"واشنطن بوست": التداعيات الخطيرة لعدوان "إسرائيل" الإلكتروني في لبنان
إنّ الضربة التخريبية الإسرائيلية الواضحة قد تؤدي إلى إبطال محادثات وقف إطلاق النار في غزة وإشعال فتيل حرب أوسع نطاقاً.
صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية تنشر مقال رأي للكاتب ديفيد اغناتيوس، يتحدث فيه عن تداعيات عدوان "إسرائيل" الإلكتروني على لبنان أمس الثلاثاء.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرف:
كان المشهد في لبنان يوم الثلاثاء أشبه بشيء من فيلم جيمس بوند، إذ انفجرت أجهزة الاتصال في وقت واحد في جيوب مئات من مقاتلي حزب الله وغيرهم في جميع أنحاء البلاد، في ما بدا أنّه عملية إسرائيلية بارعة جمعت بين الحرب السيبرانية والتخريب.
ولكن حزب الله تمكّن من كتابة الفصل التالي في هذه القصة المثيرة. وكان المسؤولون الإسرائيليون يستعدون ليلة الثلاثاء لهجمات انتقامية، إذا لم يتم احتواؤها، فقد تؤدي إلى إشعال فتيل الحرب الإقليمية الشاملة التي يحاول المسؤولون الأميركيون منعها منذ ما يقارب عاماً.
لم تتبنَّ "إسرائيل" هجوم الثلاثاء، ولكنها لم تكن بحاجة إلى ذلك، فلم يكن من الممكن لأي جهة أخرى أن تقوم بمثل هذا الهجوم المعقد والجريء في لبنان.
كان مسؤولو إدارة بايدن سريعين في النأي بأنفسهم عن الهجوم في لبنان، قائلين إنّهم لم يتلقّوا أي إشعار مسبق. وكان المسؤولون الأميركيون على اتصال بإيران من خلال قناة خلفية يوم الثلاثاء لنقل معلومات مفادها أن الولايات المتحدة لم يكن لها أي دور في الهجوم.
بالنسبة إلى الرئيس جو بايدن ونائبة الرئيس كامالا هاريس، فإن التوقيت لا يمكن أن يكون أسوأ، إذ يأتي هذا التصعيد الحاد وخطر اندلاع حرب أوسع نطاقاً قبل أقل من شهرين من الانتخابات الرئاسية، كما قد يؤدي إلى تفجير أي فرصة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين.
وبعدما طورت "إسرائيل" القدرة غير العادية على تحويل أجهزة الاتصالات الخاصة بحزب الله إلى قنابل، ربما كانت لتقرر أنّ هذه القدرة لا بد من أن تستخدم قبل أن يتم اكتشافها وتعطيل أجهزة النداء، كما ذكرت النشرة الإخبارية "المونيتور" مساء الثلاثاء.
إنّ رغبة "إسرائيل" في ضرب حزب الله بقوة أكبر تعكس واقع أنّ "إسرائيل" لم تعد تستطيع تحمّل ما أصبح حرب استنزاف مطوّلة، إذ يواصل حزب الله هجماته الصاروخية ضد شمال "إسرائيل"، واضطر أكثر من 60 ألف إسرائيلي إلى إخلاء منازلهم في الشمال، تاركين وراءهم مدن أشباح.
لقد أصبح الضغط السياسي للتعامل مع "الشمال"، كما يسميه الإسرائيليون، شديداً تقريباً مثل الرغبة في تحرير الأسرى. وقال المصدر المطلع على التفكير الإسرائيلي: "عندما يتعلق الأمر بلبنان والشمال، فهناك إجماع متزايد في إسرائيل على ضرورة القيام بشيء ما"، ولكن ما الذي تسبب في انفجار الأجهزة "البيجر" عند الساعة 3:30 ظهراً تقريباً من يوم أمس الثلاثاء؟
وعندما بدأ أكثر من 2800 ضحية تغمر مستشفيات بيروت، أخبرني العديد من المحللين الأميركيين أنّهم يشتبهون في البداية في أنّ البرامج الخبيثة الإسرائيلية ربما تكون قد تسببت في انفجار بطاريات الليثيوم في أجهزة النداء، ولكن مقاطع الفيديو التي التقطت العديد من الانفجارات تجعل هذه النظرية غير محتملة، ذلك أنّ بطاريات الليثيوم تسخن بشدة قبل أن تنفجر، أي تصبح ساخنة للغاية، بحيث لا يستطيع أحد أن يحتفظ بها في جيوبه لفترة طويلة. ويبدو أنّ الانفجار كان يسبقه عادة دخان، ثم حريق، كما تظهر مقاطع الفيديو.
أخبرتني مصادر أميركية أنّ ما حدث على الأرجح هو أنّ عملاء إسرائيليين تمكنوا من الوصول إلى أجهزة النداء نفسها قبل توزيعها، وإدخال كميات صغيرة من المتفجرات القوية للغاية. وقالت المصادر إنّ البرامج الخبيثة التي تم إدخالها في أنظمة تشغيل أجهزة النداء ربما خلقت محفزاً إلكترونياً، بحيث عندما تتلقى أجهزة النداء مكالمة من رقم معين أو أي إشارة أخرى تؤدي إلى انفجار المتفجرات.
إنّ الهجوم الإلكتروني الذي شنته "إسرائيل" كان بداية لعصر جديد وخطير للغاية في الحرب الإلكترونية، فمن الممكن تحويل أي جهاز متصل بالإنترنت إلى سلاح.
نقلته إلى العربية: بتول دياب