبة الاستخبارات، الإنذار من حرب. كان غ. ورجاله على دراية بالمعلومة الذهبية لحماس، لكنهم لم يحولوها إلى خطة عمل: تماماً مثل 8200، لم يتصرفوا لتأكيدها أو دحضها، وبالتالي أهملوا في وظيفتهم. تماماً مثل العميد ي.، العميد غ. مقتنع بأنه تصرف بشكل لا تشوبه شائبة. حتى أن من حوله مقتنعون بأنه في نهاية الحرب سيتم تعيينه القائد التالي لـ 8200.
أيضاً رئيس لواء الأبحاث، العميد عميت ساعر، الذي تُعتبر غزة والفلسطينيون جوهر خبرته، لم يطالب باستخدام جميع وسائل الجمع لضمان ألا تفاجئنا غزة. ومثله ضباط الاستخبارات في المنطقة الجنوبية وفرقة غزة - الذين كان من المفترض أن يستيقظوا كل صباح مع حرب أمام أعينهم، الذين كانوا أسرى لنفس التصور، ورفضوا أي محاولة لتحديهم فكرياً.
"خيال" أصبح حقيقة
في 3 تشرين الأول/أكتوبر، زار مدير الاستخبارات العسكرية، أهارون حليفا، قاعدة الجمع الرئيسية لوحدة 8200 في الجنوب. كان ذلك وسط عيد "السوكوت"، وكان حليفا في يوم عمل مزدحم. بدأ باجتماعات في الفرقة 91، التي تسيطر على الجليل، لضمان الاستعداد الاستخباراتي في مواجهة حزب الله، وتابع إلى الفرقة 210 في مرتفعات الجولان ليرى أن كل شيء على ما يرام في القطاع السوري، وطار من هناك إلى النقب لفحص نبض قطاع غزة.
في القاعدة التي وصل إليها تخدم الرتيبة و.، التي كانت تحذر منذ فترة طويلة من أن شيئاً غريباً يحدث في غزة، بشكلٍ مختلف عما يعتقده الجميع، أنّ جميع التدريبات والخداع على السياج هي جزء من خطة كبرى تنتهي بهجوم. قارنت الرتيبة و. الخطة بما كان يحدث على الأرض، وحاولت الصراخ. أرسلت ثلاث رسائل بريد إلكتروني مفصلة حول هذه المسألة، لكنها لُوّح لها بالادعاء بأن السيناريو الذي كانت ترسمه كان خيالياً.
الوحيدون الذين استمعوا إليها ودعموا رأيها هم أولئك الذين عملوا معها عن كثب. حتى أنّ قائدها المباشر، ف.، قطع إجازة لحضور اجتماع في ذلك اليوم مع رئيس الاستخبارات العسكرية. حاول تحذيره، لكن حليفا رفض كلامه. يدعي مكتب رئيس الاستخبارات العسكرية أن هذا لم يحدث: وأنّ مثل هذا الإنذار، في هذا الوقت، لم يصدر. نظراً لأنه كان اجتماعاً شارك فيه كثيرون، على الأرجح أن تكون هناك جهات كافية للشهادة على ما حدث.
الفشل الاستخباراتي لا يتوقف عند المخابرات العسكرية. المسؤولية عن غزة مقسمة بينها وبين الشاباك. إنه هيكل غريب يتطلب الآن الفحص وربما إعادة الترتيب. الميزة الواضحة للاستخبارات العسكرية هي في السايبر والبصريات المختلفة (من الأقمار الصناعية إلى الطائرات المسيرة والمناطيد والرصدات)، في حين أن الميزة الواضحة للشاباك من المفترض أن تكون الاستخبارات البشرية، والتي ستجلب له معلومات ذهبية في الوقت الفعلي. هذا لم يحدث.
شارك السنوار نواياه الدقيقة مع عدد قليل فقط من الأشخاص من حوله، ولم يعرف المسؤولون الميدانيون عنها إلا في الوقت الفعلي في وقت مبكر من صباح يوم السبت. لذلك، ليس من المؤكد أن مصادر جيدة في حماس كانت ستتمكن من جلب المعلومة مسبقاً، لكنها كانت ستنجح في إعطاء الحد الأدنى من التحذير الذي كان من شأنه أن يجعل من الممكن اتخاذ بعض الإجراءات السريعة، استدعاء قوات وفصائل استنفار ودفع وسائل جوية، التي كان من شأنها تقليص الضرر.
في الساعات الأولى من صباح يوم السبت، تلقى الشاباك عدة مؤشرات أدت إلى مشاورات في قيادته وبينها وبين "الجيش" الإسرائيلي. وكان الاستنتاج الذي توصل إليه جميع المشاركين هو أنها مناورة، كما فعلت حماس عدة مرات في العام الماضي. اشتبه الشاباك في احتمال حدوث شيء ما، ربما عملية اختطاف، وأرسل فريق تيكيلا (مكون من مقاتلي الشاباك والقوات الخاصة "يمام") إلى الجنوب. وهنا أيضاً، هناك خلل في التفكير: فالاختطاف في غزة ليس مسألة تكتيكية، بل هو حدث استراتيجي. وإذا كان هناك خطر تحققه، فلا بد من اتخاذ تدابير أكثر أهمية بكثير من تلك المتخذة.
وقد أعلن بعض المسؤولين المذكورين هنا بالفعل مسؤوليتهم عن فشل الاستخبارات في منع الهجوم. ومن أبرزهم رئيس جهاز الشاباك، رونين بار، ورئيس الاستخبارات العسكرية حليفا، ورئيس لواء الأبحاث ساعر. يتصرف العميد ي. من وحدة 8200 والعميد ج. من لواء التشغيل كما لو أن الحادث لا يعنيهما. من ناحية أخرى، أوضح الشاباك بالفعل أن رئيس المنطقة الجنوبية، أ.، ورئيس قسم غزة في المنطقة، م.، قد أوضحا بالفعل أنّ المسؤولية تقع على عاتقهما. كان من المفترض أن يترك م. منصبه بعد أسبوع من الهجوم. بقي، بالطبع، وسوف سيستقيل بعد الحرب.
يجب على جميع المذكورين هنا العودة إلى بيوتهم كجزء من الإصلاح بعد الحرب. وليس فقط هم: قائد القيادة الجنوبية الحالي يارون فينكلمان وسلفه إليعازر توليدانو، الذي كان شريكا مؤسسا للتصور والفشل الدفاعي الذي رافقه خلال فترة عمله كقائد لفرقة غزة ولاحقا قائدا لفرقة غزة، وكذلك قائد فرقة غزة آفي روزنفيلد وقادة الألوية التابعين له، الذين فشلوا في مهمتهم الأساسية – حماية سكان الغلاف – عندما تحطم مفهوم الأمن والدفاع بأكمله في يوم السبت الأسود.
لا شيء من هذا يزيل ذرة من المسؤولية عن المستوى السياسي، وخاصة رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، هو أب الفشل في غزة، الرجل الذي بنى وعزز ودلل حماس بشكل أساسي، ومنع أي اقتراح أو محاولة لاغتيال رؤسائها (وكانت هناك عدة مقترحات مفصلة قدمها له رؤساء الشاباك في السنوات الأخيرة). كان واجب نتنياهو أن يعرف، أن يسأل، أن يزعج ويطلب. لم يفعل أياً من هذه، على العكس من ذلك: لقد روج للتصور ورسخه. الرجل الذي أرسل رئيس الموساد لإنجاز اتفاق الحقائب (النقود) مع قطر، الذي فضّل حماس على السلطة الفلسطينية، الذي تبادل قصاصات ورقية مع السنوار، الذي ركز على السلام مع السعودية وأقنع نفسه بأن المشكلة الفلسطينية قد حلت، والذي تجاهل جميع الإنذارات الاستراتيجية التي أعطيت له خلال العام الماضي بأن "الجيش" الإسرائيلي يضعف وأن أعداء "إسرائيل" يرون في ذلك فرصة لضربها.
ومن غير الواضح ما الذي كان سيفعله السنوار لو كانت "إسرائيل" أقوى. ربما كان سيهاجم، أو ربما لن يهاجم. لكن حقيقة أن نتنياهو اختار عدم الاستماع لا تقل إثارة للأعصاب من حقيقة أن "الجيش" الإسرائيلي لم يستمع إلى المستويات الميدانية الاستخباراتية أو الراصدات. لو كان هناك أقل ثقة بالنفس والمزيد من الإصغاء للآخرين في هذه السلسلة بأكملها، فلربما لم نكن لنقع في الكارثة التي ضربتنا في 7 تشرين أول/أكتوبر.
بين غزة وكفار عزة
يعتقد الكثيرون أنه لا ينبغي الإعلان عن هذه التفاصيل في زمن الحرب، بحجة "سكوت، نطلق النار"، يعني أنهم يقاتلون الآن وبعد ذلك سيكون هناك وقت للتحقيقات. أعتقد خلاف ذلك. دور وسائل الإعلام هو إلقاء الضوء على الزوايا المظلمة: للماضي، وخاصة للمستقبل، حتى لا تتكرر حوادث مماثلة. بما أن "إسرائيل" على وشك الحرب على جبهات أخرى، يجب أن نتأكد من أن ما حدث لن يحدث مرة أخرى، ليس في الاستخبارات، وليس في "الجيش" الإسرائيلي والشاباك، وليس في القيادة السياسية.
للأسف، هناك من يحاول استغلال هذه التقارير من أجل تحميل المسؤولية للاستخبارات والمؤسسة الأمنية وتبرئة نفسه. نتنياهو والمحيطون به منشغلون بذلك منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، وأكثر من ذلك في الأيام الأخيرة. لا تحتاج إلى ذكاء لمعرفة ذلك: وسائل التواصل الاجتماعي مليئة بالبصمات.
آلة السموم هذه لا تتردد في لصق الأكاذيب بالحقيقة. يُزعم، على سبيل المثال، أن الرتيبة و. التقت حليفا وحذرته شخصياً: هذا لم يحدث أبدا. تزخر الآلة أيضاً بالتلاعب المغرض، المصمم للإشارة إلى إهمال متعمد. هكذا حقيقة أنّ رئيس الاستخبارات العسكرية كان في إجازة في إيلات في عطلة نهاية الأسبوع من الهجوم. هذا صحيح، لكن نتنياهو كان أيضاً في إجازة ولا أحد يهاجمه بسبب ذلك.
لدى المؤسسة الأمنية والعسكرية قدر كبير من الزبدة على رأسها (غرور وغطرسة) كما أوضح هنا (وهذا دون الخوض في تفاصيل الفشل في الاستعدادات الدفاعية)، لكن نتنياهو لديه مصنع زبدة على رأسه ليس فقط بسبب ما حدث قبل 7 تشرين أول/أكتوبر، بل بشكلٍ أساسي بسبب سلوكه بعد الهجوم: سوء التعامل مع الأشخاص الذين تم إجلاؤهم والمستوطنات، والسلوك الفاضح لوزارة المالية وتمويل الائتلاف، ومواصلة الإبقاء على حكومة متضخمة ووزراء ووزارات غير ضروريين. صغائر السياسة في زمن الحرب، وقبل كل شيء، الجُبن.
من الحكمة قليلاً الدخول إلى غزة برفقة "الجيش" والشاباك. نصف العالم كان هناك قبله. من الحكمة أكثر بكثير مقابلة الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من الغلاف، الذين دمرت منازلهم وحياتهم، وقُتل أحباؤهم وأُسروا. قبل أن يزور نتنياهو غزة، فليلتق بسكان كفار عزة.
يوم الاثنين من هذا الأسبوع، وصل مع إيلون ماسك إلى كفار عزة وأخذه إلى منزل إيتامار كوهن، الذي تحصن لمدة 27 ساعة في غرفة آمنة مع زوجته دورين وابنهما البالغ من العمر 3 سنوات وطفلهما البالغ من العمر 4 أشهر. لهذه الجولة التي حظيت بدعاية كبيرة، في منزله المدمر، لم يدعُ أحد كوهِن. كما أن نتنياهو لم يكلف نفسه عناء مقابلته أو بقية سكان الكيبوتس. ولا سكان بيري ونير عوز. الاستماع إليهم، إلى أولئك الذين لم يكلف نفسه عناء زيارتهم ولو مرة واحدة خلال سنواته الطويلة في منصبه حتى وقوع الكارثة، لأنهم ليسوا جزءاً من ناخبيه. انظر في أعينهم: عيون أولئك الذين دفعوا أغلى ثمن لاختلال وظائف جميع العناصر في الهرم الذي يرأسه.