الجزائر: حرب الخلافة فتحت
"حرب الخلافة فتحت" هو العنوان الذي اختارته صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية في قراءتها لإقالة رئيس الوزراء الجزائري عبد المجيد تبون وتعيين أحمد أويحي مكانه حيث ربطت الأمر بصراع الأجنحة تمهيداً لخلافة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مع تدهور صحته مشيرة إلى أن شقيق الرئيس ومستشاره الخاص هو الذي يقف وراء قرار الإقالة.
استندت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية إلى مجموعة من المصادر والتحليلات
لتخلص إلى أن قرار إقالة رئيس الوزراء الجزائري عبد المجيد تبون من منصبه كان
بمثابة "زلزال سياسي" بالنسبة لقسم كبير من الطبقة السياسية والمؤسسة
وحتى الرأي العام في البلاد. بداية لأنه لم يمض على وجود الرجل في منصبه سوى ثلاثة
أشهر منذ تعيينه غداة الانتخابات التشريعية، مشيرة إلى أنه "جرت العادة أن
تتخذ القرارات العليا وسط تعتيم كامل لكن جرى تفسير هذا التحول بأنه مرتبط بحصول
المزيد من التدهور في صحة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة". وقالت الصحيفة
"إن الذي يقف وراء هذا القرار شخصيات محيطة بالرئيس الجزائري وتحديداً شقيقه
ومستشاره الخاص سعيد بوتفليقة الذي أصرّ عليه منذ أسابيع لإقالة تبون لمساس الأخير
بالمصالح المباشرة للدائرة الرئاسية".
"لوفيغارو" توقفت عند جانب آخر تسبب بالصدمة وهو أن أحمد أويحي الذي حلّ
مكان تبون بعكسه تماماً حيث يعدّ أحد رجال النظام الأقوياء الأقل شعبية. وفي هذا
السياق نقلت عن أحد مستشاري الرئاسة أن الرئيس بوتفليقة نفسه لا يحبه وهو يدرك أنه
رجل طموح يريد الترشح لانتخابات 2019. لكنها قالت "بالرغم من انعدام الثقة إن
لم نقل العداء الكامن بين الرجلين، فإن أويحي سيقبل بخدمة الدائرة الرئاسية حتى
النهاية".
وتابعت الصحيفة الفرنسية أن الصدمة مرتبطة أيضاً بالرسالة التي بعثت بها الرئاسة
من خلال استبعاد شخصية هاجمت منذ وصولها أوساط رجال الأعمال المتهمين بالاستفادة
من قربهم من السلطة لزيادة ثرواتهم من خزينة الدولة.
فقد قام تبون خلال ترؤسه الحكومة بتجميد مئات ملايين الدولارات الممنوحة من
الحكومة لعلي حداد رئيس رابطة أرباب العمل الأكثر تأثيراً، وأحد أبرز الداعمين
لولاية بوتفليقة الرابعة. كذلك فإن تبون اتهم شركات تصنيع السيارات التي تعدّ من
أكبر القطاعات، بالتهرب الضريبي والاستيراد المقنّع للسيارات. والأهم من ذلك كلّه
أنه شكّل لجنة تحقيق حول جميع العقود الممنوحة من قبل الحكومة السابقة برئاسة عبد
الملك سلال، والتي استفاد منها بشكل رئيسي لوبي رجال الأعمال مثل حداد.
وقال عضو في إحدى مديريات الأجهزة الأمنية التي ينسق عملها مستشار في رئاسة
الجمهورية (بعد حلّ جهاز الاستخبارات المعروف بدائرة الاستعلام والأمن) "يجب
منع استخدام السلطة لمصلحة قوى المال التي تريد أن تؤثر على عملية الخلافة في 2019
على الفور" مضيفاً "أن علي حداد أراد أن يصبح هو السلطة لكن هناك خطوط
حمراء لا يمكن تجاوزها".
ويرى محللون أن ميزان القوى يعود إلى صراع الأجنحة بين الرئاسة
و"الأمنيين" أو بين الجيش وجهاز الاستخبارات السابق، ونقلت الصحيفة عن
رشيد تلمساني أن "الحملة الرئاسية عام 2019 ستبيّن مصير هذا الصراع. إذا
انتهت اللعبة فهذا يعني أن سعيد بوتفليقة سيترشح وسينتهي الصراع لمصلحة الرئاسة..
وإذا ظلّت مفتوحة فإن الصراع سيستمر".
لوفيغارو" لفتت إلى أن شقيق الرئيس بدا في دائرة الضوء على نحو أكبر
حيث ظهر أخيراً خلال تظاهرة تأييد للكاتب رشيد بو جدرة وفي مراسم دفن رضا مالك أحد
المفاوضين على استقلال الجزائر عن فرنسا. وقال محللون للصحيفة إن اسم سعيد
بوتفليقة بات مطروحاً على الطاولة منذ فوز شقيقه بولاية رابعة متسائلة عمّا إذا
كان من قبيل الصدفة تعيينه أميناً عاماً لجبهة التحرير الوطني، الحزب الحاكم في
البلاد.
ونقلت "لوفيغارو" عما يتردد في أوساط الأجهزة الاستخباراتية بأن
"ميزة التوترات السياسية القائمة هي أنها تكشف طموحات العديد من اللاعبين
الرئيسيين مثل رجال الأعمال الذين يحومون حول السلطة وكل هؤلاء الذين مارسوا
ضغوطاً من أجل إبعاد رئيس الوزراء، بحيث بات الجميع يعرف الآن من هم أعداء
الدولة".