دون أن يرف جفنه

بالنسبة لترامب، خطواته هي جزء من خطة في نهايتها لن يكون هناك جنود أميركيون في الشرق الأوسط. أمس غرّد "أعارض وجوداً أميركياً في الشرق الأوسط. لم يكن على الولايات المتحدة أبداً أن تكون في الشرق الأوسط".

العنوان كان على الجدار من اللحظة التي بدأ فيها الرئيس الأميركي اللعب على الملعب السياسي، بانعدام فهمٍ مطلق

نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية مقالاً تناول قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب سحب القوات الأميركية من سوريا، وعن عدم اهتمامه بالانتقادات الداخلية أو الخارجية أو بمصالح الحلفاء، وفيما يلي نص المقال:

الرئيس الأميركي ترامب مصمم على إخراج القوات الأميركية من الشرق الأوسط، الانتقادات الداخلية لا تهمّه، وحتى أقل منها الانتقادات في العالم، بل وأعلن: "لم يكن علينا أن نكون هناك"، في طريقه لإرضاء جمهور ناخبيه استعداداً لانتخابات 2020، الرئيس سيترك خلفه شُهباً من الحلفاء الخائبين، لا عجب أنهم في القدس يشاهدون بقلق.

لا ينبغي لأحد أن يكون متفاجئاً، لا من قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بسحب قواته من شمال – شرق سوريا، ولا من التداعيات الكارثية لهذا القرار. العنوان كان على الجدار من اللحظة التي بدأ فيها الرئيس الأميركي اللعب على الملعب السياسي، بانعدام فهمٍ مطلق.

إنه نفس ترامب الذي قال إن الاتفاق النووي مع إيران سيء، ثم تركه دون بديل فيما كان يوضح أنه إذا أرادت إسرائيل مهاجمة إيران فهذه مشكلتها، وهو انتهى مع حروبٍ كهذه. إنه نفس ترامب الذي وعد بالمجيء بـ"صفقة القرن" بين إسرائيل والفلسطينيين، مع اتفاقٍ نووي جديد، وفي الحالتين كأن وعوده كتبت على لوح ثلج.

والآن جاء قراره لمنح إردوغان مفاتيح ذبح الأكراد. عندما قالوا له إن التخلّي عن حلفاء هو بخلاف المصلحة الأميركية، قال إنه يفهم أكثر من الجميع وإن فهمه هائل ولا مثيل له. لذلك قرر العمل بخلاف موقف أجهزة الاستخبارات، بل وحتى بخلاف رأي غالبية نظرائه في الحزب الجمهوري.

عندما بدأ الهجوم التركي أمس، البيت الأبيض أصدر بياناً بإسم الرئيس قال فيه: "الولايات المتحدة لا تؤيد الهجوم وأوضحت لتركيا أن عملية كهذه هي فكرة سيئة". ثم أضاف: "تركيا تعهدت بحماية المدنيين والأقليات الدينية، بينها المسيحيين، وضمان ألا تكون هناك أزمة إنسانية، ونحن نتوقع منها الالتزام بتعهدها هذا". من يتذكر وعده بتخريب الإقتصاد التركي – الذي على ما يبدو لم يؤثّر كثيراً على إردوغان.

بالنسبة لترامب، خطواته هي جزء من خطة في نهايتها لن يكون هناك جنود أميركيون في الشرق الأوسط. أمس غرّد "أعارض وجوداً أميركياً في الشرق الأوسط. لم يكن على الولايات المتحدة أبداً أن تكون في الشرق الأوسط". وفي تغريدة أخرى أضاف "الحروب الغبية والتي لا تنتهي انتهت بالنسبة لنا".

على إسرائيل أن تنظر إلى كل هذا بقلق. قرار ترامب المتهور، بخلاف موقف المؤسسة الأمنية [الأميركية]، بالتخلّي عن حلفائه الأكراد، مُقلق: اليوم الأكراد، غداً نحن. فها أنهم قالوا أمس في محيطه أن الأكراد قاتلوا إلى جانب الأميركيين فقط لأنهم حصلوا على أموالٍ طائلة. من المثير للاهتمام كم سيمر من وقت حتى يتبنّى جزءاً كبيراً من ناخبيه هذا الكلام، عناصر الحركات العنصرية والإسلامية، الذين يزعمون أن إسرائيل تبتلع أموال دافعي الضرائب الأميركيين، ولا حاجة لهدر مليارات على حمايتها. فهل أن التخلّي عن إسرائيل ممكن؟ لا يجوز استبعاد هذا. فها أن الأمر يتعلق بزعيمٍ بريء من كل رؤية تاريخية وخالٍ من ذرة أخلاق.

في الولايات المتحدة أدركوا منذ زمن ما يفهمه العالم الآن، وخصوصاً الشرق الأوسط: الأصدقاء والحلفاء لا يعنون ترامب، فقط بقاءه السياسي في انتخابات 2020. إذا أرادت قاعدته السياسية، سوف يقطع الصلة بالشرق الأوسط كلياً دون أن يرف له جفن.