"نيويورك تايمز": الحزب الجمهوري يعتدي على الديمقراطية
الجمهوريون قد قرروا رفض قبول حقيقة أنهم قد يخسرون الانتخابات وقد عملوا بلا كلل لجعل التصويت أكثر صعوبة لسنوات عديدة، وخاصة هذا العام لمعرفتهم أنه إذا صوت الديمقراطيون بكثرة سيخسرون.
كتب جيسي ويغمان، عضو هيئة تحرير صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية مقالة رأي في الصحيفة اعتبر فيها أن "بقاءنا كأمة يعتمد، قبل كل شيء، على قبول الخاسر لنتائج الانتخابات" الرئاسية الأخيرة.
وقال إنه اتضح أنه كان هناك هجوم منسق على انتخابات 2020 بعد كل شيء. بدأ منذ سنوات عدة وتسارع في الأشهر العديدة الماضية. الآن وقد انقضى يوم الانتخابات، فقد انطلق الهجوم في مرحلة مضاعفة. إن أسلحته عبارة عن تلميح لا أساس له واتهامات خالية من الأدلة، يتم نشرها فقط لنشر الفوضى وتقويض نتائج انتخابات حرة ونزيهة - انتخابات أنتجت فائزاً واضحاً وخاسراً أوضح.
وأضاف: لكن أخطر مهاجمي الديمقراطية الأميركية ليسوا الروس أو الصينيين، بل هم قادة الحزب الجمهوري. ففي مواجهة الانتصار الوطني الكبير الذي حققه الرئيس المنتخب جو بايدن - ليس فقط فوزاً بالهيئة الانتخابية ولكن بهامش تصويت شعبي يقترب من خمسة ملايين - يتصرف الرئيس دونالد ترامب وكبار الجمهوريين مثل الأطفال المدللين الذين يرفضون التخلي عن ألعابهم.
فقد قال ميتش ماكونيل، زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، "يتمتع الرئيس ترامب بحقوقه بنسبة 100 في المئة للنظر في مزاعم المخالفات وتقييم خياراته القانونية"، حتى أثناء احتفاله بالفوز الجمهوري ببعض مقاعد مجلس النواب. على ما يبدو، فإن بطاقات الاقتراع نفسها التي قد تكون مزورة على المستوى الرئاسي جيدة على بعد بضعة أسطر أبعد، حيث يفوز الجمهوريون بالمزيد منها.
المدعي العام بيل بار، الذي كرر أكاذيب الرئيس بأن الاقتراع الغيابي كان مصدر تزوير واسع النطاق للناخبين، أذن لوزارة العدل بالنظر في "مزاعم جوهرية" بشأن مخالفات التصويت. ورداً على ذلك، استقال مسؤول الدائرة الذي يشرف على التحقيقات في تزوير الناخبين.
وقال الكاتب إن العفن يسود الإدارة الأميركية. فلم تعترف رئيسة إدارة الخدمات العامة المعينة من قبل ترامب، إميلي دبليو مورفي، بالسيد بايدن على أنه الفائز في الانتخابات والرئيس المنتخب، مما منعه من الوصول إلى ملايين الدولارات من الأموال وأدوات الأمن القومي والموارد الأساسية الأخرى لبدء المهمة الطويلة والمعقدة للانتقال الرئاسي.
لقد اعترفت هيلاري كلينتون بانتخابات عام 2016 بعد أقل من 24 ساعة من إغلاق صناديق الاقتراع، على الرغم من أن السيد ترامب بالكاد حقق انتصارات في ثلاث ولايات متأرجحة حاسمة وكان متأخراً بشكل سيئ في التصويت الشعبي. وكذلك فعل كبار الديمقراطيين الآخرين، بمن في ذلك الرئيس باراك أوباما، الذي اتصل بالسيد ترامب قبل شروق الشمس لتهنئته و"دعوته للحضور إلى البيت الأبيض غداً للحديث عن التأكد من وجود انتقال ناجح بين رئاستينا".
هذا ما تفعله عندما تخسر الانتخابات.. مر الآن أسبوع كامل بعد يوم الانتخابات 2020. لقد فاز جو بايدن في الهيئة الانتخابية بهامش، إذا ثبتت النتائج الحالية، فسيكون مطابقاً لدونالد ترامب في عام 2016. عند اكتمال الفرز، يمكن لهامش التصويت الشعبي أن تكون ضعف حجم هامش هيلاري كلينتون.
ومع ذلك، مع استثناءات قليلة مؤلمة، فإن الجمهوريين صامتون. لا تهاني للسيد بايدن ونائبة الرئيس المنتخبين كامالا هاريس. لا تنازلات. لا يوجد اعتراف بأن أي عالم موجود بخلاف عالمهم الخيالي الذي لا يحق إلا للجمهوريين الحكم فيه. وبدلاً من ذلك، نسمع أصواتاً لا تنتهي حول "مخالفات في التصويت" أو "احتيال" أو أي تعبير ملطف اتفق عليه الجمهوريون هذا العام لوصف السود والسمر الذين يصوتون بأعداد كبيرة.
بالمناسبة، بالنسبة لحزب يدعي أنه يهتم كثيراً بنزاهة الانتخابات، لدى الجمهوريين طريقة غريبة في إظهار ذلك. حاول الديمقراطيون تمرير إجراءات متعددة لتعزيز أمن الانتخابات في السنوات الأخيرة، بعضها بدعم من الحزبين. يواصل ميتش ماكونيل منعهم، أو يبخل في التمويل.
بالطبع يجب تسليط الضوء على أي مخالفات انتخابية، إن وجدت. لكن ما قدمه الجمهوريون بدلاً من ذلك هو مزيج من المزاعم التي لم يتم التحقق منها والادعاءات الزائفة الصريحة التي تتسابق حول وسائل التواصل الاجتماعي، ورفع دعاوى قضائية يمكن أن تخضع للعقوبات في ظل الظروف العادية. وقال السناتور ليندسي غراهام من ساوث كارولينا: "انتخابات فيلادلفيا ملتوية مثل الأفعى"، من دون تقديم أي دليل. الجيل الجديد من القادة الجمهوريين يبشرون ويتحدثون عن كيفية حساب الأصوات "القانونية" فقط، كما لو أنهم اكتشفوا بعض الأسرار المفقودة منذ فترة طويلة وليس حقيقة دنيوية حول جميع الانتخابات.
الحقيقة هي أن الجمهوريين قد كلفوا أنفسهم برفض قبول حقيقة أنهم قد يخسرون على الرغم من، أو على وجه التحديد بسبب جميع المزايا الهيكلية المضمنة التي يتمتعون بها حالياً، مثل مجلس الشيوخ والهيئة الانتخابية.
عند الحديث عن هذه المزايا، هل تسمع أي ديمقراطي يقول إن مجلس الشيوخ "سُرق"، على الرغم من أن أقلية تمثل باستمرار ملايين الأميركيين أكثر من أغلبية الجمهوريين؟ وبدلاً من ذلك، بعد ليلة انتخابات مخيبة للآمال، اجتمعوا مرة أخرى وقالوا: علينا أن نخرج للتصويت ونفوز في جولتي الإعادة في جورجيا. هذا ما تفعله في الديمقراطية.
بالتأكيد، فإن الديمقراطيين غاضبون من السيد ترامب ومعارضين لرئاسته - ليس فقط لأنه خسر التصويت الشعبي كثيراً، ولكن لأنه كان ولا يزال غير لائق بشكل واضح لتولي المنصب، كما اعتاد العديد من الجمهوريين الكبار أن يقولوا بأنفسهم.
أحد الإجراءات التي لا حصر لها لضعف السيد ترامب هو استعداده لقبول أو حتى التماس التدخل الأجنبي للفوز. لهذا السبب، إذا كان هناك أي غش في انتخابات 2020، فقد ارتكبها الرئيس نفسه، عندما حاول ابتزاز دولة أجنبية للتخلص من السيد بايدن وابنه هانتر. بسبب هذه الجريمة الكبيرة، اتهمه مجلس النواب.
لكن الصورة الأكبر هنا هي نزول الحزب الجمهوري على مدى عقد من الزمان والذي يفضل الآن نظريات المؤامرة على الحقائق والتفكير السحري على العلم ونزع الشرعية عن خصومه السياسيين على الحكم الموضوعي والمسؤول. مجرد أمثلة قليلة حديثة: الافتراءات العنصرية التي قادها السيد ترامب ضد السيد باراك أوباما؛ المعارضة الانعكاسية لكل شيء حاول أوباما القيام به، حتى قبل توليه منصبه؛ الرفض الشامل لتعيينه لقضاة اتحاديين، والذي بلغ ذروته في سرقة منصب شاغر في المحكمة العليا نشأ قبل ما يقرب من عام من تركه لمنصبه؛ وأخيراً، فإن تعيين مرشح المحكمة العليا للسيد ترامب قبل أيام فقط من انتخابات قد خسرها بشكل عادل ومتساو.
لقد عمل الجمهوريون بلا كلل لجعل التصويت أكثر صعوبة لسنوات عديدة، وخاصة هذا العام. كانوا يعلمون أن السيد ترامب لم يكن يحظى بشعبية وأن السيد بايدن سيفوز على الأرجح إذا صوت المزيد من الناس. عندما فشل قمع الناخبين، كان لديهم خياران فقط: قبول مصيرهم كما يفعل الأشخاص الجادون والمسؤولون، أو الادعاء بأن أي خسارة تكبدوها كانت نتيجة الاحتيال.
مرة أخرى اختاروا الباب الثاني. هذه هي مشكلة الشعور بالارتياح مع امتيازات حكم الأقلية، كما فعل الجمهوريون على مدى العقود العديدة الماضية. لا يمكنك فقط تجاهل ما يريده معظم الأميركيين. هذا لأنك تعتقد حقاً أنه لا توجد طريقة يمكن لخصمك الفوز بها - ناهيك عن الأغلبية المطلقة – من دون خداع.
هذا الموقف قاتل للديمقراطية، التي يعتمد بقاؤها، قبل كل شيء، على قبول الخاسر للنتائج. الديموقراطيون، مع معظم العالم، يفهمون هذا. طرف واحد هو المسؤول عن جر الأمة إلى هذا المكان الخطير.
ترجمة: الميادين نت