واشنطن قلقة من أبو مهدي المهندس
صعود قائد الحشد الشعبي يعكس الحقائق الجديدة التي تواجهها الحكومة الأميركية في العراق بعد انسحاب عشرات آلاف الجنود منذ أكثر من أربع سنوات. إذ إن وكلاء إيران الذين شكلوا يوماً ما الخطر الأكبر على القوات الأميركية أصبحوا شركاء في قتال داعش.
ومما جاء في المقال الذي
حمل توقيع نور ملص فإنه "منذ عقد من الزمن مارس العراقي المعروف لدى المسؤولين
الأميركيين باسم جمال جعفر ابراهيمي لعبة القط والفأرة مع القوات الأميركية. هارباً
من حكم كويتي بالإعدام بزعم تدبير التفجيرات في السفارتين الأميركية والفرنسية في
عام 1980، وضعته وزارة الخزانة الأميركية على لائحة الإرهاب".
"اليوم هذه الشخصية الغامضة المعروفة أكثر بالاسم العسكري أبو مهدي المهندس هي
القائد الأكثر تأثيراً في قوات الحشد الشعبي. مقاتلو الحشد يعترفون لابراهيمي بدوره
في إنقاذ بلدهم من هجوم أوسع لداعش بعد سيطرته على الموصل. هؤلاء يقولون "إن
الرجل ذا الشعر الأبيض البالغ من العمر ثلاثة وستين عاماً متواضع ومخيف في آن
معاً".
وفق "وول ستريت جورنال" فإن "صعود قائد الحشد الشعبي يعكس الحقائق
الجديدة التي تواجهها الحكومة الأميركية في العراق بعد انسحاب عشرات آلاف الجنود
منذ أكثر من أربع سنوات. إذ إن وكلاء إيران الذين شكلوا يوماً ما الخطر الأكبر على
القوات الأميركية أصبحوا شركاء في قتال داعش".
بحسب الصحيفة فإنه ليس معروفاً كثيراً في أوساط المسؤولين الأميركيين وحلفائهم
لكنها نقلت عن دبلوماسي غربي مقيم في بغداد حيث لإبراهيمي مقر في المنطقة الخضراء
بقرب السفارة الأميركية، استخدام وصف بذيء له. فيما قال الناطق باسم قوات التحالف
الدولي ستيف وارن عن المهندس "إنه إرهابي. هكذا نراه. لكنه هناك لذلك يجب أن
يحسب له حساب".
من جهة ثانية عرضت الصحيفة شهادات لمقاتلين ضمن الحشد الذين يرون في المهندس
"قائدهم الوحيد" رغم أنه رسمياً يشغل منصب نائب قائد الحشد الشعبي،
لافتة إلى أنه "اليد اليمنى في العراق للجنرال قاسم سليماني" وفق ما
يقول مسؤولون وقادة رفيعون في الميليشيا. وفق هؤلاء فإن "الإيرانيين يرسمون
الخطط للعمليات العسكرية التي يتولى ابراهيمي مهمتها في العراق بالإضافة إلى
موافقته على عمليات إرسال السلاح والذخيرة إلى فصائل الحشد الشعبي، وأضافوا أن
الرجلين شوهدا يجلسان سوياً في مراكز القيادة يراجعون خرائط للميدان العراقي.
"وول ستريت جورنال" رأت أن تحول ابراهيمي من مقاتل منفي في إيران إلى وكيل لها يملك نفوذاً في العراق يظهر كيف أن طهران ملأت الفراغ الأمني في المنطقة من خلال مقاتلين يتبعونها ايديولوجياً. وتابعت "إن خلفية ابراهيمي غامضة. بعض المسؤولين العراقيين قالوا إن اسم جمال جعفر ابراهيمي الذي استخدمه في العراق ليس اسمه الحقيقي أيضاً".
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين
أميركيين وعراقيين أنه رغم تاريخه في تنفيذ الهجمات ضد أهداف أميركية إلا أنهم لا
يعتقدون أن ابراهيمي ينوي أن يوجه مقاتليه ضد أكثر من 5 آلاف جندي أميركي يقودون
الحملة العسكرية ضد داعش في العراق ويساعدون الجيش والعشائر السنية. بيد أن هؤلاء
ذكروا بأنه ساعد على تأجيج العداء لأميركا وهو ما يزال يضع القوات الأميركية في
خطر. وفي هذا الإطار أشارت الصحيفة إلى ما يردده المهندس بأن "الأميركيين قد
يكونون يملكون السماء لكننا نملك الأرض".
"وول ستريت جورنال" لفتت إلى أن "الولايات المتحدة تتجنب التعامل
مع المهندس بشكل مباشر مع متابعتها لتأثيره واسع الانتشار"، موردة حادثة حصلت
الصيف الماضي حين "أرادت الولايات المتحدة تسليم أول طائرات أباتشي لبغداد في
قاعدة بلد الجوية. آنذاك لعب المهندس دوراً في إقناع مقاتلي ميليشيا شيعية كانوا
موجودين في القاعدة بمغادرتها".
من جهة أخرى نقلت الصحيفة عن مسؤولين في الأمم المتحدة أنهم في كثير من الأحيان
يحتاجون موافقة المهندس للمرور عبر الحواجز التي تسيطر عليها الفصائل التي تستجيب
له.
وخلصت "وول ستريت جورنال" إلى القلق المتزايد لدى الولايات المتحدة من
حجم وتأثير الحشد الشعبي مشيرة إلى رضوخ بغداد للضغط الأميركي من خلال تحييد
الميليشيات عن العمليات الرئيسية ضد داعش بما فيها الهجومان اللذان أديا إلى
استعادة تكريت والرمادي.