"يديعوت أحرونوت": خلافات داخل "الجيش".. تقدم سريع أم انتظار لمعالجة الأنفاق؟

صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية تنشر مقالاً لمحلل الشؤون العسكرية، يوسي يهوشع، يسلط فيه الضوء على الحيرة لدى "جيش" الاحتلال الإسرائيلي حول طبيعة سير محاولة الدخول إلى غزّة.

  • التقدم بسرعة أم الانتظار ومعالجة الأنفاق؟.. خلافات داخل
    التقدم بسرعة أم الانتظار ومعالجة الأنفاق؟.. خلافات داخل "الجيش" الإسرائيلي

كتب محلل الشؤون العسكرية، يوسي يهوشع، في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، متحدثاً عن الخلافات داخل أروقة "الجيش" الإسرائيلي حول ما إذا كان يجب "التقدّم بسرعة في قطاع غزّة"، أو العمل ببطء على ذلك، كون الأمر محفوفاً بالمخاطر.

فيما يلي النص منقولاً إلى العربية:

ينقل قادة معركة غزة رسالة مفادها أن هذه مجرد البداية، لكن التوافق على الحاجة إلى الوقت لا يشير إلى إجماع. هناك من يجادل بأنه من الضروري التقدّم بسرعة، بينما يجادل آخرون بأنه من الضروري العمل ببطء ودقة من أجل تدمير قدرة حماس على المقاومة بشكل كامل. الجبهة الشمالية أيضا لا تخفض استنفارها بعد خطاب نصر الله.

شهر ليس وقتاً طويلاً في حياة أمة، لكن الأسابيع الأربعة التي مرت من 7 تشرين أول/أكتوبر إلى أمس كانت بالنسبة لنا جميعاً وكأنها أبدية. لدينا صعوبة في تذكر من كنا حتى صباح يوم السبت ذاك، ولدينا صعوبة في تخيل من سنكون عندما ينتهي كل شيء، عندما يحدث هذا. لذلك، في هذه المرحلة، من المهم أن نفهم كيف يرى قادة المعركة على الأرض الأمور. في أحاديث معهم، يسعون إلى نقل رسالة قاطعة وواضحة من ثلاث كلمات: هذه مجرد البداية.  

ووفقاً لهم، فإن "الجيش" الإسرائيلي لا "يطلب" وقتاً: إنه مضطر إليه. إنه مضطر إليه لأنها ليست "جولة"، بل حرب تهدف إلى إزالة التهديد الذي بُني على مدى ثلاثة عقود وكان أقوى بكثير مما أردنا تقديره. طالما أن هذا التهديد يتمتع بقدرات عسكرية وسلطوية، لن نتمكن من الحفاظ على حياة طبيعية إلى جانبه. انتهى هذا الوهم في الساعات الأخيرة من الهدوء للكيبوتسات والمستوطنات في الغلاف.

كبار المسؤولين العسكريين يرون أن وقف الحرب قبل الإزالة المستديمة للتهديد سيؤدي إلى مواجهات أكثر صعوبة في وقت قصير. تذكروا، كما يقولون، أن كل "جولة" كان من المفترض أن تُبعد الجولة التالية. عن هذه العقيدة، قال بنيامين (فؤاد) بن إليعازر: "الله يرحمها". من دون حسم واضح، لن نعيد حتى ربع بقرة إلى المنطقة الحدودية. 

والمثير للدهشة أن "الجيش" يدعي أن الأميركيين يرون نفس الموقف. على الرغم من التقارير التي تفيد عن رغبة البيت الأبيض في زيادة المساعدات الإنسانية وهدنات في ظروف معينة، يصر مسؤول كبير في إدارة المعركة: "الأميركيون يقولون لنا بصراحة أنهم يتوقعون عدم وجود حماس في نهاية الحرب. لذلك، من المستحيل أيضاً قبول وقفات إطلاق نار إنسانية توقف العملية الهجومية وتعرض قواتنا لخطر". يذكر المسؤول حدثا آخر فضلنا كبته: الجمعة السوداء خلال عملية الجرف الصامد، التي انتهكت فيها حماس وقف إطلاق النار وأودت بحياة أبطال إسرائيل بنيا شرال وليال غدعوني وهدار غولدين، الذي لا يزال جثمان محتجزا في قطاع غزة.  

التوافق في "الجيش" على الحاجة الماسة للوقت لا يشير إلى تطابق آراء في القيادة. تنقسم المقاربات إلى قسمين: من ناحية هناك الجناح الذي يضغط للتقدم بسرعة، وفقاً للخطط في غرف العمليات. من ناحية أخرى، يجادل قادة في الميدان بأنه من الضروري العمل بشكل مختلف: "الأرض تحتنا تغلي"، كما يقولون، "من الخطر التقدم دون معالجة طبقة تحت الأرض. قلتم لنا أن ندمر حماس؟ وعليه، إنها موجودة هناك وهذا هو المكان الذي يجب معالجته، وليس تخطيه. إذا لم نفعل ذلك بصورة أساسية، فسوف تخرج فقط، وتنفض التراب وتستمر في السيطرة. لذلك، من الضروري القضاء على أولئك الذين هم تحت الأرض، وليس التقدم وفقا للسهم. لا يوجد نصف حرب". 

في هذه الغضون، الفرق التي زُجّ بها في المعركة تشدد الحصار على مدينة غزة من جميع الجهات. التفوق النسبي للجيش الإسرائيلي هو سيطرته من الجو، بحيث أن طريقة الهجوم الرئيسية لحماس – الخروج من فتحات الأنفاق، وإطلاق صواريخ مضادة للدروع والعودة إلى تحت الأرض – تتلقى ضربات قاسية: معظم المخربين القتلى يعيدون أرواحهم إلى الخالق بفضل استهدافات من الجو وأقل في المعارك وجها لوجه. وهناك، أيضا، ينجح الجيش الإسرائيلي ولكنه يتكبد أيضا إصابات، وأمس سُمح بالنشر عن أربعة شهداء إضافيين إلى عدد الشهداء، ثلاثة منهم من دورية غفعاتي، التي تقود رأس حربة القتال.

في "الجيش" الإسرائيلي يبحثون عن نقطة انهيار حماس، التي تواصل في الوقت الحالي القتال وإلحاق الضرر بقواتنا. لذلك، تتصرف القوات ببطء وحذر، وهو ما يتناقض مرة أخرى مع توقع الجمهور (والأميركي) بإنهاء الحرب بسرعة والعودة إلى الروتين لجميع الأسباب المعروفة: كما نذكر، ليس فقط الساعة الدبلوماسية تدق، بل أيضا الساعة الاقتصادية، حيث يتم تجنيد مئات الآلاف لخدمة الاحتياط والاقتصاد يعمل فعليا بصورة مقلصة منذ 30 يوما. بالإضافة إلى ذلك، سيواصل الجيش الإسرائيلي التعامل مع تهديد القنص من بعيد. 

الصحيح حتى الساعة، غزة ستبقى محور الاهتمام، أيضاً بعد خطاب الأمين العام لحزب الله الشاغل في يوم الجمعة. على الرغم من أن حزب الله بدأ بالفعل مساء الخميس عرض تحمية للخطاب بهجمات على "هار دوف" و"كريات شمونة" ومواقع عسكرية، لكن أمس أطلق أمس صواريخ ثقيلة، مئات الكيلوغرامات لكل منها، مع إمكانية كبير لإحداث أضرار هائلة. 

ومن المهم أيضاً تناول بعض ردود الفعل المثيرة للدهشة في "إسرائيل" على خطاب نصر الله. وفقاً لبعض المحللين، مصادر في مكتب رئيس الحكومة وحتى ناطق رسمي من جهاز الإعلام الذي تنكر ككوميدي فيما مئات المدنيين واقعون في أسر حماس - لم يكن الخطاب أقل من انكفاء نصر الله. من ناحية أخرى، يتعاملون في الجيش مع نصر الله بالحذر اللازم. قائد المنطقة الشمالية، أوري غوردين، أصدر تعليمات بعدم خفض الاستنفار. كما أن سلاح الجو يحرص على أقصى درجات الأهبة، وبالتأكيد لا يجرؤ أحد على التلفظ بعبارة "نصر الله مردوع".  

كلام نصر الله يتواءم وتقدير الاستخبارات الإسرائيلية، الذي يفيد بأن حماس لم تُبلغ إيران وحزب الله قبل إصدار الأمر. لهذا السبب بالتحديد، يجب أن نستمع إلى التهديد الذي وجهه، وبحسبه "كل الخيارات مفتوحة ومن الممكن أن نتوجه إليها". ما لا ينبغي فعله بالتأكيد هو الانتقال من الصور الدرامية لسلاح الجو على أهبة الاستعداد في أقل من ساعة إلى حرب شاملة ستُدخل البلد بأكمله إلى الملاجئ لأسابيع، وتبجح متعجرف وغطرسة، كما لو أننا لم نتعلم شيئاً من أفظع شهر في تاريخ "إسرائيل".