"World Socialist": بايدن يعلن دعمه الكامل لإبادة غزة

استهدفت "إسرائيل" بدقَّة قسماً من مجمَّع المستشفى الأهليّ حيث يتمركز معظم النَّاس في منطقة غير محميَّة، واستخدمت صاروخاً ينفجر في الجوّ لإلحاق أقصى الأضَّرار بالأهداف "السَّهلة"، مثل الرّجال والنساء والأطفال.

  • "World Socialist": بايدن يعلن دعمه الكامل لإبادة غزة

تحدث موقع "World Socialist" في تقرير كتبه أندرية دامون، عن الدعم الأميركي للمجازر الإسرائيلية، ومباركة رئيس الولايات المتحدة الأميركية جو بايدن لما تقوم به "إسرائيل" من اعتداءات بحق المدنيين الفلسطينيين في غزة.

فيما يلي النص منقولاً إلى العربية:

بعد يوم واحد من ذبح "إسرائيل" لما يقرب من 500 رجل وامرأة وطفل لجئوا إلى مستشفى في غزَّة، سافر الرَّئيس الأميركي جو بايدن إلى "تلّ أبيب"، واحتضن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وألقى كلمة محمومة مؤيّدة الجرائم الإسرائيليَّة ومشجّعة على المزيد منها. فالهدف من الزّيارة لم يكن فقط لتكريس دعمه للإبادة الجماعيَّة التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيّين بشكل لا لبس فيه فحسب، بل لإطلاق تصعيد هائل للعمليَّات العسكريَّة الأميركيَّة في جميع أنحاء المنطقة من المتوسّط إلى غرب آسيا، في الوقت الذي يحشد فيه الجيش الأميركيّ سفناً حربية وطائرات وجنوداً في تهديد علنيّ لإيران.

ووسط الاحتجاجات الجماهيريَّة في جميع أنحاء المنطَّقة والعالم التي تعارض الإبادة الجماعيَّة التي تمارسها "إسرائيل" ضد الفلسطينيّين، اختار بايدن أن يلقي أكثر التَّصريحات استفزازيَّة وتحريضيَّة ضد الفلسطينيّين، وقارنهم بـ"داعش" ووصف مقاومتهم الاحتلال الظَّالم ب "الشّريرة".

تبنَّى بايدن في كلمته سرديَّة "إسرائيل" الَّتي "تعاني من الفظائع الفلسطينيَّة" المزعومة، وأشاد بالحكومة الإسرائيليَّة، وأغدق عليها المساعدات العسكريَّة والماليَّة، ولم يذكر الفلسطينيّين إلا لإلقاء اللَّوم عليهم ل"ذبحهم" من قبل الإسرائيلييّن، ربَّما.

بدأ بايدن خطابه بالإعلان: "جئت إلى إسرائيل برسالة واحدة: لستم وحدكم، ما دامت الولايات المتَّحدة موجودة، سنقف إلى جانبكم". لم يكترث لقتل إسرائيل نحو 4000 فلسطينيّ بريء معظمهم من الأطفال والنّساء، عائلات بأكملها قضت، ولم تسلّم المرافق الصحيَّة تعرضت لأكثر من 150 هجوماً حتى السَّاعة وهي مهدَّدة بالانهيار، حيث ينفد الغذاء والوقود والماء بشكل كامل.

ولم يدن بايدن أيّاً من مئات الهجمات الإسرائيليَّة الَّتي تستهدف المدنيَّين والمستشفيات والبنيَّة التحتيَّة الحيويَّة. ولم يدع إلى وقف إطلاق النَّار، ولم يدع إلى وقف التَّصعيد، وقد تعمَّد بخطابه أنّ يظهر الإبادة الجماعيَّة الإسرائيليّة بحق الفلسطينيّين تجري بدعم من الولايات المتَّحدة وبناء على طلبها، مما يجعل بايدن مسؤولا تماما عن جرائم الحرب التي ترتكبها حكومة نتنياهو.

ومباشرة بعد الرّحلة، ذكرت صحيفة "تايمز أوف لندن" أنَّ بايدن، أعطى نتنياهو على انفراد الضَّوء الأخضر لغزو غزَّة.

وألقى بايدن باللَّوم على الفلسطينيّين في موتهم، متَّهما حركة "حماس" باستخدام النساء والأطفال كـ"دروع بشريَّة"، وادَّعى بشكل سخيف أنّ الفلسطينيّين فجَّروا شعبهم في المستشفى الأهليّ.

وقال: "تستخدم حماس العائلات البريئة في غزة كدروع بشرية، وتضع مراكز قيادتها وأسلحتها وأنفاق اتصالاتها في المناطق السكنيَّة".

وفي وقت مبكر، أعلن بايدن بحضور نتنياهو أنّ "الفريق الآخر" نفَّذ المجزرة: "بناء على المعلومات التي رأيناها حتَّى الآن، يبدو أنَّها نتيجة صاروخ خاطئ أطلقته جماعة إرهابيَّة في غزَّة."

هذا الادّعاء السَّخيف من قبل الحكومتين الأميركيَّة والإسرائيليَّة قد رفض بازدراء في جميع أنحاء العالم. ونشر الجيش الإسرائيليّ تسجيلاً صوتيَّاً ادَّعى أنَّه يثبت أنَّ المستشفى أصيب بصاروخ أطلقته المقاومة الفلسطينيَّة. ويزعم في   المحادثة بين اثنين من أعضاء حركة حماس، يناقشان فشل إطلاق "الصَّاروخ" من المقبرة خلف الكنيسة والمستشفى مباشرة. 

لم تبذل تلّ أبيبب أو واشنطن أيَّ محاولة لتفسيرالتناقضات الّتي تتخم روايتهما عن جريمة الحرّب الَّتي ارتكباها في المستشفى الأهليّ. في حين أظهرت مقاطع الفيديو، أنَّ الانفجار وقع فوق المشفى وضغت موجات شديدة من الهواء، مما أدى إلى انهيار أسطح المباني تحته وتسبب في أضرار على مئات الأقدام  دون حدوث حفرة ارتطام. 

هذا النَّوع من القنابل متوفّر عند الولايات المتَّحدة، وهي قدّمته إلى "إسرائيل" التي نفذَّت المجزرة، ولا يمكن للمقذوفات التي تمتلكها  المقاومة في غزَّة أن تحدَّث هذا القدرمن الخراب والتَّدمير.

استهدفت "إسرائيل" بدقَّة قسماً من مجمَّع المستشفى الأهليّ حيث يتمركز معظم النَّاس في منطقة غير محميَّة، واستخدام صاروخ ينفجر في الجوّ لإلحاق أقصى الأضَّرار بالأهداف "السَّهلة"، مثل الرّجال والنساء والأطفال الذين يلتمسون اللجوء في فناء المستشفى. بعبارة أخرى، هو عمل متعمد من أعمال القتل الجماعيّ.

في سياق خطابه، أدلى بايدن ببيان كاشف للغاية، قال فيه: "ولدت دولة إسرائيل لتكون مكانا آمنا للشَّعب اليهوديّ في العالم. لهذا السَّبب ولَّدت. لقد قلت منذ فترة طويلة: لو لم تكن إسرائيل موجودة، لكان علينا أن نخترعها"

في عام 1986 ، استخدم بايدن نفس الكلمات في خطاب ألقاه في مجلس الشيوخ الأميركيّ، باستثناء أنَّه في ذلك الوقت كان أقل حذراً: "إنه أفضل استثمار بقيمة 3 مليارات دولار نقوم به. لو لم تكن هناك إسرائيل، لكان على الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة أن تخترع إسرائيل لحماية مصالحها في المنطقة".

لا تبالي الولايات المتحدة حقيقة بمصير اليهود، ولا بخلق "مكان آمن للشَّعب اليهودي في العالم". وكان ولا يزال هدفها حماية المصالح الأمريكية في المنطقة، من خلال إنشاء دولة وظيفيَّة وأداة مسلَّحة ضارية للهيمنة ليس على فلسطين فحسب بل على كلّ المنطقة.

في ثلاثينيَّات وأربعينيَّات القرن الماضي، رفضت تأشيرات دخول لمئات الآلاف من العائلات اليهوديَّة الهاربة من الاضطهاد النازيّ إلى الولايات المتَّحدة. وفي الواقع، إنَّ تماهي سياسات بايدن مع تصرّفات حكومة بنيامين نتنياهو، يفهمها ويحتقرها الكثير من اليهود خارج إسرائيل والبعض في داخلها، ويعتبرونها تؤجّج الديماغوجيَّة المعادية للساميَّة.

من بين العناصر الأكثر شؤماً في خطاب بايدن ما ينذر به حول الفترة القادمة، حيث وصف توغُّل حماس في "إسرائيل" في 7 تشرين الأول/أكتوبر، بأنَّه مثل هجوم تنظيم "القاعدة" على الولايات المتَّحدة في 11 سبتمبر العام 2001. وأضاف:" لقد حقَّقت الولايات المتحدة العدالة آنذاك، وعلى إسرائيل أنّ تفعل ذلك".

تحريض أميركي واضح لدولة الاحتلال الإسرائيلي على ما يجب أن ترتكبه، أن تستخدم هجوم المقاومة الفلسطينيَّة كذريعة لاجتياح غزًّة وقتل سكَّانها، كما فعلت الولايات المتَّحدة في أفغانستان والعراق وليبيا وسوريا وقتلت الملايين من الأبرياء. 

 وشرع بايدن في تهديد إيران: "لقد نقلنا أصولا عسكريَّة أميركيَّة إلى المنطقة، بما في ذلك وضع مجموعة حاملة الطائرات "يو إس إس فورد" الضَّاربة في شرق البحرالأبيض المتوسط، مع "يو إس إس أيزنهاور" في الطريق  لردع المزيد من العدوان ضد إسرائيل ومنع هذا الَّصراع من الانتشار، ورسالتي إلى أي دولة أو أي جهة معادية تفكر في مهاجمة إسرائيل أن لا تفعل،لا تفعل".

مباشرة بعد مغادرة بايدن البلاد، شنَّت "إسرائيل" سلسلة من الغارات الجويَّة التي استهدفت سوريا ولبنان، وكلاهما حليفان لإيران. إسرائيل، التي تعتزم توسيع الحرب، تبذل كلّ ما في وسعها لإثارة رد عسكريّ من طهران. وستستخدم الولايات المتَّحدة أي ردّ من هذا القبيل لوضع خطط طويلة الأمد للحرب مع إيران موضع التَّنفيذ.

بينما كان بايدن في الجوّ، ذكرت وسائل الإعلام الأميركية أنه كان يخطط لاستخدام هجوم 7 أكتوبر على إسرائيل كمناسبة لدفع فاتورة إنفاق ضخمة بقيمة 100 مليار دولار من شأنها تمويل الحرب الأمريكيَّة في الشرق الأوسط ، وكذلك الحرب في أوكرانيا والحشد العسكريّ في المحيط الهادئ.

يجب النظر إلى الضَّوء الأخضر الذي أعطاه بايدن لإبادة جماعيَّة ضد الفلسطينيين من قبل "إسرائيل" في سياق الصّراع الأميركيّ مع روسيا والصّين. ترى الولايات المتَّحدة نفسها بشكل متزايد منخرطة في حرب تمتدُّ عبر العالم من أجل عدم تراجع هيمنتها .

إن التدفّق العالمي الهائل والرافض لمذبحة "إسرائيل" لغزَّة، يظهرالطَّريق لوقف خطط الحرب العالميَّة للإمبرياليَّة الأميركيَّة. ففي كلّ قارة، يتظاهر الآلاف من الناس معارضين جرائم الحرب الإسرائيليَّة، ويجب أن يكون المطلب الرَّئيسي هو محاسبة المسؤولين عن الضَّحايا في مجزرة المستشفى الأهلي وحرب الإبادة الجماعيَّة الإسرائيليَّة على غزَّة. 

يجب محاكمة بايدن ونتنياهو على انتهاكاتهما الصَّارخة. ويجب على الشَّعوب في جميع أنحاء العالم الدَّعوة إلى الاعتصامات والإضرابات العمَّالية لحرمان "إسرائيل" من جميع الموارد التي يمكن استخدامها في حربها. يجب على عمال الموانىء والمطارات وعمَّال النَّقل في جميع أنحاء العالم رفض التَّعامل مع أيّ أسلحة مرسلة إلى "إسرائيل". والوقف الفوريّ للقصف الإسرائيليّ لسكان غزَّة الأبرياء. وتسريح جميع القوَّات الإسرائيليَّة وانسحابها و إنهاء الحصار المفروض على غزة، ويجب توفير الغذاء والماء والكهرباء والرعاية الطبية وجميع الضروريات الأخرى على الفور.

على المحكمة الجنائيَّة الدوليَّة أن تبدأ إجراءات ضد نتنياهو وشولتس وبايدن وجميع الشخصيَّات البارزة في محور الولايات المتَّحدة وحلف شمال الأطلسي الَّذين يدعمون الإبادة الجماعيَّة الإسرائيليَّة ضد غزَّة.