"Antiwar": لماذا يرتكب الجنود الإسرائيليون جرائم عنف واغتصاب؟

إن عمليات القتل الجماعي والتجويع والاغتصاب والتعذيب للفلسطينيين، على نطاق واسع، هي نتيجة طبيعية لـ"إسرائيل" التي قامت على هذه الأسس من العدوان.

0:00
  • سجن
    سجن "سدي تيمان" الإسرائيلي الذي احتجزت فيه "إسرائيل" آلاف الفلسطينيين من غزة

موقع "Antiwar" الأميركي ينشر مقالاً للكاتب رمزي بارود، يتحدث فيه عن الأسباب التي تدفع قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى ممارسة العنف ضد الفلسطينيين.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:

بعد عملية "طوفان الأقصى"، قال موشيه فيغلين، أحد ساسة الاحتلال الإسرائيلي، لوكالة "أروتز شيفا" الإخبارية إن "المسلمين لم يعودوا يخافوننا". ليس من المستغرب أن يكون فيغلين، كما غيره من الصهاينة، يرى أنّ عنصر الخوف أساس ميزة "دولة" الاحتلال وسرّ بقائها واستمرارها. لقد استخدمته في المجازر التي ارتكبتها بحق الفلسطينيين منذ عام 1948، حتّى الإبادة الجماعية التي ترتكبها الآن في غزّة. فـ"الدولة" الصهيونية تتبع سياسة غرس الخوف من أجل دفع الفلسطينيين إلى الرحيل عن أرضهم، أو اقتلاعهم من جذورهم، كما فعلت في مذبحتي دير ياسين والطنطورة، وفي عشرات المجازر، قبل 70 عاماً، من أجل كسر إرادة الفلسطينيين عبر التعذيب الوحشي والاعتداءات الجنسية. وهي أعمال متواصلة فوق كل أرض فلسطين، منذ نحو 8 عقود.

ويقول خبراء يعملون مع الأمم المتحدة، في تقرير نُشر مطلع الشهر الجاري، إنّ "هذه الممارسات تهدف إلى معاقبة الفلسطينيين على مقاومتهم الاحتلال والسعي لتدميرهم، فردياً وجماعياً".

وفي تقرير بعنوان "مرحباً بكم في الجحيم"، قالت منظمة "بتسيلم" الإسرائيلية إنّ الفلسطينيين المعتقلين "يتعرضون عمداً لألم ومعاناة قاسيَين، وعنف لا هوادة فيه، في السجون التي تعمل كمعسكرات تعذيب بحكم الأمر الواقع".

تتجسد كل هذه التوجهات الوحشية الإسرائيلية، اليوم، في الحرب العدوانية المستمرة على غزة بطرائق غير مسبوقة، عبر حجم الإجرام الضاري بحق المدنيين، بحيث تجاوز عدد الشهداء 40 ألفاً، وبلغ الجرحى عشرات الألوف.

وكانت "مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان" الفلسطينية نشرت تقريرها، الذي يوثّق حالات التعذيب والعنف الجنسي والمعاملة المهينة، إلى جانب" الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان المرتكَبة ضد المعتقلين، في أثناء العدوان على غزّة.

ويقول التقرير المذكور أنّ حوادث الاغتصاب والاعتداءات الجنسية، وأشكالاً أخرى من التعذيب، تتوزع على خريطة تغطي منطقة جغرافية كبيرة في غزّة وفي الضفة الغربية، وفي "الداخل الصهيوني"، وخصوصاً معتقل سدي تيمان سيئ السمعة في صحراء النقب في الأرض المحتلة. وإذا أخذنا في الاعتبار حجم جيش الاحتلال ومواقعه، فإن الأدلة الموثقة جيداً بشأن الاغتصاب والتعذيب تشير إلى أن هذه التكتيكات لا ترتبط بفرع محدد من فروع الجيش، فكل قطاعاته تستخدم التعذيب استراتيجية مركزية، كما يؤكد وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال، إيتمار بن غفير، الذي لا يتورع عن إطلاق تصريحاته العنصرية والإجرامية، ومفادها أن المعتقلين الفلسطينيين يجب "إطلاق الرصاص على رؤوسهم عوضاً من إعطائهم مزيداً من الطعام"، وهذا ينسجم تماماً مع ما تقوم به حكومته من تجويع السجناء وتعذيبهم وترويعهم على الدوام.

ليس بن غفير وحده من يطبق هذه السياسات، التي سبقته بعقود، واستُخدمت ضد أجيال من المعتقلين الفلسطينيين، الذين اغتُصبت حقوقهم التي يكفلها القانون الدولي، وخصوصاً اتفاقية جنيف الرابعة.

تقوم الحروب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين على مبدأين. الأول مادي، والثاني نفسي. ويتضح العنصر الأول في الإبادة الجماعية المستمرة، وقتل وجرح عشرات الآلاف، وتدمير غزة بالكامل تقريباً. أما العامل النفسي فيهدف إلى كسر إرادة الشعب الفلسطيني. ونشرت منظّمة "القانون من أجل فلسطين"، وهي مجموعة قانونية للدفاع عن الحقوق، قاعدة بيانات تحتوي على أكثر من 500 حالة لقادة الاحتلال، بمن في ذلك رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، يحرّضون فيها على الإبادة الجماعية في غزّة.

ويبدو أن أغلبية هذه الإشارات تركز على نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين. على سبيل المثال، كان التصريح، الذي أدلى به رئيس "الدولة" الصهيونية، إسحاق هرتسوغ، بعد عملية "طوفان الأقصى"، بأنه "لا يوجد مدنيون أبرياء في غزة"، جزءاً من حكم الإعدام الجماعي الذي جعل إبادة الفلسطينيين مبررة أخلاقياً في نظر "مجتمع" الاحتلال. وكان نتنياهو دعا إلى الانتقام من الفلسطينيين، مستخدماً إشارة توراتية مشؤومة: "تذكروا ما فعله بكم عماليق"، وهذأ أيضاً بمنزلة شيك مفتوح للقتل الجماعي.

تستمرّ "الدولة" الصهيونية في عدم النظر إلى الفلسطينيين كبشر، أو كأبرياء، أو كأشخاص يستحقون الحياة والأمن، وأطلقت العنان لإجرام جيشها ولفعل ما يراه ملائماً بأولئك، الذين وصفهم وزير دفاع الاحتلال، يوآف غالانت، بـ "الحيوانات البشرية".

إن عمليات القتل الجماعي والتجويع والاغتصاب والتعذيب للفلسطينيين، على نطاق واسع، هي نتيجة طبيعية لهذه "الدولة" التي قامت على هذه الأسس من العدوان، فالهدف ليس مجرد الانتقام، على الرغم من أن الانتقام مهم للغاية لرغبة "إسرائيل" في التعافي بعد عملية "طوفان الأقصى".

ومن خلال محاولتها كسر إرادة الفلسطينيين، من خلال التعذيب والإذلال والاغتصاب، تريد "إسرائيل" استعادة نوع مغاير من الردع، الذي فقدته في الـ7 من تشرين الأول/أكتوبر في العام الماضي. لكنها فشلت في استعادة الردع العسكري أو الاستراتيجي أو الردع النفسي، كما فشلت في استعادة عنصر الخوف الذي حطمته المقاومة الفلسطينية في ذلك التاريخ.

إن اغتصاب الأسرى، وتسريب مقاطع فيديو للأعمال البشعة، بصورة متكررة، هما جزء أصيل من بنية "دولة" الاحتلال في ترويع الفلسطينيين وتخويفهم. لكن "إسرائيل" سوف تفشل، ببساطة لأن الفلسطينيين نجحوا فعلاً في هدم عمارة الخوف على مدى 76 عاماً هي عمر الاحتلال.

لقد أثبتت الحرب العدوانية على غزّة أنها الأكثر تدميراً ودموية بين كل الحروب الإسرائيلية. ومع ذلك، فإن الصمود الفلسطيني يكبر بقوة، كما أن الفلسطينيين مقاومون، في طبعهم، ولن يتخلوا عن حقوقهم في تقرير مصيرهم ومستقبلهم في حياة كريمة وحرة بأي ثمن.

نقله إلى العربية: حسين قطايا

 

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.