"إر إف إيه": لماذا أفريقيا الأقل تأثراً بفيروس "كورونا"؟

الدكتور السنغالي ماسمبا ساسوم ديو يتحدث عن تخوف المختصين من فيروسات أخطر من "كوفيد 19" مستقبلاً، ويقول إن الأمر الأكثر فعالية هو الوقاية لمنع حدوث العدوى، بدلاً من إدارة عواقب الإصابة والتفشي.

  • "إر إف إيه": لماذا أفريقيا الأقل تأثراً بفيروس "كورونا"؟
     في السنغال يتم استخدام جهاز لقياس الحرارة للمسافرين القادمين إليها واستجوابهم وأخذ معلومات كافية عنهم وعن رحلاتهم السابقة

تبقى القارة الافريقية عموما أقل تأثراً بفيروس "كورونا" المستجد مقارنة مع قارتي أوروبا وآسيا. وقد أجرت إذاعة فرنسا الدولية (إر إف إيه) حواراً مع الدكتور ماسمبا ساسوم ديو، وهو رئيس منظمة "أس أو أس" أطباء في دكار العاصمة السنغالية، يفسر هذا الوضع الإيجابي، ويتحدث عن تخوف المختصين من فيروسات أخطر من "كوفيد 19" مستقبلاً.  

بداية، ماهي النصائح العملية التي يمكن تقديمها للمستمعين؟

في البداية، من المهم أن لا يشعروا بالقلق، ولكن عندما يصاب أي شخص بأعراض الانفلونزا الكلاسيكية، مثل جفاف وألم في الحلق، والمصحوبة بحمى، وإذا سبق له وأن سافر إلى بلد ظهر فيه فيروس كورونا، أو تواصل عن قرب بشخص كان قادماً من ذلك البلد، فعليه الاتصال فوراً بالأرقام المخصصة للطوارئ، سوف تطرح عليه أسئلة، فإذا كان هناك احتمال أن يكون مصاباً، سوف يقوم المختصون بإجراء التحليل له، لكن في كلتا الحالتين سواء كانت إيجابية أو سلبية، فعلى هذا الشخص أن يبقى منعزلاً في منزله.. يجب أن يعلم الناس أنه من النادر حدوث مضاعفات خطيرة في حال الإصابة بهذا الفيروس، إلا إذا كان الشخص مسنّا أو أن مناعته ضعيفة، فمن المرجح أن تسوء حالته الصحية للأسف. 

لماذا تفشى فيروس كورونا أكثر من الانفلونزا العادية؟ 

في الواقع، فإن ما نخشاه مستقبلاً، هو ظهور فيروس أخطر بكثير من كورونا على المستوى السريري "الإكلينيكي".. هذه الفيروسات متحولة وبالغة الخطورة وأكثر عدوى في نفس الوقت.  

لكن أليس هذا الحال مع فيروس كورونا؟!

لا على الإطلاق، لا علاقة لما نخشاه مستقبلاً بفيروس كورونا، هذا الفيروس ليس خبيث، إنه يؤثر على الأشخاص المسنين الذين لديهم تاريخ مرضي ويؤثر سلباً على صحتهم لأنه يسبب مشاكل تنفسية. 

هل هناك علاج فعال للمرضى، لقد سمعنا الكثير من الشائعات بهذا الخصوص؟

سؤالك مهم، فالكثير من الناس يتحدثون عن "الكلوروكين" ويقولون إنه "الدواء المعجزة" الذي تم اكتشافه لمحاربة "كورونا"، ولكن يجب التوضيح أن عقار "الكلوروكين" بتركيز معين يسمم الدم داخل الجسم، ويجب التحذير  من تناوله. هذا الدواء يبقى لغاية اللحظة قيد الدراسة. من جهة أخرى فإنه يتم حالياً اختبار أنواع كثيرة من مضادات الفيروسات، ولا يمكننا القول إن كانت هذه الاختبارات ناجحة لأنها قيد الدراسة أيضاً، ولاختراع لقاح للفيروس سيستغرق الأمر على الأقل 18 شهراً اذا كنا محظوظين، لكن الفيروس سيكون قد انتهى قبل ذلك بكثير.

 لقد ألغت السلطات السنغالية الفعاليات العامة.. ما رأيك بهذا الإجراء؟

بطبيعة الحال، سوف يتجمع الكثير، وعلينا منع الانتقال السريع للعدوى، لأن ذلك سوف يدفع إلى انهيار المنظمة الصحية وخاصة أقسام الإنعاش. لكن في نفس الوقت، يجب عدم خلق حالة ذعر بين الناس، يجب علينا معرفة التجمعات الأكثر خطورة التي يمكن أن يتفشى فيها الفيروس ومنع حدوثها.  

الفكرة تكمن في عدم تفشي الوباء دفعة واحدة؟!

تماماً، في الحقيقة حتى لو أدركنا أن الفيروس ليس خطيراً بالنسبة لجميع الناس، فإن النظام الصحي وخاصة أقسام الإنعاش ستنهار، كما سبق وذكرت، إذا تفشى الفيروس.. سيؤدي ذلك حتماً إلى وقوع وفيات كثيرة من دون أن ننسى احتمال إصابة العاملين في المجال الصحي أنفسهم بالفيروس، والذين سيضطرون للتوقف عن العمل، ولهذا يجب علينا أن نعمل كل ما بوسعنا لمنع ذلك. 

في السنغال، الأشخاص المصابون بفيروس كورونا، هم رعايا أوروبيون، تنقلوا مؤخراً بين أوروبا وأفريقيا، هل يجب تخصيص مراكز خاصة للمسافرين القادمين إلى إفريقيا من أوروبا وآسيا؟

 في السنغال وعلى غرار كل الدول، يتم استخدام جهاز لقياس الحرارة للمسافرين القادمين إليها واستجوابهم وأخذ معلومات كافية عنهم وعن رحلاتهم السابقة، ويتم عزلهم للكشف المبكر عن الفيروس وضمان عدم تفشيه. 

أفريقيا أقل قارة تأثراً بفيروس كورونا إضافة إلى أميركا الجنوبية، هل لهذا الأمر تفسير علمي؟ 

الأرجح كلما ابتعدنا عن بؤرة الوباء، تأخر في الوصول إلينا، والسبب هو طبيعة الاتصالات بين آسيا وأوروبا التي هي أكبر مما هي عليه مع أفريقيا، وهو ما أدى إلى تأخر الإصابة وانتشار العدوى، هناك انتقال تدريجي للعدوى من آسيا إلى أوروبا ثم أميركا وأفريقيا، ويجب الإشارة إلى أنه سيكون هناك صعوبة في تشخيص الحالات بسبب  بطئ  نظام الإعلان عن الحالات في بلدان الجنوب مقارنة مع دول الشمال.

لكن نظام الكشف جيد في السنغال أليس كذلك؟

يجب الاعتراف أنه كذلك، فلقد كنت متفاجأً عندما رأيت الإجراءات الاحترازية والامكانيات التي وفرتها وزارة الصحة السنغالية، لذا يمكن التأكيد أن نظام الفحص جيد.

هل يوجد في أفريقيا بلدان ترتكب أخطاء في الكشف عن الوباء بسبب الطرق البدائية؟َ! 

نعم بطبيعة الحال، هناك اختلاف بين الدول الأفريقية في مستوى النظام الصحي وطرق الكشف عن الأوبئة، كما هو الأمر بالنسبة للولايات المتحدة وفرنسا أو بريطانيا. هناك حتماً اختلافات في المستوى بين الدول. 

ألهذا السبب تسعى الدول الأفريقية لعرقلة وصول الفيروس إليها؟ 

الأمر الأكثر فعالية هو الوقاية لمنع حدوث العدوى، بدلاً من إدارة عواقب الإصابة والتفشي.

ترجمة: سلوى ونوس

أعلنت منظمة الصحة العالمية في 31 كانون الأول/ديسمبر 2019 تسجيل إصابات بمرض الالتهاب الرئوي (كورونا) في مدينة ووهان الصينية، ولاحقاً بدأ الفيروس باجتياح البلاد مع تسجيل حالات عدة في دول أخرى حول العالم.