هل تغيّر الهجمات الإرهابية في طهران استراتيجية إيران تجاه داعش؟

شكلت الهجمات على البرلمان ومرقد آية الله الخميني بما يحملانه من رمزية ذات تأثير صدمة بالنسبة للإيرانيين. لكن إحدى نتائجها وفق محللين في طهران ستكون تهدئة النقاش الداخلي حول الجدوى من قتال داعش في العراق وسوريا.

الاعتداءات ستوحّد الإيرانيين خلف سياسة حكومتهم الخارجية
هاجم مسلحون وانتحاريون الأربعاء اثنين من أكثر الأماكن رمزية في الجمهورية الإسلامية في إيران، وقتلوا 12 شخصاً في طهران خلال اقتحامهم مبنى البرلمان ومرقد آية الله الخميني زعيم الثورة الإيرانية عام 1979.

داعش تبنى المسؤولية فيما كان هجوم الساعات الطويلة على البرلمان متواصلاً. نشر التنظيم فيديو لإحدى الضحايا على الأرض فيما كان رجل مسلح يطلق النار ويصرخ باللغة العربي "هل تعتقدون أننا سنرحل، نحن سنبقى إن شاء الله".   
بالرغم من دورها الرئيسي في دعم القوات المحلية لقتال داعش في العراق وسوريا، بدا أن لدى إيران مناعة تقريباً أمام حالة انعدام الأمن وهجمات داعش التي عصفت بالمنطقة من ليبيا إلى أفغانستان.         

لكن الصدمة التي أحدثتها الهجمات، الأولى من نوعها في الجمهورية الإسلامية منذ سنوات، أثارت التساؤلات حول إمكانية وكيفية تأثيرها على تعامل إيران مع التهديدات وحساباتها في مكافحة الإرهاب. 

الكثير سيعتمد على كيفية رؤية إيران للمسؤول عن هذه الهجمات، في ظل ربط العديد من الإيرانيين بينها وبين التصريحات الأخيرة المناهضة لإيران الصادرة عن خصمها الإقليمي السعودية التي يرونها الداعم الرئيسي لداعش.
كذلك فإن تساؤلات أخرى تطرح أيضاً حول كيفية تمكن هاتين المجموعتين من المهاجمين من تفادي جهاز مكافحة التجسس والأمن الداخلي اليقظ.     
التقارير أشارت إلى أن المسلحين الأربعة تنكروا بزي امرأة. وقيل إن امرأة كانت بين الانتحاريين اللذين هاجما مرقد الخميني وهي نجحت في تفجير نفسها. 

الالتفاف الشعبي

مسؤولو الأمن قالوا إنه جرى إلقاء القبض على مجموعة ثالثة قبل هجوم الأربعاء. يقول المحللون إن إحدى نتائج الهجمات ستكون الالتفاف الشعبي حول الحكومة في ردّة فعل تضع جانباً الجدل القائم منذ سنوات حول الإفراط في بذل الدم والمال الإيراني في ساحات القتال في العراق وسوريا. 

يقول المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في جامعة طهران حسن أحمديان "إن التأثير المباشر سيكون تعزيز التأييد الشعبي لسياسة مكافحة الإرهاب التي تعتمدها إيران في المنطقة" مضيفاً أن "الناس يشعرون الآن أكثر بالرابط الذي كانت الحكومة تتحدث عنه بحيث أنه إذا لم نقاتلهم هناك سنقاتلهم داخل إيران". ولفت إلى "إن إظهار هذه العلاقة بين سياسة إيران في العراق وسوريا والأمن القومي في الداخل لطالما كان أمراً مهماً وهو اليوم أكثر أهمية من السابق لكونه يمنح الحجج الإيرانية أرضية قوية تستند إليها.  
في بيان أعقب الهجوم بوقت قصير اتهم الحرس الثوري السعودية والولايات المتحدة بالتواطؤ نظراً لدعمهما الإرهابيين وقال "إن لن يسكت عن إراقة دماء الأبرياء".
ويأتي الهجوم في ظلّ الخلاف بين إيران ذات الغالبية الشيعية والمملكة العربية السعودية السنية.

قمة الرياض

منذ أسبوعين، استضاف الزعماء السعوديون ما بدا وكأنها قمة لمكافحة الإرهاب شارك فيها الرئيس ترامب وزعماء عشرات الدول الإسلامية السنية.
الحرس الثوري تحدث عن هذا الاجتماع بين ترامب وزعماء الدول الرجعية الذين يدعمون الإرهابيين، وأعلنوا أن تبني داعش يوضح أن لديهم يداً في الهجمات الوحشية.    
وزير الخارجية السعودي عادل الجبير نفي من برلين أي تورط لمتطرفين سعوديين.
كان لقمة الرياض هدفان رئيسيان: تمتين الجبهة العربية السنية ضدّ داعش وعزل إيران. مذاك والانقسامات تتسع في صفوف التحالف الذي تقوده السعودية، مع حملة قادتها الأخيرة هذا الاسبوع لقطع العلاقات مع مشيخة قطر الغنية بالنفط لدعمها إيران وزعم تمويلها الإرهاب. اتهامات تنفيها قطر.
قد يلجأ الرئيس الايراني المعتدل نسبياً حسن روحاني إلى الاستفادة الدبلوماسية من هذا الانقسام وهو الذي انتخب في 19 أيار/ مايو بناء على الانفتاح والحوار مع الغرب.
روحاني قال "إنه لا شك أن الأحداث الإرهابية في إيران ستزيد من إرادتها في الحملة ضدّ الإرهاب والتطرف والعنف في المنطقة". 

العمل مع الشركاء

بعد وقت قصير من هجمات طهران، سافر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى تركيا، حيث أصدر البرلمان على نحو سريع مشروع قانون يجيز للقوات التركية الانتشار في قطر لحماية العائلة الحاكمة. في سوريا لطالما كانت سياستا تركيا وإيران على طرفي نقيض مع دعم أنقرة لمتمردين مناهضين للأسد. لكن تركيا هي الأخرى كانت هدفاً للعديد من اعتداءات داعش وكلتاهما تعملان معاً على استكشاف الحلول الدبلوماسية للحرب السورية.
يقول محمد علي شعباني الكاتب في المونيتور "إن ردّ إيران سيكون محسوباً وبالتالي سيستغرق وقتاً" مشيراً إلى أنهم "لن يطلقوا في الوقت الراهن قنبلة على الرياض، هذا الأمر ليس ذكياً". وأضاف أن ما سنراه من ردّ إيراني سيكون من خلال بذل جهود للهجوم على  النفوذين الأميركي والسعودي في مناطق كالعراق وسوريا، ليس من خلال هجمات جسدية أو خطابية، بل من خلال العمل على نحو أقرب مع الشركاء، سواء الأتراك أو الروس".
يرجح شعباني أن تتضمن رسالة ظريف إلى تركيا العمل معاً لحلّ أزمة قطر، والتخلص من الفوضى مرة واحدة وإلى الأبد في سوريا، مضيفاً أن إيران ستغتنم الفرصة لتقول لتركيا "كلانا ضحايا المجموعة نفسها. ليس لدينا مصالح مشتركة فحسب بل إننا نتشارك التهديدات أيضاً".  
مثل هذه الدبلوماسية سيتردد صداها في أوساط الإيرانيين أكثر بعد هجوم الأربعاء وفق ما يقول المحللون، حتى وإن كانت ستعزز دعم جهود إيران العسكرية في الخارج.
يقول أحمديان "إن الناس لا يزالون تحت وقع الصدمة وتدريجياً سيدركون أننا لسنا بأمان وأن علينا دعم هؤلاء الذين يقاتلون الإرهابيين" مضيفاً أن "التأييد الشعبي للحرب ضدّ الإرهاب سيزيد، مما يعني أن للهجمات نتائج عكسية على داعش في حال أراد من خلال ضرب إيران منعها من القتال".