"Consortium News": الولايات المتحدة تعتقد أنها عاجزة عن وقف الإبادة الجماعية في غزة

مجلة إلكترونية أميركية اصف الحرب في غزة بالإبادة الجماعية التي تمولها الولايات المتحدة بشكل مباشر وتوفر لها غطاء دبلوماسياً وسياسياً وعسكرياً.

  • مشاهد جوية للدمار في غزّة من جراء العدوان الإسرائيلي
    مشاهد جوية للدمار في غزّة من جراء العدوان الإسرائيلي

مجلة إلكترونية أميركية تنشر مقالاً بعنوان "الولايات المتحدة تعتقد أنها عاجزة عن وقف الإبادة الجماعية في غزة"، تتناول فيه عجز الولايات المتحدة عن منع "إسرائيل" من الاستمرار في الحرب الوحشية التي تشنّها على غزة.

في مقال جديد ومستهجن بعنوان "البيت الأبيض محبط من الهجوم الإسرائيلي لكنَّه لا يرى سوى خيارات قليلة"، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست"، أنَّ إدارة بايدن تعتقد أنَّ "إسرائيل" أوغلت بعمق بدماء الفلسطينيّين وتقتل الكثير من المدنيّين في هجومها على غزَّة، لكنها عاجزة عن القيام بأيّ شيء لمنعه.

كتبت ياسمين أبو طالب في المقالة المذكورة نقلاً عن مسؤولين أميركيّين مجهولين أنّه "مع تصاعد الغزو البرّي الإسرائيليّ لغزة، تجد إدارة بايدن نفسها في وضع محفوف بالمخاطر، وأنّ مسؤولي الإدارة يقولون عن الهجوم الإسرائيليّ المضاد ضد الفلسطينيّين أنّه كان وحشيَّاً للغاية، ومكلفاً بسبب سقوط ضحايا من المدنيّين، ويفتقر إلى نهاية متماسكة، لكن الإدارة غير قادرة على بذل ضغوط أو التَّأثير على أقرب حلفاء أميركا في المنطقة لتغيير سلوكها".

الأصحّ، أنَّ الجهود الأميركيَّة لحمل "إسرائيل" على تقليص هجومها على قطاع غزّة قد باءت بالفشل أو فشلت. وحثَّت الكاتبة إدارة بايدن كي تستبعد "تلّ أبيب" الغزو البرّي، وطلبت مراعاة التناسب في هجماتها، وإعطاء أولوية أعلى لتجنّب مقتل المدنيّين، ودعت إلى هدنة إنسانيَّة لا يزال الإسرائيليُّون يرفضونها.

تزعم الإدارة الأميركيَّة أنهَا أصبحت في الأيَّام الأخيرة غير مرتاحة للغاية لبعض التَّكتيكات الإسرائيليَّة في توجُّهاتها. وفي الأسبوع الماضي، قصفت "إسرائيل" مخيَّم جباليا للَّاجئين المكتظ بالسكَّان لمدَّة يومين متتاليين، وهو الهجوم الذي قالت "إسرائيل" إنَّه أدَّى إلى مقتل أحد قادة حماس ولكنَّه أدَّى أيضاً إلى مقتل عشرات المدنيّين. يوم الجمعة، شُنّت غارة جويَّة إسرائيليَّة بالقرب من مدخل مستشفى الشّفاء في مدينة غَّزة، وهي ضربة قال "الجيش" الإسرائيليّ إنَّها كانت تستهدف سيَّارة إسعاف "تستخدمها خليَّة تابعة لحركة حماس".

واشنطن هي أكبر داعم عسكري لـ "إسرائيل"، وقد طلب البيت الأبيض من الكونغرس مساعدة إضافية بقيمة 14 مليار دولار لـ "إسرائيل" عقب هجوم المقاومة الفلسطينيَّة. لكنّ مسؤولي الإدارة ومستشاريها يقولون إنَّ النُّفوذ الذي تمتلكه الولايات المتَّحدة نظريّاً على "إسرائيل"، مثل جعل المساعدات العسكريَّة مشروطة بجعل الحملة العسكرية أكثر استهدافاً، ليس مجدياً، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنها لن تحظى بشعبيَّة كبيرة على المستوى السياسيّ في أيّ إدارة، لأنه كما يقول المساعدون، بايدن نفسه لديه ارتباط شخصي بـ "إسرائيل".

إنَّ إدارة بايدن لديها في الواقع الكثير من النَّفوذ الذي يمكنها استخدامه لوقف مذبحة الإبادة الجماعيَّة في غزَّة، لكنها لا تريد ذلك لأنَّها ستكون "غير شعبية سياسياً" ولأن "بايدن نفسه لديه ارتباط شخصي بـ "إسرائيل" ويفاخر بصهيونيَّته، ويعتبر أنَّه لو لم تكن "إسرائيل" موجودة، لكان على الولايات المتَّحدة أن تخترع "إسرائيل" لتعزيز مصالحها في الشَّرق الأوسط.

باختصار، يعلمنا المقال في صحيفة "واشنطن بوست"، أنَّ بايدن عاجز عن وقف مذبحة الإبادة الجماعيَّة في غزَّة لأنه يحب حقَّاً الأشخاص الَّذين يرتكبونها ولا يريد منعهم من القيام بذلك.

تقوم الولايات المتَّحدة بضخّ الأسلحة ومليارات الدولارات إلى "إسرائيل" بشكل يومي تقريباً، وتساعد حاليّاً في العمليات الإسرائيليَّة عمليّاً في غزة، بطائرات من دون طيار وقوات العمليَّات الخاصة، بينما تغزو السُّفن الحربيّة الأميركية شرق البحر الأبيض المتوسط.

كلّ هذا الدعم يمكن إيقافه بسهولة إذا رفضت "إسرائيل" التوقّف عن قتل الآلاف من الأطفال الفلسطينيّين في غزة. في حملة قصف عشوائية يقال إنها لا تلحق أي ضرر ملموس بحركة حماس.

يستشهد تقرير جديد لصحيفة "نيويورك تايمز" بمسؤول عسكري أميركي مجهول يقول: "إنّ إسرائيل لم تقترب من تدمير قيادة حماس أو حتى قيادتها المتوسطة أو الأصغر منها".

وهذا الكشف مدمّر للرّواية الإسرائيلية حول ما تفعله حقيقة في غزة. وقالت "تل أبيب" يوم الخميس الماضي، إنّها قصفت نحو 12 ألف هدف في غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، ولا شك أن هذا العدد سيكون أعلى الآن.

بحسب المعلومات المتداولة، لا يوجد سوى نحو 20 إلى 25 ألف عضو في حركة حماس في المجموع، مما يعني أنّ عدد الغارات الجوية يقترب بسرعة من العدد الإجمالي لأعضاء حماس.

 ومع ذلك، ووفقاً لتقرير صحيفة "نيويورك تايمز"، لم يقع أيُّ ضرر كبير على الحركة نفسها. على الرغم من حقيقة أنّه قيل لنا، إنّ المقاومة الفلسطينية تستخدم على نطاق واسع "الدروع البشرية"، حيث تتخفّى وحداتها في مجموعات من المدنيّين للحماية. كيف تمكّنت "إسرائيل" من قتل نحو عشرة آلاف فلسطيني في غزة من دون أن تتمكّن من إلحاق أيّ ضرر حقيقي بـحماس إذا كان مقاتلوها يختبئون بين كلّ هؤلاء المدنيّين؟ 

ربما تستخدم "حماس" دروعاً بشريَّة رفيعة المستوى، من النّوع الذي لا يختبئ خلفه أيٌّ من مقاتليها. إنَّها عبارة عن دروع بشرية بنسبة 100% مع عدم وجود مقاتلين 100% أيضاً، هو أكثر أنواع الدروع أماناً على الإطلاق.

إنَّ تقرير صحيفة "واشنطن بوست"، حول عجز بايدن الوهمي عن وقف المذبحة الإسرائيليَّة يبدو أكثر منطقية بعض الشيء عندما تنظر إلى مقالة أخرى نشرتها شبكة "أن بي سي نيوز" قبل أيَّام قليلة، والتي تفيد بأنَّ قيادة البيت الأبيض تشعر بالقلق إزاء أعمال القتل في غزَّة، هو نفسه القتل الذي يدعمه بايدن. 

ذكرت شبكة "أن بي سي نيوز" ما يلي: "قام بايدن وكبار مساعديه في الأسبوع الماضي بتعديل الرّسالة العامَّة للإدارة لتَّأكيد القلق بشأن المدنيّين الفلسطينيّين والجهود الأميركيَّة لتقديم الإغاثة الإنسانيَّة لهم. ويأتي هذا التَّحوُّل في أعقاب انتقادات متزايدة في الدَّاخل والخارج لقرار بايدن بدعم الرَّد العسكريّ الإسرائيليّ على حركة حماس بسرعة وقوَّة، بينما تحدَّث في البداية بقوَّة أقلّ عن حماية الفلسطينيّين؛ وفي الوقت نفسه، لا تزال صور الضَّحايا المدنيين في غزَّة تتردَّد في جميع أنحاء العالم".

وبرَّر مسؤول أميركي كبير الموضوع: "إذا ساءت الأمور حقاً، فإننا نريد أن نكون قادرين على الإشارة إلى تصريحاتنا السَّابقة. فالإدارة تشعر بالقلق بشكل خاصّ بشأن ترسُّخ رواية مفادها أنَّ بايدن يدعم جميع الأعمال العسكريَّة الإسرائيليَّة، وأنَّ الأسلحة المقدَّمة من الولايات المتَّحدة قد استخدمت لقتل المدنيّين الفلسطينيّين، وكثير منهم من النّساء والأطفال". وقالت وزارة الدّفاع، إنَّ "الولايات المتَّحدة لا تضع أيَّ حدود أو قيود على الأسلحة التي توفّرها لإسرائيل".

لذلك ربما يكون رهاناً آمناً، أنّ المسؤولين الأميركيّين المجهولين الّذين تحدَّثوا إلى صحيفة "واشنطن بوست" حول مدى "إحباط" البيت الأبيض من جرائم القتل الإسرائيليَّة الجامحة، يحاولون إدارة السَّرد العام حول بايدن، والسَّماح للبيت الأبيض في عهد بايدن بغسل يديه من مذبحة الإبادة الجماعيَّة هذه مثل "بيلاطس البنطي"، حتَّى وهو يدعم تلك المذبحة ذاتها إلى أقصى حدّ.

يجب تكرار أنَّ الولايات المتَّحدة مسؤولة تماماً عن قتل كلّ هؤلاء المدنيّين في غزَّة الآن مثل "إسرائيل" بالكامل. ولن ندع (إدارة السَّرد) في الإمبراطوريَّة الأميركيَّة تخبرنا بشيء آخر.

نقلها إلى العربية: حسين قطايا

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.