هل يدبّر مساعدو أوباما مؤامرة ضد إدارة ترامب؟
اتهمت مذكرة صادرة في عام 2017، التي تحمل عنوان "غرفة الصدى"، مسؤولين سابقين في إدارة أوباما بتقويض الإدارة القادمة للرئيس دونالد ترامب.
نشرت صحيفة "ذا نيويورك" الأميركية مقالة عن مذكرة تتداولها إدارة الرئيس دونالد ترامب حول غرفة سرية مؤلفة من مساعدي الرئيس السابق باراك أوباما تعمل لتقويض عمل الإدارة وتنسيق هجمات في الإعلام ضدها. والآتي ترجمة نص المقالة:
في أوائل عام 2017 ، استنتج بعض مستشاري دونالد ترامب أنهم يواجهون تهديدًا متطورًا مسؤولًا عن "هجمات منسقة" على الإدارة الجديدة. وقد وزّعوا مذكرة بعنوان "غرفة الصدى"، والتي قرئت كتحليل لضابط الاستخبارات العسكرية الأميركية لشبكة متمردة أجنبية. لكن بدلاً من أن تكون الشبكة من الأعداء في منطقة حرب بعيدة، كانت الشبكة الموصوفة في المذكرة تتألف من مساعدين سابقين للرئيس باراك أوباما.
زعمت المذكرة أن "البنية التحتية للاتصالات" التي استخدمها البيت الأبيض لأوباما للترويج لقانون أوباماكير الصحي وصفقة إيران أمام الجمهور نُقلت إلى القطاع الخاص، بعد أن أصبح المساعدون السابقون خارج الحكومة. وقد أطلقت على الشبكة اسم "غرفة الصدى" واتهم أعضاؤها بتشكيل جهد منسق "لتقويض سياسة الرئيس ترامب الخارجية" من خلال هجمات منظمة في الصحافة ضد ترامب ومستشاريه. وقالت المذكرة: "هؤلاء هم الموالون لأوباما الذين هم على الأرجح من بين أولئك الذين ينسقون إيقاع المعركة اليومي / الأسبوعي"، مضيفة أنهم على الأرجح سيشغلون "غرفة حرب افتراضية". وتسرد المذكرة أسماء بن رودس، نائب مستشار الأمن القومي السابق للرئيس أوباما، على أنه "من المحتمل أن يكون العقل وراء هذه العملية"، وكولين كال، مستشار الرئيس السابق للأمن القومي جو بايدن، "رئيسًا محتملاً للعمليات فيها". قال كل من رودس وكاهل في مقابلات إن هذه الادعاءات خاطئة وتوجد مثل هذه المنظمة.
المذكرة غير موقعة وغير مؤرخة، وقدم مسؤولو إدارة ترامب المطلعين عليها روايات متضاربة حول من قام بتأليفها وما إذا كانت قد نشأت داخل البيت الأبيض أو خارجه. وقال المسؤولون إنه تم تعميمها داخل مجلس الأمن القومي وأجزاء أخرى من البيت الأبيض في ظل إدارة ترامب في أوائل عام 2017. وقالوا إن المذكرة قد تكون لها صفحات إضافية. ورفض متحدث باسم مجلس الأمن القومي التعليق على الأمر.
وتظهر بعض نظريات المؤامرة التي تم التعبير عنها في المذكرة في وثائق داخلية من شركة استخبارات إسرائيلية خاصة قامت بجهد سري لجمع معلومات مدمرة عن مساعدين للرئيس أوباما دعوا إلى التوصل إلى اتفاق مع إيران. في شهر أيار - مايو 2017، زوّدت هذه الشركة "بلاك كيوب"، Black Cube ، عملاءها بالتعليمات وغيرها من المواد الإعلامية التي تضمنت نفس الأفكار والأسماء التي تمت مناقشتها في المذكرة. وتشير وثائق "بلاك كيوب" التي حصلت عليها النيويوركر إلى "رودس" و"كاهل"، بحجة أنهما كانا يستخدمان حلفاء لهما في وسائل الإعلام لتقويض إدارة ترامب. تستخدم وثائق "بلاك كيوب" مصطلح "غرفة الصدى" خمس مرات، بما في ذلك في وثيقة تصف توجيهات الناشطين باسم "التحقيق في غرفة الصدى الخاصة برودس / كاهل". وينص المستند نفسه على أن" رودس وكال يشتبه باستفادتهما من الوصول المميّز والمعلومات التي يؤمنها لهما ضد الإدارة الحالية".
وكشفت صحيفة الأوبزرفر البريطانية عن وجود العملية في أيار مايو الماضي، وحددت النيويوركر الشركة بأنها بلاك كيوب، وهي منظمة كان قد استخدمها هارفي وينشتاين لجمع معلومات عن نساء يتهمنه بالاعتداء الجنسي والصحافيين الذين يحاولون فضح المزاعم. وقد رفضت شركة "بلاك كيوب" الإجابة عن أسئلة حول من استأجرها لجمع معلومات ضارة عن رودس وكال، متذرعة بسرية العميل. وفي بيان، قالت الشركة إن "بلاك كيوب لا تتورط في السياسة، ولا علاقة لها إطلاقاً بإدارة ترامب، أو بمساعدي ترامب، أو أي شخص قريب من الإدارة، أو بصفقة إيران النووية. وليست الشركة على دراية بالوثائق المذكورة في هذه المقالة، ولا محتوياتها".
وأكد مصدر مطلع على العملية أن التحقيق مع رودس وكاهل كان جزءًا من عمل "بلاك كيوب" لعميل من القطاع الخاص في صناعة الشحن ، يسعى وراء مصالح تجارية.
لكن المذكرة، التي تم توزيعها على المستويات العليا في البيت الأبيض، تُظهر مدى عمق نظرية مؤامرة "غرفة الصدى" التي اخترقت الأعمال التجارية والسياسة، واقترحت توحيد المصالح بين عميل "بلاك كيوب" غير المعروف وأجزاء من إدارة ترامب.
ومن غير الواضح ما إذا كان أولئك الذين يقفون وراء المذكرة لديهم أي صلة بعمل شركة "بلاك كيوب". وظهرت الادعاءات ضد رودس وكاهل في المقالات التي نشرها موقع برايت بارت" Breitbart ومواقع الكترونية محافظة أخرى في عامي 2016 و2017 ، وغذّتها في أيار/ مايو 2016، نبذة (بروفايل) في "نيويورك تايمز" التي نقل عنها رودس باستخدام عبارة "غرفة الصدى" لوصف مسؤوليه ومسؤولين آخرين داعمين للاتفاق النووي الإيراني. النبذة عن رودس التي جمعتها "بلاك كيوب" نقلت عن قصة مجلة "نيويورك تايمز". (في مذكرات حديثة، قال رودس: "كل ما كنت أصفه كان الجانب الأكثر روتينًا في عمل الاتصالات. إحاطة الناس. نشر صحف الوقائع").
يبدو أن نظريات المؤامرة من هذا النوع قد ازدهرت في البيت الأبيض في عهد ترامب، الذي كان مقسما إلى فصائل تستخدم في كثير من الأحيان تسريبات إعلامية لتقويض منافسيها والتنافس على النفوذ مع الرئيس. أولئك في البيت الأبيض وبين موظفي مجلس الأمن القومي الذين تحالفوا مع ستيف بانون، الذي ترك موقع "برايت بارت" ليعمل كخبير استراتيجي رئيسي في إدارة ترامب، تصوروا المسؤولين السابقين في إدارة أوباما ومن يسمّون بالمتبقين (المهنيين المحترفين الذين بقوا في البيت الأبيض بعد تولي ترامب منصبه) كعقبات أمام المضي قدماً في جدول أعمال الإدارة وكمصادر للتسريبات المحتملة التي تهدف إلى تقويضها. وفي الاجتماعات الخاصة، قال حلفاء بانون في الصراع على السلطة، وبعضهم لديهم خلفيات عسكرية، إنهم كانوا متلهفين للرد عليهم.
تظهر وثائق "بلاك كيوب" تركيزاً مماثلاً على خطوط التواصل بين المسؤولين في عهد أوباما والصحافة. قامت الشركة بتجميع قائمة تضم تسعة مراسلين ومعلقين ادعت أنهم جزء من "غرفة الصدى"، بمن في ذلك جيفري غولدبرغ في مجلة ذا اتلانتيك، وماكس فيشر في صحيفة نيويورك تايمز، وأندريا ميتشل من قناة "إن بي سي نيوز". يوصف فيشر بأنه "دافع بشدة" عن الصفقة الإيرانية و"وضع نفسه في خدمة "غرفة الصدى" الخاصة برودس، بينما تم تحديد ميتشل في مرحلة ما بأنه "قناة لـ"غرفة الصدى" تلك. هؤلاء المراسلون رفضوا هذا التوصيف. وقال ميتشل: "إنها المرة الأولى التي أسمع فيها هذا الأمر، ومن الواضح أنه مثير للسخرية". وقال فيشر، الذي وصف الجهود بأنها "غريبة ومضللة": "لا أفهم حقاً ما الذي كانوا يأملون في تحقيقه". وفي رسالة بريد إلكتروني، أضاف غولدبرغ: "هذه واحدة من نظريات المؤامرة الغبية التي تدور في مدينة تغرق حاليًا في نظريات المؤامرة الغبية. "
كما جمعت "بلاك كيوب" قائمة تضم ستة صحافيين ومعلقين إضافيين وصفتهم بأنهم "قريبون من قنوات رسالة رودس". اقترب الفاعلون من أفراد مستهدفين للحصول على تصريحات ذات ضرر محتمل حول رودس وكاهل. واحدة على الأقل من تلك المحادثات، مع معلق موجود في القائمة، تريتا بارسيTrita Parsi ، تم تسجيلها سراً. استخدم العملاء أيضًا هويات مزيفة وشركات أمامية لمحاولة خداع الأهداف، بمن في ذلك زوجتا رودس وكاهل، في تبادل للمعلومات عن غير قصد.
تشير كل من المذكرة ووثائق "بلاك كيوب" في الصحافة إلى سيباستيان غوركا، نائب سابق لمساعد للرئيس ترامب. في قسم بعنوان "مزاعم غوركا"، أشارت وثائق "بلاك كيوب" إلى أنه كان معاديًا للسامية ومتحالفاً مع مجموعات نازية، والتي ذكرها رودس في تغريدة في إحدى المناسبات. (رفض غوركا هذه الادعاءات).
وتعرّف المذكرة مسؤولي إدارة أوباما السابقين الذين زعم أنهم في "غرفة الصدى" باعتبارهم "الأشخاص الذين قد يكونون وراء هجمات منسقة مثل الهجوم ضد سيباستيان غوركا". في وقت لاحق، تستشهد المذكرة بمقال كتبه كاهل في مجلة "فورين بوليسي"، والذي تساءل فيه عما إذا كان غوركا لديه تصريح أمني سري للغاية.
كما تدعي المذكرة أن مسؤولين آخرين سابقين في إدارة أوباما هم جزء من "غرفة الصدى". تم اختيار جيك سوليفان، المستشار السابق لهيلاري كلينتون وجو بايدن، كواحد من قادة "غرفة الصدى". والمسؤولون السابقون في إدارة أوباما هم تومي فيتور، ونيد برايس، وجون فافرو، وجون فينر، ودان فايفر، مدرجون جميعاً على أنهم "ضباط عمليات محتملين". وقد انتقد العديد من هؤلاء المسؤولين السابقين سياسات ترامب الخارجية، لكن رودس وكاهل قالا إنه لا توجد "غرفة صدى"، أو "شبكة"، أو "رئيس العمليات"، أو "غرفة حرب افتراضية". وفي بيان، وصف رودس المذكرة بأنها "جهد غريب للتحقق من صحة "نظريات المؤامرة في الدولة العميقة". وقال: "بالنظر إلى جهود ترامب الكثيرة لتخويف منتقديه وإساءة معاملتهم، من الجدير أن نسأل كيف تصرف البيت الأبيض والعاملون الخارجيون على هذه المذكرة الغريبة". وفي رسالة بالبريد الإلكتروني، أضاف كاهل قائلاً:" إن دور مجلس الأمن القومي هو تزويد الرئيس (بمعلومات) وتنسيق التعاون بشأن شؤون خارجية. وليس دور مجلس الأمن القومي هو إجراء تحليل للشبكة على النمط العسكري للخصوم المحليين. "
وقد نشرت صحيفة نيويوركر المذكرة المزعومة التي حصلت عليها في قائمة المقالة.
ترجمة: هيثم مزاحم - الميادين نت