"Responsible Statecraft": هاريس وغزة.. كلام كثير بلا فعل

خطابات كامالا هاريس لا ترقى إلى مستوى الأفعال، ولم تكن مقنعة للديمقراطيين الذين يريدون أن يروا بالفعل نهاية للعدوان على الفلسطينيين، أو على الأقلّ توقّف بلادهم عن المساهمة في مذبحة غزّة.

0:00
  • خطاب كامالا هاريس في المؤتمر الوطني الديمقراطي
    خطاب كامالا هاريس في المؤتمر الوطني الديمقراطي

مجلة "Responsible Statecraft" الأميركية تنشر مقالاً للكاتب جيمس كاردين، يتحدث فيه عن موقف المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس بشأن الحرب على غزّة.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:

إنّ احتجاجات الآلاف من المتظاهرين الأميركيين الرافضين للعدوان الإسرائيلي على غزّة، والذين تجمّعوا في شيكاغو أمام مركز مؤتمر "الحزب الديمقراطي"، تطرح سؤالاً حاسماً على المرشّحة الرئاسية كامالا هاريس ونائبها تيم والتز: هل بإمكانهما سدّ الفجوة المُتّسعة التي تقسّم الشارع الأميركي والمؤسّسة السياسية حول قضية الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين؟ على الأرجح أنهما لا يستطيعان.

في خطابها الاستعراضي خلال المؤتمر الذي قبلت فيه رسمياً ترشيح حزبها، كانت هاريس مُؤيدّة تماماً لإنهاء العدوان على غزّة، لكنّها ردّدت المعزوفة الأميركية الغربية بحقّ "إسرائيل" بالدفاع عن النفس، وقالت: "أعمل مع الرئيس بايدن على مدار الساعة، لأنّ الوقت حان للتوصّل إلى اتّفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، لكنّنِي سأدافع دائماً عن حقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وسأضمن لها القدرة على ذلك".

ولم تنس هاريس "واجبها" في إدانة المقاومة وحركة "حماس"، ثمّ اعترفت بشكل غير مباشر بحجم التوحّش الإسرائيلي بحقّ المدنيين الفلسطينيين، قائلةً: "في الوقت ذاته، ما حدث في غزّة على مدى الأشهر الـ10 الماضية أزهق الكثير من الأرواح البريئة، وخلّف المآسي والجوعى الفارّين بحثاً عن الأمان، وجعل حجم المعاناة مفجعاً. الرئيس بايدن وأنا نعمل على أن تنتهي هذه الحرب، بحيث تكون إسرائيل آمنة، وأن يطلق سراح الرهائن، وتنتهي المعاناة في غزّة، ويتمكّن الشعب الفلسطيني من تحقيق حقّه في الكرامة والأمن والحرّية وتقرير المصير".

ولكنّ هذه الخطابات لا ترقى إلى مستوى الأفعال، ولم تكن الكلمات القليلة التي صدرت حول هذا الموضوع في المؤتمر المذكور مقنعة للديمقراطيين الذين يريدون أن يروا بالفعل نهاية للعدوان على الفلسطينيين، أو على الأقلّ توقّف بلادهم عن المساهمة في مذبحة غزّة.

لقد كان السيناتور بيرني ساندرز التقدّمي الوحيد على مسرح المؤتمر الديمقراطي، الذي أعطى هذه القضيّة الاهتمام الذي اعتقد المتظاهرون أنّها تستحقّه، رغم أنّه لم يذهب بعيداً للدعوة إلى حظر السلاح الأميركي عن "إسرائيل". وفي الأسبوع الفائت، صرّحت النائبة الديمقراطية عن ولاية نيويورك ألكساندريا أوكاسيو جملة قصيرة عن هاريس: "تعمل بلا كلل لتأمين وقف إطلاق النار في غزّة وإعادة الرهائن إلى ديارهم"، وسرعان ما وُبّخت على ذلك، حتّى من أعضاء حزبها، إذ إنّ "العمل بلا كلل من أجل وقف إطلاق النار ليس صحيحاً في الحقيقة، ويجب أن يخجلوا من أنفسهم"، بحسب الوصف الاتّهامي لِلنائبة عن ولاية مينيسوتا إلهان عمر لمساعي إدارة بايدن هاريس في غزّة.

يُشير الكاتب والناشط المناهض للحرب نورمان سولومون إلى أنّ هاريس "التزمت بخطّ دعم العدوان الإسرائيلي الذي اتّبعه الرئيس بايدن، مع أنّها أعربت في بعض الأحيان عن تعاطفها مع الضحايا المدنيين في غزّة، لكنّ كلماتها راوحت في الفراغ، ولم يترجم تعاطفها إلى معارضة إرسال السلاح والذخائر لجيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يواصل حتّى الآن في ذبح المدنيين الفلسطينيين".

وعلى الرغم من أنّ المحتجّين على جرائم "إسرائيل" بذلوا قصارى جهودهم كي يثبّتوا حُضورهم وإيصال صوتهم، لكنّهم منعوا من التحدّث باسم فلسطين على المنصّة الرسمية للمؤتمر. وبحسب صحيفة "واشنطن بوست"، فإنّ العديد من القادة الديمقراطيين "تخوّفوا من منح كلمة رسمية لفلسطين في المؤتمر لئلا تؤثّر في الوحدة الاستعراضية للديمقراطيين التي كانت تنقل بشكل حيّ على شاشات التلفزة".

كلّ ذلك، ومنصّةُ مؤتمر الحزب الديمقراطي كانت تصدح بالتزام أميركا "الصارم" تجاه الدولة الصهيونية، حتّى إنّ ترشيح هاريس/والز سوّق على أساس التزامهما بـ"أمن إسرائيل، وتفوّقها العسكري النوعي، وحقّها في الدفاع عن نفسها".

مع ذلك، عقدت النائبتان إلهان عمر وكوري بوش مؤتمراً صحافياً، بحضور اثنين من الأعضاء الأبطال في منظّمة أطبّاء بلا حدود الذين شهدوا على نحو مباشر التوحّش الإسرائيلي في غزّة، وأعلوا صوتهم خارج مركز المؤتمر الذي لا يحتمل الديمقراطية على منصّته.

قالت إحدى المُحتجّات من "أصوات اليهود من أجل السلام"، والتي جاءت من نيويورك إلى شيكاغو: "من المستحيل من وجهة نظري أن تكون إدارة بايدن قد فعلت كلّ ما في وسعها لإنهاء الحرب على غزّةَ، وهي في الوقت ذاته ترسل المليارات من الأموال والأسلحة الأميركية إلى إسرائيل بشكل متواصل، فهل أنا متفائلة بأنّ احتجاجنا سيصل إلى أهدافه؟ لا، لست كذلك، لكن الصمت عما يحدث في غزّة تواطؤ في الجريمة".

يصف ضُيوف قناة "فوكس نيوز" المتظاهرين والمحتجّين بالإرهابيين والمتعاطفين مع حركة حماس، وبأنّ موقفهم وحراكهم شعبويّ ومتطرّف، مع أنّ استطلاعات الرأي، وآخرها الذي أجرته شبكة "سي بي إس نيوز"، يفيد أنّ 61% من الأميركيين يعارضون إرسال "أسلحة وإمدادات إلى إسرائيل".

وردّاً على الاتهام الذي وجّهَته الشهر الماضي مديرة الاستخبارات الوطنية، أفريل هينز، بأنّ إيران تشجّع الاحتجاجات، قال منظّم نقابي من شيكاغو: "كلامك ليس غريباً عنك وأنت رائدة ضربات الطائرات من دون طيّار، وتتحدّثِين الآن ضدّ المتظاهرين الذين يطالبون بوضع حدّ لذبح المدنيين الفلسطينيين الأبرياء".

وقالت آن، وهي عضو آخر في أصوات يهودية من أجل السلام، إنّ "حجّة هاريس أمام التيّار المناهض للحرب في الحزب الديمقراطي في أنّها تخيّرهم: "إمّا أنا وإما دونالد ترامب"، هي حجّة واهية ومتعمّدة وتستخدمها لغرس الخوف وعدم اليقين، ولجعل التقدميين والأشخاص ذوي الضمير يشعرون بالسوء لأنّهم سيشعرون بأنّهم منحوا ترامب فرصة للفوز".

الانقسام بين الديمقراطيين في مؤتمرهم في شيكاغو قد غطّي بالتورية والتأجيل إلى ما بعد "الفوز" بالانتخابات، وهو يمنح الوقت الكافي لدولة الاحتلال الإسرائيلي لاستكمال الإبادة الجماعية بحقّ الفلسطينيين في غزّة.

نقله إلى العربية: حسين قطايا

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.