التحدي في الموصل ليس هزيمة داعش بل ما بعدها

التحدي الأكبر في الموصل لن يكون هزيمة داعش، بل سيكون المهمة نفسها التي واجهناها في 2003 وهي ضمان الأمن واعادة الإعمار والأهم من ذلك إقامة الحكم الذي يمثل الجميع ويستجيب لتطلعاتهم.

ديفيد بترايوس

خلال الأشهر المقبلة، قوات من العرب العراقيين والكرد تضم سنة وربما عناصر ميليشيات شيعية ستدخل الموصل، وتطهر المدينة من متطرفي الدولة الإسلامية ومن ثم تبدأ العمل على إعادة السيادة والاستقرار والاعمار لواحدة من أكثر المدن والمحافظات العراقية تعقيداً.

لا شك أن الدولة الإسلامية ستهزم في الموصل. السؤال الحقيقي هو ماذا سيحصل بعد ذلك. وهل يمكن للجهد الذي سيلي سقوط داعش أن يحل النزاع حول العديد من القضايا وتحقيق الاستقرار الدائم لإحدى أكثر المحافظات العراقية تنوعاً وتحدياً؟

إن التحدي في الموصل ونينوى يكمن في تنوع الجماعات العرقية والمذاهب الدينية والقبلية وغيرها من العناصر التي تتألف منها هذه المحافظة.

إن احتمال القيام بعملية لتطهير الموصل تعيد إلى الأذهان تجربة ربيع 2003، حين دخلت الفرقة المجوقلة التي كنت أقودها، إلى الموصل وسط حالة من الاضطراب الكبير. مهمتنا الأولى بمجرد استعادة جزء من النظام، كانت في تحديد شكل وكيفية الحكم. 

في نهاية المطاف تمكنا من تأسيس مجلس المحافظة الذي تضمن ممثلين عن كل منطقة من محافظة نينوى وكل طائفة وكل قومية وكل عنصر كبير في المجتمع وكل قبيلة لم تكن ممثلة كما بالقدر الكافي.  لقد تمكنا من هيكلة تجمع انتخب مجلس المحافظة المؤقت. الأهم أنني كنت أملك الصلاحيات الشرعية والقوات الضرورية الداعمة لهذه الصلاحيات في حال كانت هناك حاجة إليها. كما أنني لم أكن متردداً في استخدام أي منها.

القوات الأميركية اليوم، كما هو واضح، تفتقر لهذه الصلاحية وللأعداد الهائلة من العناصر التي كانت متواجدة في العراق في 2003. لا شك أن قوات التحالف ستقوم بالكثير في الأسابيع المقبلة من أجل إلحاق الضرر بعناصر الدولة الإسلامية في الموصل بحيث قد تكون المعركة أقل حدة مما يخشى كثيرون. وبالتالي فإن التحدي الأكبر في الموصل لن يكون هزيمة داعش، بل سيكون المهمة نفسها التي واجهناها في 2003 وهي في ضمان الأمن واعادة الإعمار والأهم من ذلك إقامة الحكم الذي يمثل الجميع ويستجيب لتطلعاتهم.

الوسيلة الأفضل للقيام بذلك هو عبر مجلس محلي شبيه بذلك الذي أنشيء في 2003 ومن خلال عملية شاملة مشابهة. الأهم من ذلك يجب ألا تلعب الميليشيات الشيعية دوراً في الأمن والحكم ما بعد داعش. لأن نينوى والمحافظات العربية السنية الأخرى تفتقر لموارد الطاقة وما يمكن أن تشكله من نفوذ، كما أن نموذج الحكم الذاتي على غرار الكرد ليس خياراً قابلاً للتطبيق. مع ذلك فإنه سيكون على بغداد ورئيس الوزراء حيدر العبادي أن يكونا مستعدين لتقديم التزامات أكثر وضوحاً حول مستويات تقديم الموارد وربما منح المنطقة استقلالاً ذاتياً اكبر من خلال تحديد أولويات الإنفاق.

المهمة التي تواجه العبادي معقدة إلى حد كبير، لكن الطريقة الواحدة للمضي قدماً تكمن في مواجهة التحديات والعمل على بناء علاقات والضغط على الكثير من الأطراف المتباينة لإيجاد أرضية مشتركة حول المواضيع المختلفة بمساعدة التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.

إن العملية التي ستلي سقوط داعش ستكون صعبة. لكن مع سماح الولايات المتحدة بهزيمة داعش وتأمينها أكبر قدر من العناصر من أجل ضمان النجاح في ذلك وإعادة الإعمار، فإنه سيكون لديها إلى جانب شركائها في التحالف، تأثير كبير في حل هذه القضايا. وسيكون عليها أن تمارس هذا التأثير.


* ديفيد بترايوس: جنرال متقاعد في الجيش الأميركي. قاد قوات التحالف في العراق بين 2007-2008 وأفغانستان 2010-2011 وشغل منصب مدير وكالة المخابرات المركزية من عام 2011 إلى عام 2012. وهو شريك في أحد بنوك الاستثمار العالمية الكبرى.