هل يحاول السعوديون توريط إسرائيل في حرب في الشمال؟

في ذروة جهود إسرائيلية مستمرة لحل لغز استقالة الحريري، قال مصدر استخباري إسرائيلي كبير للمونيتور في الأسبوع الماضي إن "هناك معلومات متناقضة عن ديون مالية". بعدها بأيام، في يوم الاثنين (13 نوفمبر / تشرين الثاني)، قال وزير إسرائيلي رفيع المستوى في المجلس الوزاري المصغر للمونيتور: "بحسب ما نعلمه، الحريري تورط قليلاً في مسلكيته مع السعوديين. إنه مدين لهم بالكثير من المال. من الممكن أنه وعد بتوفير البضاعة فيما يتعلق بحزب الله، لكنه لم يفِ بوعده. وفي مرحلة معينة سئموا".

في الجيش الإسرائيلي يعلمون أن المواجهة القادمة مع حزب الله، والتي يكاد يكون من المؤكد أن تنضم إليها سوريا المتعافية وإيران، لن تكون شبيهة بأي شيء سبق وحصل لغاية الآن

استقالة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري (4 تشرين الثاني / نوفمبر) فاجأت الإستخبارات الإسرائيلية أيضاً. اختفاؤه في السعودية جعل القضية أكثر غموضاً، ولشديد الحرج لم يكن لأحد في مؤسسة الإستخبارات الإسرائيلية تفسير دقيق، في الوقت الحقيقي، للأحداث المذهلة التي أصابت الشرق الأوسط بأسره على حين غرة.

في ذروة جهود إسرائيلية مستمرة لحل لغز استقالة الحريري، قال مصدر استخباري إسرائيلي كبير للمونيتور في الأسبوع الماضي إن "هناك معلومات متناقضة عن ديون مالية". بعدها بأيام، في يوم الاثنين (13 نوفمبر / تشرين الثاني)، قال وزير إسرائيلي رفيع المستوى في المجلس الوزاري المصغر للمونيتور: "بحسب ما نعلمه، الحريري تورط قليلاً في مسلكيته مع السعوديين. إنه مدين لهم بالكثير من المال. من الممكن أنه وعد بتوفير البضاعة فيما يتعلق بحزب الله، لكنه لم يفِ بوعده. وفي مرحلة معينة سئموا".

ورداً على سؤال حول ما إذا كان محتجزاً في السعودية بخلاف إرادته، أجاب الوزير الكبير "لقد وضعوا له على الطاولة مقترحاً لم يكن بإمكانه رفضه. طلبوا منه أن يقرر أين يقف".

مصادر أمنية إسرائيلية رفيعة المستوى في أحاديث مغلقة قالت إن لا نية لدى إسرائيل في التورط في حرب مع حزب الله فقط لأن التوقيت الحالي مريح للسعوديين.

وفي الوقت نفسه، لا يوجد لدى أي شخص في إسرائيل أدنى شك في أن الخطر الرئيسي الذي يهدد استقرار المنطقة وتصعيد قوي في المواجهة بين الحلفين الرئيسيين فيه يكمن في الجبهة الشمالية. إسرائيل لديها تطابق مصالح استراتيجية مع التحالف"السني" الذي يضم السعودية ومصر والأردن والإمارات العربية المتحدة وغيرها من الدول السنية.

سوريا ولبنان عضوان في التحالف "الشيعي" بقيادة إيران. في وقتٍ ما، في مكان ما، يمكن لهذين الحلفين الانتقال من حرب عصابات ومواجهات محدودة على هامش المنطقة إلى حرب يأجوج ومأجوج في صميمها. السعوديون كانوا مهتمين جداً بأن تقوم إسرائيل لصالحهم بالعمل القذر في هذا السياق. في إسرائيل، يتبين، ليس الجميع متحمسون.

وإسرائيل تمقت دور السوط. في الجيش الإسرائيلي يعلمون أن المواجهة القادمة مع حزب الله، والتي يكاد يكون من المؤكد أن تنضم إليها سوريا المتعافية وإيران، لن تكون شبيهة بأي شيء سبق وحصل لغاية الآن. المناورات التي يجريها الجيش الإسرائيلي في العامين الماضيين تشمل محاكاة تحرير وإعادة احتلال المستوطنات الإسرائيلية التي احتلها (سيحتلها) حزب الله لفترة وجيزة. قوة النيران المتركزة اليوم بيد حزب الله، بدعمٍ من الأسد وإيران، يمكن أن تخلق وضعاً لا يدفع فيه أعداء إسرائيل ثمناً باهظاً لدخولهم في مواجهة معها فحسب، بل أيضاً إسرائيل نفسها. هذا هو السبب في أن لا أحد في إسرائيل، خصوصاً بنيامين نتنياهو، سيسارع إلى إشعال الساحة الشمالية الآن والانجرار إلى أبواب الجحيم.

 

في هذه المرحلة، ليس لدى إسرائيل أي سبب للتعاون مع من يحاولون إشعال المنطقة. القوة العسكرية لإسرائيل تفوق وتعلو بكثير عدويها المباشرين (سوريا وحزب الله)، لكن قابليتها للإصابة مرتفعة. بعبارة أخرى، إسرائيل لديها فرصة للانتصار، لكن لديها أيضاً الكثير مما تخسره. الاقتصاد الإسرائيلي في طفرة غير مسبوقة، النمو سريع، والهايتك (التكنولوجيا المتطورة) تبلغ عنان السماء والسايبر يحلّق. كل هذا ممكن بفضل الهدوء الأمني النسبي. عندما ينتهي، إسرائيل ستجد نفسها في لعبة مختلفة تماماً، لعبة لا تريد أن تلعبها.