بريطانيا تدخل مرحلة مجهولة من الإسلاموفوبيا بعد التصويت على الخروج
مجموعة Tell Mama لمراقبة العنف ضدّ المسلمين تعلن أنّ الحوادث قد ارتفعت بنسبة 326% في العام 2015 وتحذر من أنّ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد يزيد الأمر سوءاً.
أشار تقرير جديد إلى أنّ البريطانيين المسلمين يواجهون ارتفاعاً هائلاً
في الكراهيّة بسبب ديانتهم، وبات الكثير من النساء يخشين ممارسة النشاطات
اليوميّة. كذلك حذّر التقرير من ارتفاع نسبة التمييز العنصري بعد استفتاء خروج
بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وسجّل الاستقصاء السنوي الذي أجرته مجموعة Tell Mama لمراقبة العنف ضدّ المسلمين ارتفاعاً في نسبة الأحداث بلغ 326 في
المائة. وصرّحت مجموعة مساجد المجلس
الإسلامي في بريطانيا أنّها وثّقت 100 جريمة بدافع الكراهية خلال عطلة نهاية
الأسبوع فقط.
وأعرب الزعماء السياسيّون، بمن فيهم ديفيد كاميرون وجيريمي كوربين، عن قلقهم في
مجلس العموم يوم الإثنين. وقالت العضو البارز في حزب العمل هارييت هارمان “يبدو أنّ الكثيرين يعتقدون أنّه موسم
رفع الحظر عن ممارسة التمييز العنصري".
وعانت مجموعة الهجرة البولنديّة إلى المملكة المتحدة وغيرها من الأقليّات من اعتداءات لفظيّة عدّة في البلد خلال الأيّام الماضية. وأعلن مجلس رؤساء الشرطة البريطانيّة عن ارتفاع بلغ 57 في المائة في نسبة التبليغ عن الجرائم بدافع الكراهية على موقع إلكتروني للشرطة مخصّص لهذه الغاية. وسُجّل هذا الارتفاع بين يومي الخميس والأحد بالمقارنة مع الأيّام نفسها منذ أربعة أسابيع.
ويوم الاثنين، غرّدت سيما كوتيشا، وهي مراسلة لأفضل برامج راديو 4
توداي بروغرام (Todayprogramme)، أنّها مصدومة كثيراً بعد نعتها بوصف عنصري مهين وأضافت أنّها لم
تسمع هذه الإهانة منذ الثمانينيّات. بينما أشار تقرير Tell
Mama السنوي إلى أنّ الكراهية ضد المسلمين التي
تغذّيها الهجمات الإرهابيّة تعود إلى ما قبل استفتاء الاتحاد الأوروبي بكثير.
وخلُص الاستقصاء إلى أنّ من ينفّذ الجرائم بدافع الكراهية على الإنترنت هم ناشطو
اليمين المتطرّف. إلّا أنّ الكثير من الهجمات تحدث على أرض الواقع في المدارس
والجامعات والمطاعم ووسائل النقل العام. فقد ارتفعت نسبة الجرائم في المجتمع خلال
العام 2015 بنسبة 326 في المائة، أيّ من 146 إلى 437 جريمة.
وبحسب Tell Mama، فإن تأثير الوضع على النساء المسلمات، لا سيّما اللاتي يرتدين ما يظهر إسلامهن، بات في غاية السوء لدرجة أنّ الكثير منهنّ لا يستطعن ممارسة نشاطات الحياة اليوميّة.
وقال رئيس مجموعة "شاهد ملك"، وهو وزير سابق عن حزب
العمل: "نقف في مكان نجهله. وتشي الإحصاءات بتدهور الوضع جرّاء ارتفاع
ممارسات الكراهية ضد المسلمين على الإنترنت وفي المجتمع على حدٍّ سواء. كذلك
تُستهدف النساء المسلمات على الملأ بشكل غير متكافئ من أفراد جبناء يشجعون على
الكراهية. ويشير هذا الارتفاع الهائل في الكراهية ضد المسلمين أنّه على الرغم من
الجهود الهائلة التي نبذلها لمحاربة هذا النوع من الكراهية، لا يزال مجتمعنا يخيّب
ظنّ الكثير من مواطنيه".
وأضاف "في ظلّ استفتاء الاتحاد الأوروبي وما نشهده من ارتفاع كبير في الحوادث
الناتجة من التمييز العنصري، على الحكومة أن تعي أن الوضع قد يسوء كثيرًا بالنسبة
لأقليّات بريطانيا. وبالتالي نحتاج اليوم أكثر من أيّ يوم مضى إلى أن تتصرّف
حكومتنا وأحزابنا ووسائلنا الإعلاميّة طبعًا بشكلٍ مسؤول للغاية للانتقال بنا إلى
بريطانيا غير تلك قبل خروجها من الاتحاد الأوروبي، إلى بريطانيا جديدة ترفض الخوف
من الأجانب والكراهية رفضًا قاطعًا. وعدم إظهار الوعي القيادي الضروري في هذه
المرحلة الحسّاسة في تاريخنا قد يؤدي إلى عواقب وخيمة بعيدة المدى تطالنا
جميعًا."
وبحسب تقرير Tell Mama، تأثير الوضع الأكبر يقع على النساء اللاتي يرتدين ما يظهر إسلامهن. "فقدرتهنّ على الانتقال من مكان لآخر من دون خوف ولا قلق تتقلّص شيئًا فشيئًا بسبب الأحداث المحليّة والدوليّة."
كذلك نصّ التقرير على أنّ 61 في المائة من الضحايا في الحالات المسجلة هم نساء. كذلك ذكر التقرير أنّه كان يمكن التعرّف بوضوح على أنّ 75 في المائة منهن مسلمات بسبب حجابهن. وأشارت تقرير Tell Mama إلى أنّ النساء أكثر عرضة للاستهداف أو الاعتداء خلال استخدام وسائل النقل العام للوصول إلى وسط المدينة أو البلدة، أو خلال التسوّق. ووفقًا للتقرير، وقع ما يقارب 11 في المائة من الحوادث في المدارس والجامعات، وصُنّف 35 في المائة من هذه الحوادث تصرّفًا عدائيًا أو اعتداءً جسديًا. وطلبت Tell Mama من مكتب معايير التعليم “أوفستيد” وإدارة التعليم أخذ التصرّفات العدوانيّة والكراهية ضد المسلمين بعين الاعتبار خلال تقييم المؤسسات التعليميّة.
وتمّ الإبلاغ عن الكثير من الحوادث من قبل. ففي شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، حُكم على امرأة بالسجن مع وقف التنفيذ. فكانت أجهزة المراقبة على متن حافلة في لندن قد صوّرت هذه المرأة وهي تسيء إلى امرأة مسلمة حامل، وتتهمها بدعم داعش.
كذلك تشمل الضحايا سائقي سيّارات الأجرة. فأخبر رجل يدعى ياسر حسين صحيفة الإندبندنت أنّه نُعت بوصف عنصري مهين في 18 حزيران/يونيو، عندما ركن سائق آخر جنب سيّارته وأهانه.
وبحسب بيانات Tell Mama، يرتكب معظم الجرائم جناة تتراوح أعمارهم بين 13 و18، وأن هذه الإحصاءات تشير إلى أنّ " بعض المراهقين يصبحون أكثر تطرّفًا ويبتعدون عن الآراء السائدة بين أبناء هذه الفئة العمريّة الذين يتمتّعون بتوجّه يتقبّل التعدد الثقافي بشكلٍ أفضل."
وفي مجلس العموم يوم الإثنين، نعت كاميرون الهجمات العنصريّة التي استهدفت اللاجئين بعد صدور نتيجة الاستفتاء "بالحقيرة". ودعا عمدة لندن صادق خان أهالي سكوتلاند يارد بالتحلّي بدرجة أعلى من الحذر.
وقال أمين عام المجلس الإسلامي في بريطانيا د. شوجا شافي: "بعد أن باتت نتائج الاستفتاء معروفة، دعوت سياسيي البلد إلى التضامن ولحم الشروخ الناجمة عن الحملة. فنشهد في أيّامنا تداعيات ذلك من تقارير عن خطابات كراهية واستهدافات للأقليّات."
وأضاف: "يعيش بلدنا أزمة سياسيّة، وأخشى أن تؤثّر على السلم المجتمعي".