الأمم المتحدة تدين إدارة ترامب لتفاقم الفقر في أميركا
رد المقرر الخاص للأمم المتحدة بشأن الفقر المقدع على انتقادات المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هالي، قائلاً إن سياسات الحكومة الأميركية ستعاقب ملايين الأميركيين ذوي الدخل المنخفض.
تعرضت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لانتقادات لاذعة داخل أروقة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، الجمعة، بسبب تفاقم مستويات الفقر وعدم المساواة في الولايات المتحدة الأميركية.
وتم تسليم التقرير المتشدد عن حالة الدولة الأميركية إلى جلسة استماع لمجلس حقوق الإنسان يوم الجمعة من قبل مقرر الأمم المتحدة الخاص حول الفقر المدقع، فيليب ألستون.
وفيما تحول الآن إلى معركة كلامية بين الحكومة الأميركية والمراقبين الدوليين، رد أليستون على الانتقادات التي وجهت إليه الخميس الماضي من قبل مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هالي.
وكانت هيلي قالت إنه أمر "مثير للسخرية أن تنظر الأمم المتحدة إلى الفقر في أميركا"، متهمة ألستون بالتحيز السياسي وهدر أموال الأمم المتحدة بإجراء تحقيق لمدة ستة أشهر عن الفقر وعدم المساواة في أميركا، بدلاً من بوروندي والكونغو، وفق ما نقلت صحيفة "الغارديان" البريطانية.
ويأتي كلام هيلي إشارة إلى الزيارة التي أجراها ألستون للولايات المتحدة العام الماضي، لتقصي الحقائق بشأن حقوق الإنسان.
وفي المقابل رد أليستون على هيلي أمام وفود 46 دولة تجمعوا في غرفة لمجلس حقوق الإنسان، وقال: "عندما تفعل واحدة من أغنى البلدان في العالم القليل جداً تجاه حقيقة أن 40 مليون من مواطنيها يعيشون في فقر، فمن المناسب تماماً التحقيق في ذلك".
وأضاف: "الإعفاءات الضريبية الضخمة" التي روج لها ترامب (تزيد الأغنياء ثراء)، بينما تعاقب السياسات الحكومية الأخرى الملايين من الأميركيين ذوي الدخل المنخفض".
وأكد أن التناقض في الولايات المتحدة "مثير للاستغراب"، فالبلاد لديها 25 في المئة من أصحاب المليارات في العالم "ولكن في الوقت نفسه، فإن أكثر من 40 مليون شخص يعيشون في فقر!".
وأوضح في تقريره أن واحداً من كل خمسة أطفال في الولايات المتحدة يعيش في فقر، وأشار إلى أن من بين 40 مليون شخص يعيشون في فقر، فإن 18.5 مليون يعيشون في فقر مدقع.
لقد تم انتقاد إدارة ترامب في الأمم المتحدة في جنيف لتفاقم مستويات عدم المساواة في أميركا بشكل ملحوظ، وهي بالفعل الأكثر تطرفًا في العالم الغربي.
وقال أليستون: "لقد شاهدت مياه الصرف الصحي المتدفقة في حدائق الأشخاص الذين لا يستطيعون دفع 30 ألف دولار لأنظمة الصرف الصحي الخاصة بهم. وأضاف: "يجب تنظيف الخزانات، والحكومة بحاجة إلى التصرف".
وكان مثل هذا الانتقاد لأقوى دولة في العالم أكثر إثارة للانتباه بالنظر إلى الغياب الأميركي في الغرفة. وفي صباح ذلك اليوم، تمت إزالة الكرسي الذي يشغله عادة الوفد الأميركي إلى مجلس حقوق الإنسان في جنيف من الغرفة بعد قرار إدارة ترامب الثلاثاء الانسحاب من عضوية المجلس. فانسحاب الولايات المتحدة يجعلها البلد الوحيد الذي انسحب من المنظمة العالمية منذ تأسيس المجلس في عام 2006.
وقالت هالي إن قرار الانسحاب كان مدفوعاً بالغضب بسبب الانحياز الملموس ضد إسرائيل، وعن استمرار عضوية دول تنتهك حقوق الإنسان مثل فنزويلا وجمهورية الكونغو الديمقراطية. ولكن كانت أيضاً هناك تكهنات متزايدة حول ما إذا كان توقيت الانسحاب يرتبط بأي شيء مع تقرير أليستون العميق حول الفقر في أميركا.
وقد سأل كين روث، المدير التنفيذي لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، على تويتر: "هل من قبيل المصادفة أن تنسحب الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قبل يومين من دراستها لإهمال إدارة ترامب للفقر في الولايات المتحدة؟".
وبالانتقال إلى نتائج جولته في الولايات المتحدة ، أشار تقرير الأمم المتحدة إلى أن معدلات وفيات الأمهات بين الأميركيين من أصل أفريقي بلغت الآن ضعف ما كانت عليه في تايلاند. واستشهد ببيانات منظمة الصحة العالمية الجديدة التي تظهر أن الأطفال المولودين في الصين اليوم سيعيشون حياة صحية أطول من الأطفال المولودين في الولايات المتحدة الأميركية.
وفي حين وافق أليستون على أن الاقتصاد الأميركي يتمتع بفترة من النمو، قال: "لكن السؤال هو، من الذي يستفيد. إن فوائد النمو الاقتصادي تعود بشكل كبير إلى الأثرياء".
وقال إنه منذ عام 1980، ظل متوسط الدخل القومي قبل خصم الضرائب في النصف الأدنى من توزيع الدخل في الولايات المتحدة قد بلغ 16 ألف دولار فقط، في حين ارتفعت أرباح 1٪ من الأميركيين فقط. وأضاف: "بعبارة أخرى، يتحول الحلم الأميركي إلى الوهم الأميركي، الذي يصبح فيه الأغنياء أكثر ثراءً، والطبقات الوسطى لا تتحرك".
وقد حذر مراقب الأمم المتحدة من أن استمرار الفقر المدقع في الولايات المتحدة سيكون له تأثير على صحة ديمقراطيتها. وقال إن مثل هذه المشاكل الدائمة "تخلق ظروفاً مثالية للنخب الصغيرة لتدوس على حقوق الإنسان للأقليات، وفي بعض الأحيان حتى للأغلبيات".
وقد ردد اتحاد الحريات المدنية الأميركي هذا التحذير، الذي أخبر مجلس حقوق الإنسان أنه في ظل ترامب كانت الولايات المتحدة تعاني "من تآكل المشاركة السياسية. يتم حرمان الأشخاص الذين يعيشون في فقر في الولايات المتحدة بشكل ممنهج من حقهم في التصويت".
وأشارت جينيفر تيرنر من اتحاد الحريات المدنية الأميركي إلى أكثر من ستة ملايين أميركي ممن تم حرمانهم من حقوقهم نتيجة لتجريمات جنائية. على سبيل المثال، تم تجريد واحد من بين أربعة أميركيين من أصل أفريقي في كنتاكي، على سبيل المثال، من أصواتهم نتيجة لحرمانهم من حق التصويت.
ترجمة: هيثم مزاحم - الميادين نت