"المونيتور": مجزرة رفح كارثة استراتيجية لـ "إسرائيل"

إضافة إلى الخسائر الإنسانية المروّعة التي خلفتها الغارة الجوية على مدينة رفح جنوب قطاع غزة، فإنّ القصف يدفع "إسرائيل" إلى مستوى أعمق من العزلة الدولية.

  • يهودي يدين الوحشية الإسرائيلية خلال مسيرة في لندن للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة بعد الهجوم الإسرائيلي في رفح. (أ ف ب)
    يهودي يدين الوحشية الإسرائيلية خلال مسيرة في لندن للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة بعد الهجوم الإسرائيلي في رفح. (أ ف ب)

موقع "المونيتور" الأميركي ينشر مقالاً للكاتب والصحافي الإسرائيلي بن كاسبيت، يقول فيه إنّ مجزرة رفح زادت عزلة "إسرائيل" الدولية، وأدّت إلى تصاعد التوترات بين الاحتلال ومصر. 

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرف: 

إنّ الغارة الجوية الإسرائيلية التي أودت بحياة ما لا يقل عن 40 مدنياً فلسطينياً في رفح يوم الأحد كانت من أكثر الهجمات دموية في الحرب.

يأتي الهجوم بعد أيام فقط من حكم محكمة العدل الدولية في لاهاي في 24 أيار/مايو الذي طالب "إسرائيل" بوقف هجومها على مدينة رفح جنوب قطاع غزة.

واعتبرت "إسرائيل" أنّ صياغة قرار محكمة العدل الدولية محدودة وغامضة، ما يترك لها مجالاً لمواصلة هجومها، بشرط ألا تفعل شيئاً يخدم الاتهامات الدولية بارتكاب إبادة جماعية. وقد وافقت الولايات المتحدة وبعض حلفائها على التفسير الإسرائيلي للحكم باعتباره منطقة شفق قانونية تسمح باستمرار العملية في رفح، التي يعتبرونها المعقل الأخير لحركة حماس.

التحقيق الفوري الذي أجرته آلية تقصي الحقائق التابعة لهيئة الأركان العامة، والذي أمر به المدعي العام العسكري الإسرائيلي، لم يفعل الكثير لتهدئة الغضب الدولي الناجم عن الصور المروعة للجثث المحترقة التي غمرت وسائل الإعلام. وكان الإحراج الشديد الذي تعانيه "إسرائيل" واضحاً للغاية، وادعاءاتها بأنّ "الجيش" الإسرائيلي أوقع عدداً أقل من الضحايا المدنيين خلال أكثر من 7 أشهر من الحرب في قطاع غزة، مقارنة بجميع التحالفات الدولية الغربية على مدى السنوات العشرين الماضية من القتال والحروب، تم إسكاتها بصور النيران والسخام والجثث المتفحمة.

وقال مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى لـ"المونيتور" طلب عدم الكشف عن هويته: "لقد حدث ذلك في اللحظة الأكثر أهمية، إذ كان العالم كله يراقبنا تحت عدسة مكبرة، مع صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو من قبل المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية".

وبعيداً عن المعاناة الإنسانية المروعة الناجمة عن الغارة الجوية التي وقعت يوم الأحد، يشكّل القصف كارثة استراتيجية بالنسبة إلى "إسرائيل"، فهو لا يصوّرها على أنّها تستهزئ بالمحكمة العليا للأمم المتحدة فحسب، بل يدفعها أيضاً إلى المزيد من العزلة الدولية.

كان هناك المزيد في اليوم التالي من كارثة رفح. وبينما تم إجلاء جثث العشرات من السكان الفلسطينيين من مخيم اللاجئين المكتظ، تبادلت "إسرائيل" ومصر إطلاق النار قرب ممر فيلادلفيا الذي يفصل مصر عن رفح، وقُتل جندي مصري في الاشتباك.

ويواصل نتنياهو إصراره على أنّ "إسرائيل" ستواصل توغلها في رفح حتى تحقيق "النصر الكامل" الذي يحاول إقناع الإسرائيليين به. وقد تخلى شركاؤه في حكومة الحرب - القائدان العسكريان السابقان بيني غانتس وغادي آيزنكوت - عن هذه الاستراتيجية منذ فترة طويلة.

وقال آيزنكوت في كلمة ألقاها أمام جلسة مغلقة للجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست يوم الاثنين: "يتعين على إسرائيل الانتشار على طول الخطوط المتفق عليها في قطاع غزة وإنهاء القتال من أجل إعادة جميع الرهائن الـ125، أحياء وموتى، الذين ما زالوا محتجزين لدى حماس". ووصف هذه النتيجة بأنّها الصورة الوحيدة الممكنة للنصر.

نتنياهو، كما ذكرنا، يرى الأمر بشكل مختلف. فبالنسبة إليه، هذه ليست حرباً من أجل "إسرائيل"، بل هي حرب من أجل بقائه.

نقلته إلى العربية: بتول دياب

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.